مقالات ونصوص متنوعة

مقال عن فتاة بلا أجنحة بقلم نانسي الكسواني (نص نثري)

مقال عن فتاة بلا أجنحة بقلم نانسي الكسواني (نص نثري)

كوردة على جانب الطريق، بعيدة عن أقرانها، متناثرة أجزائها، متصلبة أغصانها، تذروها الرياح لِتغدو وحيدة يتيمة بلا أم وأب، كطائر فقد جناحيه،  هكذا خرجت إلى هذه الحياة .
تعودت أن أكون بمفردي، أن أبحث عن سعادتي رغم صعوبتها إلى أن تلاقت قلوبنا وأصبحت نبضاتها واحدة، لحظاتي لا تمر دون رؤيتك كأنّ أعيننا تراقب بعضنا البعض .
ضحكاتنا تصدح بالأماكن والفرحة تغمرنا، وآن أن يجتمع الحبّ بيننا ويدق بابي؛ لأرتدي فستاني الأبيض
نبضات قلبي تتسارع، ها هي فرحتي المنتظرة، ها أنا على مشارف التجهيزات أنتظر أن يدق بابي، اجتمع الجميع لِتبدأ مراسم مطلبي، وابتسامتي هي الحاضرة، أصبحت أراقب الساعة بالدقائق والثواني لا بل بجزء من الثانية، وهنا دُقَّ الباب، أتت اللحظة المنتظرة وأعيني تراقب قدومه بلهفةٍ عارمة، ونبضات قلبي بدأت بالخفقان، فُتِحَ الباب وهبت العاصفة لِتُكسِّر أغصاني، وتشتت أشلائي، لم يكن هو، اعتقدت أنّه ضيف عادي لكنه كان يحمل الخبر الذي سيقلب حياتي رأسا على عقب، جاء الخبر الصادم أنّ من مسك بيدي وجعلني أستند عليه اليوم لم يكن موجودا، أنّ من أحببته ذهب لِيدق باب أحد آخر، أصبحت أنفاسي تتقطع، الرؤية مشوشة، لم أعد أرى شيء، عقلي لم يستوعب ما قيل، أردد: لا لا هو لا يفعلها، تواعدنا ألا نفترق، تواعدنا أن يكون هذا اليوم المميز لكلينا.
لم أتمالك نفسي استيقظت وأنا بين الجدران، انهيار عصبي لم يتحمل عقلي ولا جسدي، هل الصراخ يعيد ما فات؟! أشعر بالبرودة وكأنّني لست على قيد الحياة، أرى من بعيد أشخاص يقتربون مني ويدفعون بي رغما عني إلى مكان آخر مكان حيث لا وجود للعقل فيه أنّه المصحة النفسية.
ألقوا بي حيث جروحي تنزف، تركوني بمفردي مع صعقات الكهرباء مع برودة المكان، إلا إنّها لم تكن ببرودة جسدي، أتمنى لو لم أكن بعقلي فعلاً؛ لِئلا أتذكر ما حدث بي.
وها هي الأيام والشهور تمر وجروحي لم تلتئم، أشعر بأنّني أطلب المساعدة ولكن لا أحد يستجيب، لا أعلم إن كان ذاك يعني أنّ لا أحد يسمعني أم أنّني بكابوس لا ينتهي.

إقرأ أيضا:معلومات غذائية عن بذور الكينوا

وجاء يوم خروجي من ذاك المكان، لم أعلم هل فعلاً أود الذهاب؟! هل سيكون هناك أحدًا كهذه الجدران يسمعني؟! هل يوجد كهذه الصقعات تنسيني وجعي؟!

أعلم أن لا أحد ينتظرني خلف هذا الباب، ومع هذا ما زلت أعدّ خطواتي إلى أين لا أعلم، أردت أن أبحث عن بداية جديدة تجعل ما تبقى مني يستمر بالحياة،
كطائر تائه يبحث عن المأوى بين أغصان الأشجار لم أجد أحن من قبر أبي وأمي، بكيت بأعلى صوت لديّ لِمَ لَمْ أكن معكم؟! لِمَ منذ ولادتي الوحدة هي صديقي الوفي؟! آهات وأوجاع بكلّ مكان.

شعرت بارتياح يرتادني أكملت المسير لِتبدأ حكايتي، بدأت أجبر نفسي على الاعتياد وأنّني سأكمل رغم الصعاب، واستمر الأمر كذلك وشعرت بالقوة التي ستعطيني الوقوف من جديد، إلى أن جاء وجع رأسي غير المحتمل اعتقدت بالبداية أنّه وجع عادي وسينتهي عما قريب، بدأ الوجع بازدياد فُجِعْتُ بإصابة دماغي بورم خبيث، وعدت إلى الجدران مجددًا مع صديق آخر أنّها الأجهزة من كلّ مكان، هذه المرة لم أبكِ كما السابق؛ لأنّني اعتدت أنّ ليس لي مكان بهذه الحياة قبل أن أخلد للنوم.
جاء خبر أنّه جعل اسم ابنته كاسمي، هل هذا يمحو ما فعلته بي؟! هل هذا ينسيني آلامي وأوجاعي؟! كلّ ما أتمناه أن لا تلتقي بشخص كأبيها.
كم تبقى لي؟ أأيام أم ساعات؟ لكنّني سعيدة سألتقي بأمي وأبي حيث طال الانتظار.
لحظات تمر بحياتنا ‏كقطار لا نعلم أين وجهته ومسيره، إلى أيّ محطة سيصطحبنا أم أنّه سيتوقف دون مسير، وهنا ستكون النهاية أشعر بضربات قلبي تكاد تختفي، وببرودة تجتاح جسدي، وداعًا أيّها الجدران.

إقرأ أيضا:طريقة عمل رز بالخضار

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
من هو خطيب الأميرة إيمان “جميل ألكساندر ترميوتس”؟
التالي
لماذا سمي يوم التروية بهذا الاسم

اترك تعليقاً