مقالات ونصوص متنوعة

حرب البقاء، بقلم : مرام بدر الدين حماده

هذه هي الحياة
وُجِدنا على متنها بمهمة، نتسابق مع الزمن ….
منذُ كنا صغاراً خُدّج جاهدنا للخروج إلى الدنيا
ثمةَ آلامٌ جسيمة تحملها هذا الجسدُ الصغير في سبيلِ العيش ….
ألمُ ظهور السنِّ الأول، يليه آلااامُ الوقوع والنهوض في سبيلِ تعلم المشي؛
وما إن أصبح كلُ شيءٍ على ما يرام حتّى حُرمنا من مصدر طعامنا الأول فقد فُطمنا!!
يالصعوبةِ تلك اللليالي التي قضيناها بعيداً عن ثدييّ أمهاتنا، وكأننا كنا قد خُدعنا بجميعِ من حَولِنا لنحاولَ بعدها إعادة حساباتنا من جديد…. لنعتادَ الأكل وحدنا بعد أيامٍ من الجوعِ إضرابً، علَّ مصدرَ رزقنا يعود .
ثم يأتي وقت النظافه اللذي لم يكن بالحسبان يوماً بحجة أن نعتمد على أنفسنا في الدخول إلى الحمام ،لطالما اعتدنا على الكبار في ذلك فما بالهم الآن يصرخون ويضربون ويتأوهون!!!
ما إن تنتهي مرحلة العذاب تلك لندخل من جديد إلى عذابٍ أكبر؛ الحياةُ الأخرى الغريبه التى لطالما كنا قد خِفنا منها، ارتعدت أطرافنا عند خبر الذهاب إلى الحضانه إنها شيء مجهول لا بل مخيفٌ فعلاً،الأعتياد على أشخاصٍ جدد لم يكونوا لِيبالونَ صُراخنا او بُكاءنا عندما نريد شيئاً ، فهم أناسٌ يجيدون التعليم بطريقة غريبه!!!
يطلبونَ منا الجلوس وراء المقاعد، البقاء بصمتٍ وهدوء، أما اللعب والمرح فلا مكان له هنا…. الإستيقاظ باكراً كان أمرٌ سهلٌ علينا نحنُ بني الأطفال وماعداه فلا…..
بعد سنتين من الحضانه بين بكاءٍ مرير يوماً و عنادٍ واحتيالٍ بالمرض يومٌ آخر …..أظن أننا كبرنا وتقبلنا تلك الحقيقه المره لكننا لازلنا نناضل…..
 يومَ دخلنا الصف الأول بكينا
بكينا أولاً لأنّ المنهاج كان صعبا،ً والإملاء حروفها كثيرة وكلماتها معقدة، لكن تجاوزنا …..
كم مرةً بكينا من دروس الرياضات و دروس اللغة
حروبٌ خُضناها بأجسادنا الصغيرة
دموعٌ ذرفتها أعيينا البريئة
بعد ست سنواتِ في الابتدائية، و يوم تكريمنا بحفل المدرسة النهائي أخفينا حُزننا، ست سنوات مع أصدقائنا في نفس المدرسة كيف لنا أن نفترق الآن ؟؟
لم تكتمل فرحة نجاحنا بحزننا….
كم كانت قاسية تلك الحرب أيضاً ؛
دخلنا الإعدادية وكلنا أمل بعزيمةٍ اصطنعناها بعقلنا الصغير …..
كم تمر الأيام سريعة وجدنا أنفسنا في الصف التاسع كيف لنا حفظ منهاج كامل ؟؟
عشرات المرات قد أصابنا أكتئاب….!!
 في هذه الأيام لم نكن نحنُ الكبار لكي نتحمّل كلّ هذا ولا نحن صغارٌ لنبكي على أكتاف والدينا!!!
نحن في المنتصف فيا للمنتصف كم وكم أخافنااا …
مرّت الإمتحانات تجاوزناها ربما هي رهبة الإمتحان التي خلقت فينا تلك الحالات الغريبة .
ثم مرّت أيامنا كما تمر الساعات يوماً بعد يوم
ها نحن ذا في إمتحان الشهادة الثانوية تحديدُ مصير كيف لطفلٍ ابن البارحة أن يحدد مصيره ؟؟
ثمانية عشرَ عاماً من الحروب و النضال، والسقوط ثم النهوض، لكن أظن أن اختيارَ المصير هو الأصعب
كم سهرنا من ليالٍ، فكرنا، وسألنا…..
ثم بعد اختيار فرع الجامعة هنا تأتي المعركة الأقوى
ما كلّ تلك المناهج التي درسناها أهي قصصُ أطفال…
كل ما كنا نعرفهُ أعطونا إياه في أولّ محاضرة كمقدمةٍ لنبدأ……
الآن اختلفت الموازيين كلياً.
 الحرب اشتدت والعتاد قلّ فقد استنزفنا طاقتنا في السنين السابقة؛
البطارية أوشكت على النفاذ بقي خطٌ واحد وننطفئ
أكلُ هذا في سبيلِ العيش ؟؟؟؟
بعد أربع سنين حرب بين دراسة ورسوب، بين ييأس وفرح؛
نتخرج لنبدأ حربَ العمل،وإيجاد زوج/ة و بعدها همُّ أطفالنا ليعادَ السيناريو من أوله مع فلذاتِ أكبادِنا
دائما كنا نعارك لم نقف أبدا …
هذه هي الحياة لم نُولد فيها وفي فمنا ملعقةٌ من ذهب
ولدنا كي نُحارب…..
ربما لنكتسب صلابةً ونُوقن ” بأن لا عيشَ إلا عيشُ الآخرة “

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
تاجر النوادر، بقلم :موسى الملا
التالي
دموع في المهد، بقلم : آيات حريدين

اترك تعليقاً