خاطرة

شيء من الرقة/روان مصطفى أدريس(سوريا)خاطرة

اعتدتُ تقصي الجوانب الرقيقة في الحياة تلك التي غلبها طابع الوداعة والحنو.
أقتصُّ مواقفها التي تخلقُّ في نفسي سكينةً وطمأنينةً وأواريها عن عيون الأنام فتكون لي قشة الغريق الأخيرة، إكسير الحياة، قطرة الغيث الأولى لأرضٍ ظمأى.
لست ممن يستمتعون بمشاهدة فيلمٍ على عجلٍ، بل ويسارعون أحداثهُ بغية إدراك النهاية، على العكس تمامًا أتلذذُ بتحليل مشاهده والتقاط تفاصيله الصغيرة تلك التي تضربُ عمق قلبي كزلزالٍ مفاجئ.
 أدمنُ موسيقا الفيلم وتصبحُ ألحانهُ وجبةً شهيةً لأذني فألتهم منها جرعاتٍ زائدةٍ في الليالي الحالكات.
أحفظُ ملامح الممثلين عن ظهر قلب كيف لوى ثغرهُ مبتسمًا في ذلك المشهد، كيف اتسع بؤبؤ عينها وتوهج دهشةً، كيف اهتزت حبالهُ الصوتية خوفًا عندما أراد إخبارها بحبه، وغير ذلك الكثير.
لا أقرأ كتابًا لأقذف به في سلة الكتب المقروءة فأزيدهُ لمحصول القراءة السنويّ، ثم أتباهى في نهاية السنة على أنه إنجازٌ عظيم.
أقرأها لأظلل سطرًا لامس خدشًا وجرحًا دميمًا في قلبي، لأحس أن على هذا الكوكب المزدحم مجهولٌ ما يشاطرني حزني وفرحي رغم تناءي المسافة.
لا أستمعُ لأغنيةٍ لمجرد كونها”تريند” جديد. لا يثير حسي الموسيقي سوى أغنيةٍ تتناهى لمسمعي على حين غرّة، فتكسر رتابة صمتي وتشي بما يتحجرشُ في حلقي، تفصحُ عما يختلجُ في نفسي دون أن أنبس ببنت شفة.
أرى الناس من حولي يتهافتون للمضي قدمًا وكأننا في ماراثون جماعيّ، وأنا في الصف الأخير لا أرغب سوى بعيشٍ هيّنٍ ليّنٍ وديع.

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
أشعة الشمس وفوائدها للبشرة
التالي
أدب الرسائل، بقلم : عبدالله غياث قطان ” نصوص نثرية”

اترك تعليقاً