مقالات ونصوص متنوعة

سؤال الشرود، بقلم : راما محمد الشجراوي ” نصوص نثرية ”

سألني أحدهم ذات صباح مضجر كالعادة، كيف حالك؟
جاءت حروف سؤالِه كطعنة في منتصف شرودي الذي دام ل سبع ليالٍ من البكاء المتواصل، ثلاثة أيامٍ متتاليات من دون طعام، حتى الماء كان قد جف في عروقي فنهضتُ في اليوم التالي من سرير المستشفى أعرج على غير العادة، عائلتي والباقون كانوا قد غادروا منذ الوهلة الأولى لدى وصولي إلى هنا، وبقي جاري المسن ذو العكازتين متكىءٍ على الحائط ينتظر صحوتي لإخباري بما حدث ولكنه الآخر كان قد رحل، يداي مكبلتان في الزنزانة لليلةٍ واحدة تحت ضغط الإعتراف لذنبٍ لم أقترفه، ضياعي بين أزقة حارتي والبقاء وحيدًا تحت إنارة الشارع، تحت نافذة غرفتي تحديدًا، أبحث عن أحدهم علّه يرشدني إلى الطريق الصحيح لمنزلي، جاء لإيقاظ مشاعر إنطفائي حيث كنت الأكثر توهجًا من بينهم، انخساف صوتي بين الأرجاء حيث كان صداه يصدح في أرواحهم تباعًا، استولوا على قوتي فأردوني قتيل الضعف، تبعت خيباتهم وأسندتهم فأفلتوني عند أول سقوطي،وهمّوا مغادرين هامسين بكل برود؛ عذرًا لا نستطيع!
فعدتُ إلى رشدي للحظات فألقيت عليه التحية بلطف وأخبرته كحالك، فعبس بوجهي وشرد هو الآخر، أظنه يقاسمني الوحدة ذاتها فشروده مشابهًا لذاتي، لكني هممت بالإسراع ووليت ذاهبًا بعيدًا عنه، فإني لا أريد المزيد من الخيبات، ولا أريد وهبَ قوتي المتبقية لأحدٍ ما، فجميعهم مغادرون.

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
مشكلة التوتر أثناء العمل من المنزل
التالي
ناقوس الخطر ، بقلم : رهام خالد الفايز

اترك تعليقاً