مقالات ونصوص متنوعة

لقاء، بقلم احمد ابراهيم خضير

ساعةُ الحُب الأولى التي دقَّ فيها قَلبي، أجراسُ الحُب بَدأت تَقرع في أرجاءِ القَفص الصَدري، الشَوق يَركُض مُسرِعًا لِمُلاقاة تِلك الفاتِنة، عَيناي تَترقرقانِ بالدَمعِ لِلنَظرِ لعَيناها، فراغُ أصابِعي يَنتَظِرُ بِفارغ الصَبر ليُعانُق أصابِعها، بدأت ساعةُ اللِّقاء تَقترِب، وقَلبي بدأ يَرقُص طَربًا على صدى خُطى أقدامِها…

وصَلتني وألقت التَحيَّة، شَعرتُ وكأن جَرَّةَ عَسلٍ انسَكبَت من ثَغرِها على مَسمَعي، جَلسنا على الكُرسي في الحَديقةِ أنا وهِي والحُب ثالِثُنا، كان لِقاؤها غير أي لِقاء، ارتَبكَت المَشاعِر، وبدَأتُ أتلَعثَمُ بِالكَلمات، انتَظرتُ هذه اللَّحظَة كَثيرًا، نَظرتُ إلى عَينَيها، صَمَتَ كُل شيءٍ بِداخِلي وبَدأت لُغةِ العُيونِ بِالكلام، غَرِقَت عُيوني في بَحرِ عُيونِها، كَسَرَت تِلك النَظراتِ الخَوف الَّذي امتَلكَني مُنذ وَقتٍ طَويل، الطَقسُ لَطيفٌ تُخالِطهُ نَسماتِ حُبٍّ جُنونِية، رَسمتُ تَفاصيل تِلك اللَّحظَةِ في مُخَيَلتي كالوَشم، لَم أُصدِّق نَفسي بأنّي فَعلتَها، إستَطعتُ النَظر لِتلك العُيون العَسليةِ مِثل خُيوطِ الشَمس دون أن تتحرَّك أجفاني، لامَستُ خَدِها الحَريري، ناعِمٌ جداً، صَفي ونَقي وطاهِر، مثل تَفكيري بكِ تَمامًا مَولاتي، شَفتِيها كالكَرزِ الأحمر، تَحتَضِنُ بِداخِلها صَفيّ من اللؤلؤ، كُنت أعتَمِدُ أن أُضحِكها لعلّي أرى جَمالِ اللؤلؤ المَكنون، وشَعرُها الطَويل صاحِب لون اللَّيل سَحَرني بِجَمالِه، تَفاصيلُ جَسدِها المَمشوقِ لا تَغيبُ عن خاطِري ابدًا، كُل شيءٍ فيها سَرقَني وجَعلني أعيشُ في عالمٍ لا يَعلمُ أحدًا عنهُ سِوى الحُب المَدفون في داخِلي…

إقرأ أيضا:طرق علاج الأنيميا

كان المَكان مُكتظًا بِالزائِرين، لكنَّ عَينَيَّ لا تُناظِر سِواها، تَفاصيلُ تِلك المَلامِح لا تُغادر مُخَيلَتي، كُنت غارِقاً فيها لأبعدِ الحُدود، نَجحَت تِلك الفاتِنةُ بِفك شيفرةِ قلبي والسَطو عليه، وسَيطَرت على نَبضاتِه، امتلكت حَواسي جَميعُها، سَرقت شَغفي الثائِر كَما سَرقني الوَقت، وداهَمت تَفكيري كما داهَمتني الساعات، إنتَهى لِقاؤنا عند الخامِسة واثنين وأربَعون دَقيقة، كَم كُنتُ أتمَنى لو أنَّني استَطعت أن أوقِف الزَمن لأُخبِرها بحُبي الذي فاق الهِيام، نُهايةٌ لم تَنتَهِ بَعد، لنا لِقاءٌ آخر ولو بَعد حين، وسأبقى أُحبكِ مهما طالَت السِنين. 

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
لص، بقلم : هدى الخزعلي ” نصوص نثرية ”
التالي
كيفية تنظيف السيراميك من بويا الطلاء

اترك تعليقاً