منوعات أدبية

نص بعنوان: رسالة انتحار

للكاتبة:بتول خالد الشريفين
ها أنا الأن امرر أناملي على وجهي ، ذلك الوجه الذي لطالما قلت لي بأنه جميل ، مضيء كنجمة ليليّة بعيدة . لكنني الآن أراه قبيحاً ، قبيحاً جداً بشكلٍ فظيع ، للدرجة التي تجعلني غير قادرة على النظر اليه .
أثر الكدمات الزرقاء تغطي جسدي بأكمله ، بالأمس أشبعني أبي ضرباً لأنه علم أنني أُدخن ،كل ضربة أقصد كل علامة على جسدي تذكرني بنفس الدخان اللذيذ يتسلل إلى خلايا دماغي ، وضربني مرة أخرى شقيقي الذي يحرق عُلبتين من السجائر يومياً .
تنزلق يداي على جسدي المنهك ، أتلمس الكدمات المنتفخة ، أتعلم ؟ كم أن هذا العالم قبيح ، إنه بائس أيضاً ، يجعل منا بؤساء ، إنه لا يريد الاحتفاظ ببؤسهُ لنفسه ، يرغمنا على مقاسمته إياه .يوهمنا أننا أحياء وحقيقةً هو يجعلنا نتخبط سائرين بخطى ثابتة نحو الموت .
الموت ، كم مغرية تلك الكلمة ، أبسط الأمور في يومي تجبرني على الوقوع بحب الموت ، كم تغريني أخبار الوفاة ، أتخيل أسمي يحتل مركزها ، كثير منا يخاف الموت ، لكن لا نتوقف عن ذكره ، نحن نشاهد الموت في المحطات الإخبارية ، وعلى المواقع الاجتماعية ، ونتحدث عنه في المقاهي، وفي الجلسات العائلية ، من منا لم يفقد عزيزاً؟
نحن حتى في أوقات الحب الجنوني نهتف بفرحة “بموت عليك”!!!
من أخبرك أن الحياة جميلة والموت سيء؟
هل تسمي هذه الكدمات على وجهي بالأمر الجيد ؟
دعك من وجهي ،تلك اللكمات على صدري هل هي جيدة؟
هل تظن أن الإختناق اليومي والأحضان المزيفة والأيادي المبتورة والكتف المائل ستبعث بك حب الحياة؟
أنا آسف لحالنا فعلاً ، أنا ككل أمرأة شرقية ، لا أجيد الدفاع عن نفسي ، أكتم صرخاتي كل يوم ويزداد خزان الإكتئاب يومياً
هذا الاكتئاب أوصلني إلى هذه المرحلة ، نحن النساء نمتلئ حقداً من اللاعدالة ، كل يوم نستيقظ خائفين من كلمة” عاهرة” التي تتربص مجتمعنا ، جبروت النساء قُتل أمام جبروت المجتمع ، نحن نموت كل يومٍ مِئات المرات من العجز .

إقرأ أيضا:مذكرات مغترب

لا أريد الموت أنا لا أحبه ، أريد أن أولد ، أريد أن أُخلق من جديد ، أنا يا صديقي هذا العالم لم يعد يتسع لي ، أريد جناناً وأراضي واسعةً ، أريد أن أحيا ،

سيأخذني هذا الحبل إلى هناك ، هذا الحبل سيريحني من كل إختناق يومي ،

لا تقلق يا صديقي إن أحتجتني ستجدني بجانبك ، أو أتبعني إن شِئت

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
نصّ بعنوان:”المقهى رَقم 8 ، مقهى الذكريـات”
التالي
قصيدة مقتبسة من الشاعرة “سارة رائف”

اترك تعليقاً