مقالات ونصوص متنوعة

في عصر أمي، بقلم: معاني محمود الحاج عبد الله ” نصوص نثرية ”

في عَصْرِ أمّي وماقبلها كان على النساء المطالبة بتعويضٍ على سنينِ العمل المتواصل بلا مقابلٍ عاطفيّ مُرضٍ،
 وكان على الرجال أن يدفعوا لهنّ ضريبةَ رفاهيّة، إذ كانت رفاهيتهم الكاملة على حسابهنّ،
وكنّ غالباً لا يعلمْنَ بذلك!

 أمي مثلاً لا تجيدُ إلا العمل ،لا تعرف معنى للرفاهية، ولم تجربها مطلقاً،
 هي فقط ترى أثرها على أبي فتَسعَد، فيأتيها نشاط أكبر لتعمل أكثر،
لتبقيه مرتاحاً من عناءِ عمله ومايحدث له خارجاً، وبعد أن تقاعدَ أبي من عمله ومايحدثُ له خارجاً ظلّتْ تعمل !

إنها ليست كباقي نساء اليوم، لم تعتد أن تستيقظ على فنجان قهوةٍ وأركيلة ،وصوت فيروز لا يعني لها سوى أن الصباح قد حلّ!

  تستيقظ لتضع إبريق الشاي من فورها قبل أن تغسل وجهها حتى يسخن ريثما تغسله، فتَشْعُرُ بنشوةِ استثمار الوقت،

 الوقت الذي توفره لإتمام المهام المتبقية السخيفة بنظر الجميع والتي سيطيشُ حجرنا إنْ مرضتْ أمي يوماً، فلا نعرف بأيّ تفصيلٍ سخيفٍ منهم نبدأ يومنا؟!

 أتعجّبُ من نساء ذلك الجيل من أين جِئْنَ بكل تلك التضحية والحماسِ لفعل كل شيءٍ ليس من أجلهنّ، وقُدْرتِهنّ على المسامحة التي يُعجز عن إيجاد تفسيرٍ منطقيّ لها،

 أمّي تَقبلُ المليح والقبيح لترضي شعوراً معقّداً داخلها،تمتصّ كل ردودنا وتدفنها في جوفها، عجباً لهذا الجوف الذي لو فُتِحَ لوجدنا فيه تاريخاً من خلافاتنا ومشاكلنا التي نسيناها نحن، وتفنّنتْ بتخطيط تجاعيدِ وجهها

إقرأ أيضا:كيفية الحصول على تأشيرة زائر في كندا

#معاني
#عصر_أمي
#خاطرة

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
ما بعد الثانية عشر صباحاً، بقلم : غفران عثمان الشامي ” نصوص نثرية ”
التالي
أقلام في بقايا الليل/بقلم: شاهر الخضر بني صخر..

اترك تعليقاً