مقالات ونصوص متنوعة

نص نثري بقلم نادين عبدالله الحوامدة

“ميدانكم نفوسكم ”

لا أظن إننا بحاجة لشيء مدهش يُثير البهجة نحن فقط نريد قرب أرواحنا التي تبني أعشاشاً من الفرح وتسقي كل يومٍ جاف لترويه من جديد وتزهر قلوبنا بالكفاح بعد كل خريف ، نحن لا نريد سوى مواساة الأيدي التي تضمد الجروح فهي أكبر من كل الكلام التي تغص به حنجرتك ، نريد أن نكون أكبر من تفاهة الدنيا ومشاكلها ، أكبر من زيف سحرها .
لا نريد أحاديث النميمة ، نريد حديث النفس والضمير .

نحن بحاجة إلى ثورة ولكن قليلاً ليس تلك الثورة التي مليئة بالشعارات والمظاهرات والهتافات من هنا وهناك .

نحن بحاجة إلى ثورة الكفاح كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ” ميدانكم نفوسكم ، فإن انتصرتم عليها كنتم على غيرها أقدر ، وإن خُذلتم فيها كنتم على غيرها أعجز ، فجربّوا معها الكفاح أولا ً .”
نعم ، الكفاح أولا ً والكفاح مع النفس ثورة لا يعلمها إلا نفس الشخص ، يحتاج الإنسان أن يعبر محطات حياته النفسية والأخلاقية والمادية ولكن الأهم خبايا نفسه هل هي على حافة الهاوية ، لذلك الكفاح مع النفس ليس بهذه السهولة على الإطلاق ، علينا تجاوز التفكير بشكل عاطفي مع كل الأحداث المحيطة بنا فهذه الثقافة البائسة بحد ذاتها إذا زارني قريب أزوره ، وإن أهداني شخص ما سأهديه وعلينا تجاوز ثقافة مقابلة الأشياء ، مقابلة الزيارة بزيارة والهدية بهدية والإساءة بالإساءة أيضا ً للأسف .

إقرأ أيضا:في ذكرى الغياب ، بقلم : العنود محمد مراد

كم هي جميلة وعميقة “ميدانكم نفوسكم ”
النفس التي لا يعلم بوضوحها ونواياها إلا الله ، ولا يسمعنا إلا رب السماء المشاعر لا تكتب، تصوّر أو تُقال. كل الكتب المنتشرة حول العالم ليس بإمكانها أن تنقل ولو ٥٠٪؜ من الأحاسيس الحقيقة التي يمرّ بها المرء، لكنها السماء. وحدها السماء، من ترغب بسماعك دائمًا لأن الله وحده العليم بالنفوس، بل أنها متفهّمة لشعورك قبل أن تخبرها به! أن يدعو الإنسان -بكل ما فيه- من مشاعر، أفكار وطاقة، أن يدعو ويداه متشبّثة ببعضها حتى آخر كلمة من الأمنية، أن تسير الأمور كما تريد، كما تحلم، كما تودّ وترغب دائمًا في حياتك الأخرى. أن يأمل الإنسان ويُشفى من شقائه لأنه قد عبّر عمّا بداخله لرب السماء.

كم جميل أن نخلق لأنفسنا منافذ بعيدة عن الأشخاص
منافذ بعيدة كل البعد عن المخاوف والإستسلام
وقريبة من المشقة والمعاناة والشغف معاً، إن لم تعاني بالوصول للحلم التي تهلوس به نفسك فأنت َ وأنت ِ لم تعانقا سلم الأمل الممزوج بالوقوع في الحفر القاسية ولم تتذوقا لذة الوصول بعد الجهد والتعب ، علينا جميعاً أن نكّرس الشغف لأن شغف الإنسان هو الذي يبقى معه في أشد اللحظات المؤلمة لتبقيه على أمل النجاح .
إننا حين نَميل لا يسندنا إلا الشيء الصادق ، كالدعوات تماماً تهدهد كل التعب .

إقرأ أيضا:تراتيل غزل، بقلم : جلال أحمد علي، “نصوص نثرية”

الكفاح ليس فقط أن تكون إنسان ناجح متعلم ومحارب للصعوبات، الكفاح الأهم بالأخلاق لطالما كانت هي وستبقى سر نجاة الإنسان من كل سوء وانحراف ، هي الشيء الوحيد الذي يبقى للإنسان حتى بعد الممات ، الأخلاق التي تصعد بنفسك أولا ً ، كافح بأخلاقك ثم استودع الله خطواتك حتماً ستكون النهاية ثورة من النجاح والسعادة لأن السعادة والحب تحتاج إلى كفاح ضد الصعوبات والمشاكل ، تحتاج في الحب للكفاح أيضا ً حتى تستطيع أن تضحي وتتنازل ، فلا تجلد نفسك كثيراً بالنهاية الإنسان يُخذل، لكنّ الساجد، الداعي، المناجي، المكافح .لا يُخذل. لأن من في السماء يسمع، يضمّ، يطبطب على كتفيه
و قلبه. لذلك نحن بحاجة أن نبدأ بالكفاح يا سادة .

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
نص نثري بقلم إسراءمللوك
التالي
نص نثري بقلم زينب محمد طالب

اترك تعليقاً