مقالات ونصوص متنوعة

لكنه الله بقلم:نور أنس طيارة”خاطرة”

لكنه الله، جملة لن يفهمها الكثير، فالكثير يا بني جرفتهم الحياة!
 همس بهذه الجملة عجوز على أبواب عامه الثمانين، له ابتسامة لا تفارق وجهه الذي هشمته السنون وقضى التعب عليه.. بدت علامات التعجب تغزو ملامحي ثم أردفت قائلاً: -كلامك جميل يا جد، لكن اعذر خلايا عقلي الفضولي فقد رأيت فيها اختصاراً لثمانين سنة قضيتها، و أنا شخص أحب فهم ما وراء الكلمات فهل لك أن تنثر على هذا الشاب العشريني بعضا من حكمتك، لعل كلماتك يا جد تنقذني فأنا دوما أخطئ الطرق، فالطرق هنا متشابهة الشكل لكن كل منها يوصلنا لوجهة مختلفة، أليست تلك لعنة التشابه! و ما لشباب مثلنا لم يغلف عقولهم الوعي بعد أن يفرقوا؟! زدني يا جد من كلماتك فوالله إن الكلمات تشفي .. -يا بني إن اختلاف نهايات الطرق رغم تشابهها الذي تظنه لعنة، إنه ليس بهذا بل هو غاية خلقنا على هذه الأرض.. يابني إن الفرق بين عملين متشابهين أحياناً يكون النية، إن حسنت حسن العمل و إن ساءت ساء، إياك و عدم التلفت لهذه التفاصيل فهي من تحدد نهاية الطرق التي نسلكها، فهل كان الذين ضلوا يملكون سيارة تقودهم و بلحظة خاطفة من مسيرهم في الطريق الصحيح وجدوا أنفسهم في طريق مختلف بدون إرادة منهم؟ أم هي كانت تفاصيلاً ، انحرفوا شيئاً فشيئاً عن الطريق و في كل مرة كانوا يجدون حجة واهية صغيرة، حتى ذهبوا بأنفسهم إلى طريق غير الذي كانوا يقصدونه، أضاعوا أنفسهم بتفاصيل صغيرة لا ينتبه لها من لم يكن قلبه هو نور طريقه فالأضواء التقليدية لم تعد تنفع يا بني العزيز.. أما عن جملتي “لكنه الله!” فسأعيدها عليك مرارا و تكرارا فلأنه الله لا يتركهم يضلون من دون أن يرسل لهم إشارات على طول الطريق تحذرهم من الالتفات لهذه الحجج الواهية التي تخدعهم بأن تجمل لهم الطريق الآخر لينحرفوا إليه شيئاً فشيئاً و تميل قلوبهم إليه كي لا يشعروا فيذهبوا له بملء إرادتهم.. القلوب يا صغيري تصبح كالقناديل إن مالت إلى رب العزة جل جلاله ستنير لك الطريق و تفهم كل الرسائل الربانية في طريقك، اعلم أن الله دوماً معك، إن ضللت يرسل لك إشاراته(التي ربما تكون على شكل ابتلاءات) فقط لتعود إليه، لا تقلق الله لايترك أحداً، فاحرص على قنديلك مشتعلاً يا بني لترى بعين بصيرتك كل إشارة.. 
و لعل نصي هذا إشارة من الله لك
 

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
صرخة القدس بقلم:يزن ابراهيم الجخادبه”خاطرة”
التالي
ذاتُ أثر بقلم:حميدة العسّاف”نص نثري”

اترك تعليقاً