مقالات ونصوص متنوعة

أمي كانت كاذبة، بقلم:بلسم نزار طعمه، “نصوص نثرية”

(أُمي كانت كاذبة)
أنا طفلة هذا ما تقولهُ لي أمي دومًا وتخبرني أختي أنني أنقى مخلوق على وجه الأرض
خلقتُ بقلب لا يعرف إلا الحب ، بروح لا تعلم إلا السعادة
بعينان بُنيتان كبيرتان ، شعرٌ أشقر داكن ، ببشرة بيضاء كبياض الثلج ، بملامح اختصرت معاني الجمال و الرقة بوجهٍ دائري صغير
و لكن تقول خالتي يا حسرتاه عليكِ ياصغيرتي طالما رأتني و أنا لا أفهم لِمَ تقول لي هذا !
تُكرر جدتي دائماً على مسامعي قول أعانَ الله قلبُكِ و أيضا لا أعي مغزى ما تقول !
و لكن ما أريدهُ منكُم هو إجابة على سؤالي ، و هو لِمَ الجميع يرمقني بنظرات الشفقة ؟
لِمَ يخاف أطفال اخوتي مني ؟ لا يتحدثن بنات أعمامي معي ؟
لِمَ يحدق العالم بي وكأنني لستُ مفهومة ؟
 و لِمَ تحاول عائلتي ابقائي بعيدًا عن العالم؟
و لِمَ أرى عَبَراتِ أمي طالما غَفَوتُ بأحضانها ؟
ذات صباح رأيتُها جالسة تنظر الى ملامحي بتمعن وأنا نائمة
تغرغرت عيناها بالدموع وفي نوبة يأسها سَمعتُ أمُي تُتَمتِم
 سيُبيحَ الله الِانتِحارَ من اجل ابنَتي.
ولكن أتدرون ما الأسوء و ربما الأصعب حينما تشاجر والداي ذات ليلة ، و سمعتُ أبي يقول لأمي ماذا فعلتُ أنا ؟ ماذا فعلتُ كي أُبلى بطفلة. طفلة رُغم أنها بلغت العشرونَ عامًا قبل يومين
شعرتُ بالموت الشديد يسري في جسدي النحيل،
حين قال أبي بجدية تامه:-
يتباهى رفاقي ، أقاربي و أصحابي كُلٌ منهم بأولادهم ، بنجاحاتهم و تفوقهم ، يحملونهم فوق أكتافهم و كأنهم كنز بين أيدهم يتفاخرون بهم بين الناس ، و أنا لا أَجرؤ على الظهور للعيان مُمسكًا بيدها، ماذا سيقول الناس ؟! لستُ بمن يُشفق عليهِ
أنا مُجبر على حمل عبء ابنتكِ، وكانها جمرة لااستطيع رميها خوفًا من كلام الناس ولا إبقائها في يدي تُحرُقني
غفوتُ بعد أن سمعتُ صوت باب المنزل، يغلق بقوة بعد خروج أبي،

إقرأ أيضا:أشهر كتب فيزياء الكم للرضع

و لكن لِمَ يا أبتِ ؟
ماذا سأقول فأنتَ أبي و أنا أحبك ، أعلم أنكَ لا تعني ما قُلت، و إن عنيت فلا زلتُ أحبك ، و ستظل أبي و سأغفرُ لكَ قولك ولكن
انا لستُ ممن يُخجلُ منها ، لستُ بعاجزة و لا قاصرة
ولست طفلة أيضا، فأنا طبيعية هذا ما تقوله لي أمي دوماً و أمي لا تكذبُ ابدًا.

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
عادات بسيطة تزيد من هدوئك
التالي
حبٌ على قيد الموت , بقلم : مروة محمد عيد الصاج “نص”

اترك تعليقاً