مقالات ونصوص متنوعة

روحٌ عالِقة في سماءٍ سابِعة، بقلم : غفران عثمان الشامي ” نصوص نثرية”

#روحٌ عالِقة في سماءٍ سابِعة

مرحباً!
كيفَ حالُكِ يا أنتِ؟
ما لونُ الغيابِ في قَلبكِ؟
أسوَدٌ كما عَينيكِ؟
أحمرٌ كَعِتابنا الأخير؟
هل تَمكَنتِ من إفراغِ ذاكرَتكِ منّا؟
تابَعتِ صَمتَنا الأخير أم محاهُ كلامُ عابِرٍ آخر؟
هل أزالَ آثارَ أنامِلي من ملامحكِ أم تَولتْ مساحيقُ التَجميل المُهمة؟
بالأمسِ يا صَغيرَتي اصطَحَبَني المَطرُ مساءً تَحتَ نافِذَتكِ المُظلِمة
وحَمَلتني الغيومُ على مَتنِها لأُزيلَ بعينَيّ غبارَ الغياب وأُشعِلَ فَتيلَ الشوقِ في قَلبيَّ البَعيد
كُلُّ شيءٍ في مكانِهِ كآخرِ لقاء
لطالَما كانتْ مَسكَنً لِقلبَينا ومسرحاً لِعشقِنا
تَحملُ على جُدرانِها ملامِحنا القديمة
وتَحتَضنُ في زواياها كُلَّ الهدايا التي تبادلناها، جميلٌ أنّ أمّي أعادتْ ما لكِ إليكِ.. و في الركن القريبِ من سريركِ لوحةٌ رسمتُها لعناق أيدينا.. و ها هو اسمي يقفُ دون تعبٍ منذ تسع سنوات!.
ألمْ تتغيري يا شقيّة؟ أم أنّكِ تركتِ البيت و رحلتِ؟ لا، لم تفعلي فلا غبار يشي بالرحيل، كيف تحافظين عليّ و أنا حتّى جسدي تركته؟.. في لحظة صمتٍ تأمّليّة فتحتِ الباب و دخلتِ للغرفة، و سرتْ القشعريرةُ في هيكلي كَروحٍ قديمةٍ عادتْ إليَّ، خلعتِ على عجلٍ معطفكِ الذي اعتصرَ ماء مطرٍ، واتجهتِ نحو النافذة تفتحينها، ألم ترتوي بعدُ يا حبيبة؟..
سمعتُكِ حينها تقولين:
“إلهي أمطر سماءك أكثر فأكثر، ملاكي مشتاق و ها أنتَ تردُّ على الأشواق”.
سألتُك: كيف عرفتِ أنّي مشتاق؟، و خلتُكِ تجيبين على السؤال بقولكِ: أؤمن أنّكم تستيقظون في ذاكرتنا عند الاشتياق بشدّة.
سحبتِ الكرسيَّ الوحيد في المكان، و جلستِ أمام النافذة تراقبين السماء و أنا و السماء نراقبكِ، لم تَعُد عيناكِ جميلتان بل آسرتان أضفى الحزن عليهما رونقاً ساحراً لذا لن أعتذر على الغياب، بل سأخافُ أن يغرم بهما أحد فأنا أنانيٌّ فيكِ، لكنّي أتيتُ اليوم لأشعرَ بالحُبِّ و رعشته اللعينة تلك التي لا تنتابني سوى بالقرب منكِ، أتشعرين الآن مثلي؟ أرغبُ بأن أحتضنكِ و نجعلَ جسدنا واحداً، أن أموتَ مرّةً أخرى بقبلةٍ على شفتيكِ.. أن نضحك معاً و نكتب من جديد للذاكرة، للعشق و للحياة!.. تمنّيتُ أن يعود الزمان للوراء كثيراً لأعود معه و أقعَ في حبّكِ مرّة ثانية و ثالثة و عاشرة..
كنتُ أخفي صوتَ قلبي الباكي و إذ بكِ تبكين معي سألتُ الله أن يمنحني يداً لأمسح دموعكِ و أخرى لأمسكَ يدكِ.. ناشدتُه أن يعيد إليّ صوتي فكلّ الكلامِ يئنُّ كجرحِ يدكِ ذاك، و لو كان لديّ حبالٌ صوتيّة لأخبرتُكِ أنّكِ الروح و كلّ الصلوات، أنّكِ لا تغيبين عن عيني مهما غبتُ، حتّى إن سكنتُ سابع سماء.. يا أنتِ التي كانت أنا لم يَهُن عليّ وجعكِ.. لم تَهُن عليّ الذكريات.. كُلُّ الذي هانَ عليَّ هوَ الحياة.

إقرأ أيضا:رسائل حب للمتزوجين – رسائل حب للزوج قبل النوم

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
طريقة حماية الشعر من التلف الناتج عن الحرارة
التالي
قدر متقلب ، بقلم : نماء محمد اسماعيل عبد الرحيم

اترك تعليقاً