Funny

نص نثري بقلم أروى التميمي

نص نثري بعنوان معلّمتي فتحية
مُعلّمتي فتحية
لم تكن مثل المعلّمات الأخريات الّتي تأتي للمدرسة لكي تحلّل لقمة عيشها أو لتتقاضى راتبها و تعود إلى بيتها ، كان لديها رحابة صدر لم أعهد مثلها من قبل
أذكُرُ أوّل معاناتها معي في الصف الأول لا أُنكِر حقًا أنّ استيعابي كان بطيء نوعًا ما ،لكنّها لم تسمح لي بارساخ هذِه الفكرة بعقلي أبدًا، بدأت معي خطوة بخطوة و كانت أوّل عوائقي في اللغه حرف الميم و النون كانت كلّما اختبرتنا اختبار الإملاء السّمعيه و نطقت حرف الميم أُسارِع و أكتُب حرف النون بدلًا منه تكرّر الأمر معي عدة مرّات كثيره مع غيره من الحروف لم تسأم مني أو توبّخني ، حاولت أن تضع حلًّا للأمر من جذوره أدرَكت حينها أنّ سمعي ضعيف أمام ضوضاء الفصل لذا حدّثتني قائله : حين يبدأ الاختبار تخيّلي أنّه لا يوجد أحد في الفصل سوى أنا و أنتِ فقط اترُكي ضوضاء الفصل جانبًا و استمعي لي أنا فقط جرّبت هذا الأمر و فعلًا بعد انتظارٍ طويل كتبت الميم ميمًا و النّون نونًا حينها رأيت انعكاس فرحتي و فخرها بي في عيناها ، أذكر حرف الضاد و الظاء تجوّلت بيننا طالبًا طالب و هي تقول لنا قل ضاد و لا تخرج لسانك قل ظاء و أخرج لسانك و بفضل هذه الحصة التي استمرت ساعتين متواصلتين و نحن ننطق هذان الحرفان إلى يومنا هذا لم أخطأ و لو لمرّة واحدة في التفرقة بينها و حين أرى أحدًا قد كتب الضاد مكان الظاء أستشيطُ غضبًا أذكر الشدّة و حينها قالت لنا أنّها حرف و لا يجب أن نتخطّاه أبدًا و علينا كتابته و التنوين و حرصها على أن لا نكتب التنوين نونًا و كم كرّرت الأمر هذا معنا عدّة مرّاتٍ و مرّات اللام القمريّة و الشّمسية و حصة القراءة التي كُنت أمقتها جدًا و اتستر في الصفوف الأخيرة كي لا أقرأ و كانت تنتبه لي و تحرص على أن أقرأ بالرّغم من قراءتنا السيئة و تهجئة الحروف و لو سمعتها الآن لما فهمتُ من ما كُنت أقوله حينها شيء و لَملِلتُ سريعًا لكِنّها لم تكن هكذا أبدًا كانت لديها قوة إصرار و تحمّل عجيبه لتسمعنا فردًا فردًا، مع مرور الأيام أصبح أمر القراءة لدينا هواية و أصبحنا نتسابق على من يقرأ أوّلًا، كتاب القراءة الّذي كنت أمقتها و أتهرّب منه أصبح لا يفارق يدي أبدًا لم تَمرّ عليّ لوحة إعلان واحد في الشارع و لم أقرأها،هي من نمّت لديّ شغف القراءة و المطالعة و حبّ الاستكشاف ، كنت كل ما أقول إجابة صحيحة أو استنتاج جديد تقول لي “بالضبط الله يفتح عليك”، معلّمتي فتحيّة هي من فتحت عليّا طريق حبّي للّغه لم أكُن جزءًا صغيرًا ممّا عليه أنا لولا فضل الله ثمّ فضلها عليّ.
أطال الله في عُمرها و أمدّها بالعافية

إقرأ أيضا:نص نثري بقلم مجد أيمن

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
خاطرة بقلم روان شناتوه
التالي
نص نثري بقلم شيماء المجدلاوي

اترك تعليقاً