دَقّت السَّاعَة الثَّانِيَة عَشْرَة صَبَاحًا، يُحَرِّكُ عَينَيْه تَوافُقًا مَع حَرَكَة عَقَارِبِ السَّاعَةِ وَهِيّ تَلْهَثُ يَمِين يَسَار، يُفَكِّرُ بِمَا يَؤوّلُ إِلَيْهِ الْمَصِير، هُنَاكَ ألْف سُؤال يُبَادِرُ ذهنه لَكِنْ لَا إِجَابات، رَأسه كَادَ يَنْفَجِرُ بِمَا يَحْوِيهِ، خَائِفًا قَلِقًا بِوِحدَتِه، لَمْ يَعْتَدْ هَذَا الْحَال لَكِنْ حَدَثَ مَا لَمْ يَتَوَقَّعه، يَتَسَاءَل مَاذَا حَدَث ؟ كَيْفَ وَصَلتُ هُنَا ؟ يَتَلَفَّتُ بِالْأَجْوَاءِ لَمْ يَكُنْ سِوَاه وَلَوْ صَرَخَ لَسَمِع صَداه،، يُصَارِعُ مِنْ أَجل الْبَقَاء، يَتَذَكَّرُ حَياته الْيَوْمِيَّة السَّابِقَة كَيْفَ كَانَتْ، كَمْ كَانَ مُخطئ حينما ظَنَّ أَنَّهَا أَشْيَاء لَا تُسوَّى، أَيقَن أَنَّ عَمَله رُغمَ مَا كَانَ يُوَاجِه مِنْ صُعُوبَات فِيه جَمِيل وَلَا يُمَل، تَذَكَّر فَوْضَوِيَّته فِي الْخُرُوجِ مِنَ الْمَنْزِل كَمْ أَصْبَحَ يَشْتَاقُ إِلَيْهَا، الصّور فَقَطْ الْآن تَجمعهُ مَع مَنْ يُحِبّهُم، لَا مَجَال لِلّقيَا ! يُفَكِّرُ بِأهْلِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ زَمَنٍ مَضَى، هَلْ مَا زَالُوا بِخَير ؟ هَلْ يَشْتَاقُونَ لِي ؟ هُوَ حَزِين عَلَى حُزْنِهِمْ عَلَيْه، لَا يُرِيد لِأحَدٍ أَنْ يَتَأَذَّى بِسَبَبِهِ، يَحْلُمُ فَقَطْ أَنْ يَنْتَهِي الْكَابُوس دُونَ أَنْ يُنْهِي عَلَى حَيَاةِ أحَد، رُبَّمَا تَمَنَّى أَنْ يَكُونَ وَحَيدًا بِلَحْظَةِ غَضَب مَضَتْ لَكِنْ لَمْ يَقْصِدْ أَنْ تكُون وِحدَتِه عَلَى هَذِهِ الشَّاكِلَة، لَكِنْ لَا يَسْتَطِيعُ تَغْيير مَا حَدَث، فَقَرَّرَ أَنْ يَنْظُر لِمَا حَصَل بِإيجَابِيَّة، أَزَالَ الْيَأْس مِنْ رَأْسِهِ، أَشَغَلَ وَقته بِمَا هُوَ مُفِيد، وَاثِق بِأَنَّهُ سَيَنْجُو وَسَيَعُودُ بِأفْضَلِ حَال، إيمَانًا بِأَنَّ اللّه سيَأْتِي بِالْخَير، وَأَنَّ لَا بُدّ لِلْكَابُوسِ أَنْ يَزُول وَتَعُودُ حَيَاته لِطَبِيعَتِهَا وَسَيُحَقِّقُ مَا تَمَنَّاهُ يَوْمًا مَا، بَدَأَ يتناسى مَا أرْهَقه وَمَا مَرَّ بِهِ مِنْ أَلَمْ لِكَيْ يَتَخَلَّص مِنْ فيروس لَمْ يَكُنْ سِوَى كَابُوس..
إسراء يوسف مصري
فلسطين
Comments
0 comments