مقالات ونصوص متنوعة

لم أعد أنا، بقلم : آرام العمر ” نصوص نثرية”

لَم أَعُد أَنا”   
مطرٌ غَزير،ظلمَة خافِتة بينَ الضوءِ واللاضوءْ، بردٌ قارِص، بَرقٌ وَرعد يكادُ أنْ يُلامِسَ دقاتَ قَلبي ، على ضوءِ الشمعة، دُموعٌ جافة، أكتُبُ بينَ الوعي واللاوعي، يدانِ ترْجُفان، تكادُ خَلايا عقلي أنْ تنفَجِرَ مِنَ التفكير ، وَتِلكَ التَّفاصيلِ الباهِتَة، حيثُ الخيالِ والتزاحمْ، القُّوَة والخَوف، الفَرح والحُزن، المُبالاة واللامبالاة، العزمِ والكسل، التَّرَدُّدِ والثِقَة.
11.2.1999
يَوْمَ ما انقَلَبَتْ حَياتي رَأساً على عَقْب. وَأصْبَحت أبسطَ أحلامي الموتَ بِسلام… يَأتي صَباح كُلَّ يوم لِأرتدي قِناعَ السَّعادة وَأختَلِقُ البَسماتِ الزائِفة… وبداخِلي مُحَطم. مُحَطمٌ تماماً! 
كُنتُ أَراها… نعم كنتُ أراها كلَّ يوم تأتي لِزيارَتي تَقِفُ بعيداً وَتُحَدِّقَ بي.. كنتُ أسْتَمِعُ لِخُطواتِها كَيفَ تَقتَرِبَ مني، كانت تُفتَحُ النَّوافِذَ لِوَحدِها، تَهِبُّ الِّرياح، تَبدَأُ دَقّاتَ قَلبي بالتَّسارُع، وَأشعُرُ بالصُّداعِ الشَّديد، وَحِواراً يَدُورُ في باطِن عَقلي، تَوَقَّفي.. تَوَقَّفي.. كُنّا في بعضِ الأحيان نتبادَلُ الحِوار، وَبعضُ الأحيان تَقِفُ صامِتَة. كُنتُ أحاول أن أُحادِثها طيلةَ الوقت، ولكن بلا جدوى، أَودُّ أن أسئَلها لماذا؟ لماذا كلَّ ذلكَ يحصلُ لي؟ لماذا تَركتِني وحيداً في هذا العالَم؟ أصبَحتُ خارِجَ السَّرْب لا أَحَدَ يَعلَمُ ما يدورُ بِداخِلي، ولا أتعمَّقُ بِأَحد كَأنَّما لي قَضِيَّةٌ أُخرى وَأَرْضٍ أُخرى وَحَربٍ لا تَعني الجَميع ، إنني حَزين.. حزينٌ جداً أرجوكي عودي لقد جَفَّ حِبْرُ دُموعي مِنَ الكِتابة، أصْبَحتُ أُرى ولا أَرى، وَقلبي لم يَعُد قلبي، أما عَقلي في سُباتٍ عميق، لا أعلَمُ لِما أَكتب… انتي لَن تَقرئي نَعم أعلَمُ ذلك.. يَقولون أنَّ الإنسانَ لا يَموت بَلْ يُصبِحَ نجمةً في السَّماء؟ وَلكن ما بِها نَجمَتِي اليَوم مُعتِمَه باهِتَه… وَيقولون أنَّ الإنسانَ لا يَموت بَلْ روحُهُ تَبقى في جِوارِ مَنزِلِهِ لِتَزورَ أحبّائِه؟ وَلكِن ما بِها روحي لَمْ تَزُرْني مِنَ الساعةِ الثالِثَه فَجراً وَخمسَةَ عشر دقيقة وثانِيَتان 11/2… إلى اليَوم…
ثُمَّ إني لَم أَعُد أشعُرُ في خَيباتي، كُّلَ يوم أَفقِدُ جُزءًا مني وَأعتَقِدُ أنَّني انتَهيت… ولكن ها أنا ذا، أَتَذكُرينَ البارِحَه عِندَما زُرتني قُلتي لي أنَّ جَميعَ من في هذِهِ الحَياه راحِلون وأنَّها مُجَرَّد امتحان وَمرحله، ولكِنَّني مُت… أنا مُتُّ مُنذُ رَحيلُكِ عَنّي، أنا جسدٌ بِلا روح، أَصرُخُ بِلا صَوت، أصْبَحَت الثّانِيه تَمُرُّ عَلَيَّ كالدَّهر ، أسْتَنجِدُ بالنَّوم وما هُوَ بِمُنجي، أُقاوِمُ الحُزْنَ وما أنا بِمُقاوم، الذِّكرَياتُ تَثقُبُ عَقلي لِتُعلِّقَ نَفسَها، أُريدُ أن يَحدُثَ شيء.. أيِّ شيء يُعيدُني إلى ذاتي، أتَمنى فقط لو أنَّ بإمكاني إعادة وارجاع تلكَ الأيام، أصْبَحت الفراغاتُ تَملَئُني من كلِّ مكان بلا ألم رُبَّما تِلكَ الشهقاتِ المُتَقَطِّعَه نَفَت ذلِكَ الألم، كُنتُ آمل أن كُلَّ هذا حلمٌ طويل سَأستيقِظُ مِنهُ يوماً ما ليسَ إلا… أَتسائَلُ في نفسي يا تُرى إلى متى؟ إلى متى كُلَّ هذا؟ هل كُلَّ ذلِكَ مُجرد بِدايه والقادِم أسوء؟ أُريدُ أن أَرتمي في حُضنكِ يا أُمي وَأشهَقُ بِقَدرِ كل ذلِكَ الألم الذي لم أشعُر بِهِ، وَتَحُنّي على رأسي بيداكِ الدافِئَه كأنَّ شيئاً لَم يَكُن، أنا آسف يا أمي ولكني اشتقت وإن الشوقَ لِميت يُميت…. سَنَلتَقي يوماً ما.

إقرأ أيضا:تحضير الجبن المخبوز بالزعتر والثوم

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
رسالة أنتخار،بقلم: عروب ماهر غنمه
التالي
قُل لي، بقلم آلاء قشاش

اترك تعليقاً