مقالات ونصوص متنوعة

نص نثري بقلم نور مروان ملكاوي

روحُها تُحيطُنْي . 2/3/2014
في ليالي البردِ القاسية ، حيثُ النوافِذُ تتهزهزْ يمنةً ويسرةً من شدةِ سُقوطِ الأَمطار وكأَن كُل حبةِ مطرٍ تُحاوِلُ أحتيالَ المَنزل لا يوجد سِوا صوتُ الأوعيةِ التي ألقتها أُمي لِعدم تَسرُب المياه إلينا وأصواتُ صُراخٍ يتعالا رويدًا رويدًا .
ففي هذا التَاريخ تُوفيتْ جَدتي كُنت في السادسةَ من عُمري لم أَستطع فهمَ ما يحصُل فأتتْ عربةٌ كبيرةٌ مَكسوه باللونِ الأبيض ورِجالٌ غُرباء يرتدونَ الأَبيضَ أيضًا ، فَحملوا سريرًا من صُندوقِ العربةِ البيضاء وكأنها جدتي أصبحتْ ملاكًا في السماء فقد هرولَ أقاربي وأُناسٌ غُرباء لأولِ مرةٍ أُقابِلُهُم وسارعوا لأحتضانِ جدتي ، وأنا أقِفُ راجفةً ، وحيده في تلكَ الزاويه البارده ، المظلمه .
بحثتُ عن أُمي كثيرًا كي أختبئ في حُضنِها ولمْ أَجدها ففضلتُ الجُلوسَ في غرفتي أي الأختباءَ بها فوضعتُ يداي على أُذناي لكي أُخفي صوتَ البُكاء قليلًا وبعد مُدةٍ لم تدُم طويلًا سَمعتُ صوت خربشةٍ لكنني كُنت مُتيقنه بأن غُرفتي لن يَدخُلها أحد فسبقَ وأغلقتُ الباب في المِفتاح فنظرتُ إلى جانبي الأَيمن وما هو بسريرٍ أَبيض بجانبهِ صُندوقٌ كبير يستلقي عليه أحدٌ سَاكن لا يَتحرك وكأنه يُشبه روحَ جدتي فكانتْ مُغطاه بالسِتار الأبيض فبدأ جسدي يرتعش وصِرتُ أُقطِمُ أظافري خوفًا ، وسيقاني ترقُصُ بِشكلٍ لا إرادي فركضتُ مسرعةٍ إلى البابْ حاولتُ فَتحَهُ ولم يَستجب لي .
فرأيتُ ذاكَ المَشهد حيثُ يدا جدتي يتدَرجُ منها الدماء قطرةً تل والأخرى وما بالريح يستغلُ خوفي ويتسلل من النافذه ليكشِفَ عن وجهَ جَدتي وما هي إلا وتُحَدِقُ في عَيناي فَصرختُ بأعلى صوتي وما من سامعٍ له ومن شدةِ خوفي وهَلعي حَملتُ العرق المتصبب الكاسي لجسدي ورميتُ بنفسي من النافِذةِ أجل فها أنا أتَكلمُ من الغرفةِ التي وضعني بها أَبي منذُ تلك الحادِثه ويزورني الطبيب النفسي في كُل حين وأَصبَختُ مُقعده من ذلك السُقوط الحُر وها هو شعري رُصِعَ باللون الأبيض وأنا في سن السادسة عشر من عُمري فقط ، سمعتُ أبي يُتمتمُ بأختفاء جثة جدتي ولم ييأسوا من البحثِ عنها من عشرِ سنينٍ مَضتْ ، هذا كُل ما أتذكرُهُ من تلكَ الحادثه .
النهايه .

إقرأ أيضا:شروط وجوب الحج

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
نص نثري بقلم علا خالد الحلو
التالي
نص نثري بقلم تالا علي أصرف

اترك تعليقاً