مقالات ونصوص متنوعة

يوميات ،بقلم : رناد خالد شاور ‘نصوص نثرية

يومياتي مع ساعة الصِفر بين ساعةٍ و ثوانيها.. في ذاك اليومِ استيقظتُ على دقة ساعةِ الحائط، توسدني شعور الإختلاف الرهيب في ذاك اليوم ، امرٌ مُريب على ما يبدو أن هذا اليوم سيبدأ بسوداويةٍ سرمديةٍ مُهيبة، ترجلتُ من سريري مُقبلةً لغرفةِ المعيشة لـ أشاهد التلفاز مُمعنةً بهِ النظر، “نظرات رُعبٍ أرتدت ملامحي ودهشةٌ فزع منها قلبي ” ما الذي قد حلّ، هل دقت ساعةُ الصِفر؟ حان موعِدُنا مع هذا السِقم؟ حتى تغدوا حياتنا مجرد دقات كالساعةِ في الحائط؟ ننتظر ونتأمل بفارغِ الصبر، الخبر الصادم أو البشرى. كنا كفعلٍ ماضٍ لن يتكرر، وعالمٍ يتدنس، اقتصاد يتدهور و ايامٌ تذعب حيثُ الغموض، أصبحنا نُعاني من الشتات أثر التهاون والتكاسل عن جثام أعتبرته دول العالم أجمع، وباءٌ فتاك سقمّ لا ترياق لهُ، نقمةٌ تسببت بمحنه بدأت بالتدرج كمثلِ الساعة من الثانية عشر “ساعة الصفر” وكأن كل ساعة فيه كالرقم الفتاك ،أصبح المرضى بالملايين والجثث جمّا بالأرجاء، آفةٌ فتاكة مهلكة. حتى بدأت أنهارُ عيني تجري على وجنتي، نازفة كجرحٍ لا يكاد يلتئم، فإنا لست بروح تسحق الحياة أن لم أتحدث عن العالم وانحسرت بالحديث عن وطني “الأردن”، كورونا الذي رأى العالم أنه مجرد وعكة بسيطة لا تصيب الا أصحاب المناعة الضعيفة ولايهلك من يحتمي متناسين أنه سريع الانتشار في أيدي المتخاذلين، عن الحزم والجدية في مكافحتهِ حتى تذهب بهم إلى العدم هذا ما تغلغل داخل عيني من تلك الشاشة الصماء الباكية من هلاكه هذا المرض، رأيته أثناء مشاهدتي لأحداث العالم وفي مساء تلك الليلة القاتمة انتشر السحاب السوداوي الممتلئ بالدموع في سماءِ وطننا لتخبرنا أنه قد وصل بواسطة دموعها المتساقطة كسيلًا مندفع كان هذا السيل وزير الصحة “د.سعد جابر”، أنبأنا أن طامة ساعة الصفر قد وصلنا همستُ في نفسي الهلاك مصيرنا إذا لم يكون الوعي حليفنا حينها صور لي عقلي ذلك الفيروس كالمناوئ الصامت، كذلك المُبيد للبشرية، وأن الحياة ستتوقف وأن هذا الخطر أخطر من أي عدو فهو بسلاح ذو حدين حد الاعتلال الشديد للشباب وحد الهلاك للمسنين أردف جلالة سيدنا بعد خطاب الدكتور سعد الذي أخبرنا عن االإصابات، ويا أسفي على وطني، أن الأردن لا يهمه أي خسارة إلا خسارة واحدة وهي أنت أيها المواطن. وهاهنا بدأ قلبي بالمُناجاة، و روحي بالمناداةِ لا حيلة لي سوى الدعاء والانتظار لحين الخلاص من هذا الفيروس اللعين اللئيم لن انسَ أبطال هذه الحكاية وأشخاصها المتواضعين و أول جنودها جلالةِ وذوية، كانا كمثال على الجند المجند في كل آن وأوان و جهودٌ تثمن الوزارات جميعها بحذافيرها، ول انسَ مثابرةٌ كبرى بذلت، وتعبٌ تحت التراب ردمَ ،نفوس أبناء الجيش الأبيض الكادر الطبي العظيم التي أنهكها السهر، ونفوس أبنائه الأخرى كانت كأنها حجر، كأن أذانهم صماء لا تسمع إلى أيّ حال قد نصل، مشقةٌ بذلت وأذبلتْ شبابًا قد بان عليهم المشيبَ، أعمار بدأت ترهق وأمالٌ بدأت تزهق، تلك حكايةُ الوطن بعد كل ما حصل، إنها حكاية لوطن جنوده أطباء قبل جيش، سلاحه قناعًا للوجه وملابس وافية ونظارات للحماية وقفازات من أجل البقاء، واجبك أنت فقط أنت تلتزم المنزل .. باتت الأحوال كالحول الواحد، والحول كالشهر أصبح، والشهر وكأنه أسبوعٌٍ واليوم أوشك أن يكون كالساعة ،والدقيقة كالثانية، لم يتبقى في هذا الدقات إلا ساعة الصفر وهي ساعة كورونا ، النصر قريب لا محالة على عدو العالم البغيض الصبر والتلاحم باالله أيها المأسور لا بد من مجيب.

إقرأ أيضا:نص نثري بقلم غنيم

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
فضفضة قلبية ، بقلم : لينا مازن الطريفي
التالي
“امرأة مليئة بالمأساة” بقلم : دانيه محمد أبوسعدة/ الاردن “نصوص نثرية”

اترك تعليقاً