مقالات ونصوص متنوعة

نصف عقل ، بقلم:إيمان محمود المش

لصديقتي التي رحلت:
ذات الحركات الصبيانيّة، و التصرفات البرجوازية، و النفحات الإيمانية ، و الدعابات اللإراديّة..
لقد كانت جميلة بأدقِ تفاصيلها.
حتى أنَّ سعادتنا العارمة أصبحت موقداً لاشتعال نار البغضِ والفراق، و رماداً للأحزان.
مزاحها الثقيل العنيف يمتد إلى أعماق الجرح و يجفف الشرايين.
روحها الظريفة الطريفة منقطعة النظير أودت بها إلى الهاوية.
بعد انفصالنا قالَ لي باقي أصدقائي:
_محظوظة لقد تخلصتِ من تلكَ المغرورة صاحبة اليد المغلولة وأصبحتِ في مكانةٍ مرموقة.
وقالت لي أُمّي:
_لقد كسرتِ كلامي وألقيتِ بهِ عُرضَ الحائط صديقكِ القديم يبقى صَدُقاً متين.
لكن داخل القاعة الامتحانية كان المكان الشاغل بقربِ تلكَ المشؤومة.
كانَ من الممكن أنّ يكون حذائي صديقاً لحذائها ونفسي يختلطُ بنفسها أما روحي فكانت تتخبطُ داخلَ جسدي.
تلكَ العلاقة الملعونة قطعتني إلى أشلاء ونسفت بي إلى أبعد الأنحاء.
قسمت جسدي بمنشار قديم.
تركتُ نصفي الأيسر عندَ عزيزتي القديمة…
حيثُ عيني اليسرى.
وقدمي اليسرى.
وذراعي الأيسر.
ونصفُ عقلي الأيسر.
وذهبتُ إلى أصدقائي الجدد…
بعيني اليمنى.
وقدمي اليمنى.
وذراعي الأيمن.
ونصفُ عقلي الأيمن.
لكن أُمّي كانت توبخني كلّما تذكرت تلكَ الفتاة المهضومة.
ورفاقي الجدد كانوا يعارضون إصلاح الموقف ويغتاظون عند ذكر اسمها..لقد كانوا لي سنداً وعوناً لقد كانوا لي قلباً وقالباً و روحاً وفؤاداً لقد كانوا الشغف والأمل…أدامهم الله و أعزهم.
أما بعض الأصدقاء الأغبياء فَلم يحادثوني وقطعوا صلتنا الهزيلة أساساً،ظنّاً منهم أنني تلكَ الفتاة الخائنة وخوفاً من أنّ يقعوا في حفرة الصداقة ثمَّ قطع العلاقة،أمّا الكارثة الكبرى فقد كانت بسبب معلّم الرياضيات الذي منعني من تقديم امتحاني بدعوى أنّهُ يحتاج إلى إنسان كامل العقل يسعى إلى التفوق والإجتهاد لا إلى إنسان فقد نصفَ عقله.
سوريا

إقرأ أيضا:فهل من مُجيب؟

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
جزئين فقط، بقلم حياة نظير محمد ثوابتة ” نصوص نثرية ”
التالي
غياب ، بقلم : ساجدة الدجاني

اترك تعليقاً