مقالات ونصوص متنوعة

من السم نصنع العسل، بقلم: أميمة بن نايل

من السم نصنع العسل
عدة سنوات مرت على أخر لقاء بيننا, ترددت قبل كتابة هذه الرسالة, لكني عقدت العزم و استجمعت رباطة جأشي, وها أنا ذي اخط هذه الكلمات، ستسخر مني كعادتك فمن ذا الذي لا يزال يرسل الرسائل الورقية في عهد التكنولوجيا,لكني مؤمنة أنها توصل المعنى المراد, وعلى غير المعتاد سأصحح أخطائك التي لا تغتفر و أقص عليك لربما تتعظ و تعتبر.
قد لا تتذكر من أكون لكني أعرفك جيدا, فأنت صاحب اللسان العفن ,الساخر من كل فن, المحيك للفتن, الذي لطالما جعلنا نشعر بالوهن ,فكلماتك الجارحة و أفعالك الطائشة تبين حقدك الدفين على الناجحين,كنت تسخر مني لأني فتاة بسيطة لا تحبذ استعمال الحيلة, تقهقه عاليا حين ترى ملابسي العادية و تقول أنها بالية, تفتخر بأمجاد أبيك في حين انك لا تفرق بين تلك وذاك, تبتسم بكل غرور وأنت تقول:لا يستطيع امثالك الوصول” ترمي سهام اليأس محاولا إصابة قلبي, لن اكذب و أقول أني استطعت تفاديها جميعا, فوقفت أمام المرآة ارثي حالي وفجأة بدا انعكاسي بالكلام محاولا تخفيف الآلام:ما بالك يا صغيرة؟ يا من عشقت تحقيق الطموحات البعيدة, يا من تهوى عطر الياسمينة, ووردة التوليب الجميلة, لم اعتد على رؤيتك هكذا, أين هي ابتسامتك الساحرة التي تنافسين بها القمر؟ و كلماتك المفعمة بالأمل, هل يعقل أنها اندثرت مع مرور الزمن؟ ماذا عن عينيك الجميلتان! أيعقل أنها آثرت البكاء على التفكير والتصرف بذكاء؟ أين اختفى ذاك الدهاء, أيعقل انك اخترت الاستسلام و العودة لعالم الأحلام ,بدلا من مغادرة المطار و التعرف على الكثير من البلدان كأمريكا و تركيا و اليونان؟ ”
أتذكر إجابتي الغبية بصوت خال من الحيوية “تلك كانت مجرد دعابات, الحياة أصابتني بعدة طعنات, وأسالت من عيني الدمعات, الكثير من الأزمات و لا وجود لمسكنات, لم اعد استطيع تحمل الصدمات فآثرت الخضوع للرغبات, لا احد يريدك أن تكون كما تريد بل كما يريد” نظرت إلي بكل ثبات وأجابت :سحقا لهذه الكلمات! يبدو أن احدهم ألقى عليك تعويذات أزالت عنك الابتسامات,عزيزتي أنسيت مبدأك في الحياة؟لا يوجد في قاموسك كلمة استسلام تلك الطموحات لا تزال من الأولويات, فكيف تقولين عنها مجرد دعابات! عليك بالتعثر مرات ومرات إنها سنة الحياة ,لكن من الخطأ أن يعجبك افتراش التراب, إياك أن تغدو أحلامك سجادة لأحذية الشامتين سيبتسمون دوما وهم يسمعون الأنين,أنتي قوية فقط ثقي بذاتك و رددي اللهم القوة و الثبات”..
بعد تلك الكلمات عادت إلى قلبي الدقات, وقررت ان لا اهزم في معركة الحياة, و شرعت بالعمل الجاد و بالتحضير للامتحان المصيري,نجحت! أتصدق أن اسمي حلق فوق السماء؟ ذلك الاسم الذي كنت تسخر منه بكل جفاء,لقد كنت الأولى على مستوى الوطن, و ألبست والدي ثوب الفخر و السعادة بعد سنين عجاف هذا هو الأهم, ثم كانت الوجهة إسطنبول بتركيا, وبدأت مسيرتي هناك طبعا كان الأمر صعبا جدا فمن جهة الدراسة والعمل, و من جهة أخرى الغربة والاشتياق للوطن, ومن جهة ثالثة كلام الناس المنتشر فمجتمعنا يعشق وضع قيود لكل من يحاول الصعود ,لن أنكر وجود العديد من أشباهك في كل مكان وزمان لكني لم استسلم بالرغم من السقوط قررت النهوض ,مرت السنوات وها أنا بمئزري الأبيض اخرج من غرفة العمليات لأسمع أجمل الكلمات و أفضل الدعوات من أم كاد يسجل ابنها في حالات الوفيات بعد كل التنمرات جعلتني أشهر الطبيبات لك مني كل التشكرات
تحياتي
أميمة بن نايل ?16سنة?الجزائر~⁦??⁩

إقرأ أيضا:أَتَمنى

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
معلومة عن فوائد كبد الدجاج
التالي
خاطرة بعنوان خير الأنام بقلم الاء محمد يعقوب

اترك تعليقاً