مقالات ونصوص متنوعة

لا تتجاهل خوفك، بقلم: لجين فاضل مقدادي الأردن”نصوص نثرية”

(‎لا تتجاهل خوفك)
 أنا انهمارٌ دافئٌ  في شرايينِ الكون أسري، وقد أكون في الوريد، كِلاهما سواء فقد باتَ الأوكسجين يخنُقني تماماً كثاني أكسيد الكربون، ليتني أتنفسُ شيئاً آخر !  كالأملِ مثلاً!.  قد نخافُ من الأمل لكنه أكثرُ ما نتمنى وأكثرُ ما يُذكرُ في كلامنا، ولكن في لحظة ما يأتينا بغتةً فنخافه، يأتي ويتربعُ أمامنا، يَضحكُ ويُسمِعُنا صوته، يَقتَرِبُ منا بِجسدٍ باردٍ وخُطى دافئة، هادئة ولا تلتفت، يقف على بابنا فيبعده خوفنا من خطوة واحدة تَجمَعُنا به، فيبهتُ انتظاره ويذوب مع انتظاراتٍ باهتة أخرى، نحن من لفّقناها لأنفسنا
 نحنُ ذاتنا الذين نسأمُ عند الفرصةِ التاسعة ولا نعرِفُ أنَّ العاشرة هي الصائبة، نحن ذاتنا الذين نكتُبُ خطَّة العمل بسخونة تُفوِّرُ الحبر وتجعله مضّاءً، ثُم نفرُّ عند أولِ مُهمة ونختفي بعدم خيبة جلبناها لنا، نحن ذاتنا من نقفزُ بِشغفٍ لأننا وجدنا خيطاً من ذواتنا الضائعة، ثم ننام بحزنٍ لا مبرر له ونفقد الروح وكل كلنا نستيقظ بنسقٍ اعتيادي سابقٍ وموحش، نحن من نتخذ قراراً صارماً بالمساء ويختفي أثرهُ مع ابتداء الفجر، نحنُ من نأتي بالحزن والخيبة لأنفسنا، ثم نجلسُ على قارعة الطريق نبحثُ عن مأوى للفراغ الممتلىء من كلِّ زاوية والرمال عالقة من كل تلك اللقاءات الناقصة التي تَخنقنا.
نتوقف فجأة عن البكاء وينقطع البلبل وبذات الزمن لا ينقطع، تبقى تبحث عنه، لكنك تائه كعطش ضائع عن بئر في جوفه، يبعثُ لنا مطراً يعبئُ واجهة نوافذنا بوضوح، نمدُّ أيدينا بارتجاف ونلتمسه، يثيرنا حباً، يفتحُ فينا باباً يَدلُّ على كل تلك المحطات السابقة، تلك المبتورة التي ظننا دوماً أنها مضت، لكنها عالقة جداً وأنت عالق معها في خوف مختبئ، بِهمتكَ وطاقتكَ التي تبعها للمحيط 
من كان يدري أن عليك مدَّ ذراعيك بقوة أمام المطر ولا تخافُ رطوبته ولا برودته على مسامك! .
 تمسكنا بالمهمام والقرار والشغف، تبدأ بالقرب منه، تتنفسه رويداً رويداً كأن تكون نبضة في قلبِ غيمة مفعمة بالمطر، كأن تتهيم بالألوان والتفاصيل الى الحدود التي تجعل عيونك تحمل طيف الألوان، ومع كل لحظة عين تراها خضراء كأطراف السماء أو زرقاء كما وراء الشجر، مرةً تصبح بلون التراب ومرةً بلون المطر، كأن تخرج كل يوم من اللامكان الى مكانٍ آخر، كأن تكون جاهزاً ليوم من ثمانين ساعة أو لشمسٍ مباغته في منتصف الليل، حولك ماءٌ جافٌ يغرقك وحزمة مشرقة من الضوء الباهت ، كأن تبتسم لكل من مر على بابك، وتغلق عينيك كل ليلة متسالماً مع شخصك ونفسك.
“أن تضيء شمعة خيرٌ من أن تلعن الظلام “
تذكر !
أن تلك المحطات لن تمضِ، لا زالت موجودة ولن تتجاهلها، وأنك لن تمضِ بشكل حقيقي دون الوقوف أمامها وأن تمسكها بيديك لا أن تتخيلها كسراب سابق اجتزته أن تراها لتكمل بعد أن تجتازها حقاً ، لا أن تقف عندها ويكمل ظلٌ يشبهك عنك هذا المسير ، لا تتجاهل خوفك .

إقرأ أيضا:روحي في كل بلدي، بقلم : سماء وليد العيسى”نصوص نثرية”

د. لجين فاضل مقدادي

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
طريقة عمل الساليزون في المنزل
التالي
حشوات مختلفة للسندوتشات

اترك تعليقاً