كنا نجلس هناك، على ذاك المرسى سوياً، نتبادل قصص البحارة القدامى، و نراقب الأمواج و هي تضرب المراكب.. كان البحر شيقاً بالنسبة لنا، نبني مراكبنا سوياً، نخيط أشرعتنا بشغفنا، و ندق المراكب بمسامير الأمل. كنا نسرق الوقت من بين انشغالاتنا و أيامنا المكتظة، لنجلس هناك، نجمع كل الأيام و نرسم خرائطنا التي نسعى لها.. ما وراء هذه المياه الشاسعة كان مجهولاً، و لكننا نؤمن بأننا سنجد أنفسنا من جديد هناك. كانت حمى الخوف تُصيبنا أحياناً، من أن نبقى هناك على المرسى دون حراك، و أن لا تصارع مراكبنا الأمواج، حينها كنتَ يا صديقي تكتب لي الكثير من الرسائل، تسرق فيها الأمل من كلّ الحالمين لتعيد لي الحياة. ها هنا نُبحر اليوم يا صديقي، كلٌّ بقاربه الذي تشاركنا بنائه، أراك هناك يا زعترة، تشقّ طريقك من بين الأمواج، و أنا هنا، أصارع الأمواج ذاتها. كلٌّ يسير في طريقه، و لكن هذا البحر يجمعنا، تبدو وجهاتنا مختلفة، و لكنّي أؤمن بأننا سنلتقي على مرسًى يجمعنا مرّة آخرى، لأنني يا زعترة أؤمن بأنّ من يجمعهم الشغف والأحلام لا تفرّقهم الأيام. ها هنا أبحر اليوم، وكل ما تعلمناه على المرسى معي، كلّما لاطمتني الأمواج أتذكّر كم حلمنا بهذا، و كلّما أصاب شرخ شراعي، رممته برسائلك.
إقرأ أيضا:من مذكرات سجين، بقلم : رياض محمد أحمد
إقرأ أيضا:من مذكرات سجين، بقلم : رياض محمد أحمد
Comments
0 comments
