مقالات ونصوص متنوعة

لا بأس عليك بقلم: بلقيس_محمد “نص نثري”

لا بأس عليك…
هذا ما قالته لي بعينين حانيَتين، ربّتت على كتفي في الوقت الذي كان سؤال ” ثم ماذا؟ ” في عقلي كالقَيد الآسر لكل شيء.
سألتها كيف يكون التّحرر؟
قالت: أن تلِد نفسك كل مرّة، شخص بقلب طفل، عقل مستنير، وروحٍ شغوفة، بعملٍ دؤوب، يعني أن تكون كطفلٍ يضع رأسه على الوِسادة في آخر اليوم وهو مُتشوّق للقاء الغد الذي سيلعب فيه مع رفاقه، أو كمُسنةٍ لا تمِلُّ من ري أزهارها كل صباح، أن تكون مُتحرراً من قيود الوهم الآسرة التي يكبلها العقل الباطن بك، وتكون على أعلى درجات الجُرأة لمواجهة الحياة، كصغيرةٍ أبت إلا أن تركب أرجوحة ترتكزُ على قمة افيرست.
تتحرر حينما تعدِم معنى الخوف، ألا تخاف منك، إن خوف المرء من نفسه، كأن يضع المرء أحلامه على رف الانتظار، أن يُسيج قلبه بسياجٍ ضد الحُب خوفاً من أن يُهزَم، أن يَغِضّ البصر عن القمة ويسلي نفسه بالقاع خوفاً من شعلة الغرور، أن يُخفي ضحكة قلبه خوفاً من سلبه وصف رزين وإعطائه وصف أرعن أو سخيف، خوفك منك يعني أن تشِك في ذاتك، اعترافك باضطرابك وزعزعتك من الداخل، تحرُّر المرء تبدأ حين يقتلع الأحكام التي وخزها عبر الزمان، هي أشبه بالقيود الآسرة لكُل جديد منه، كحجابٍ يحول بينه وبين العالم، وما الخوف إلا صبارة تحمل شوك الأحكام المُوجع.
أخبرتها أن مخاض ولادتي من جديد سيكون طويلاً ربما، فقد مضَى خمسٌ وثلاثون عاماً من عُمري وأنا أُمسِك سوط الأحكام الذي صنعه بشريٌّ من فحوى باطنه الفارغ، وتحليله الفاشل وعاطفته الكاذبة الوهمية، لأجلد به نفسي خوفاً من أن يُسقِط ابن امرأة من قدرِي قطرة….

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
حب سقيم (الجزء الثاني) بقلم: آرام نمر الحراسيس”قصة قصيرة”
التالي
صرخة القدس بقلم:يزن ابراهيم الجخادبه”خاطرة”

اترك تعليقاً