مقالات ونصوص متنوعة

صباح ماطر، بقلم: سارة حسان الرهبان

صباحٌ ماطر….
فَورَ جُلوسي على كرسيٍ مهترء بجانب النافذة
أخرجتُ هاتفي لأكتب ماأشعر به هذا الصباح… النافذة مغطاة بالبخار أرى من ورائها مُستَقبلٌ مجهول كتبتُ بإبهامي حرفَ اسمي وابتسمت، أزحتُ بيدي الغباشة الكثيفة حتى بانَ لي الخارج بوضوح.. كم هي بائسة هذة المدينة…حتى قطط الشوارع تراها سارحة في كآبة… أرى في عقولها التطلع إلى هجران الوطن مثلما يفكر معظم الشباب هنا بفكرة الهجرة والهروب،أسفي على دمشق.. مدينة الياسمين باتت مدينة الخراب حتى القطط تأبى العيش فيها… أتعتقد بأن فكرتي صحيحة؟ سألت الرجل بجانبي فعلى الرغمِ من كمية الضبابية في حياة الناس إلا أن هذا الرجل يمتلك مقدار من الفضول دفعه لإلقاء رأسه في هاتفي والتمعن بأفكاري….تجاهل سؤالي فأشحت بنظري من حولي لأرى الناس في هذا الميكرو تملأ عيونهم النظرة السوداوية للحياة، كلٌ لديه قصةٌ بداخلهِ تشغل تلافيف دماغه… أخفضت ذقني في الشال حول عنقي ونفخت فيه، إنه لأمي رائحتها الدافئة فيه أشعرتني بالطمأنينة والراحة… لقد طال الطريق وشعرت بالملل، توقف الباص قليلاً.. صعد رجل مسن غزت التجاعيد وجهه.. عيناهُ غائرةً في رأسه جلس خلفي وأعطاني ورقة نقدية بقيمة خمسين ليرة….يالها من ورقة فقد تقاسمت مع صاحبها تجاعيده وكثرت فيها الشقوق لقد أضحكتني حقاً، أما السائق كان الشخص الوحيد الذي يشعرك بسخافة هذه الحياة.. يترنح على أنغام أغنيةً في المذياع، أغنية من الأغاني الهابطة تشعرك بالبغضة والاشمئزاز، أخيراً وصلتُ إلى عملي في هذا المستشفى القديم، دخلت بقدمي اليمنى وأنا أدعو دعاءً للتوفيق، الضوضاء والفوضى تعم المكان تشعرك كأنك في خلية للنحل…صعدتُ على الدرج إلى الطابق الثاني،كان على عكس باحة المستشفى هادئا ساكناً.. فجأة كسر هذا السكون صوت إمرأة تلطم وجهها لفراق زوجها الذي أصبح جثةً باردة قاسية ك لوح خشب يرقد على سرير المستشفى البارد مغطى بالشرشف الأبيض لقد صدمني الموقف، قابلتني زميلتي في العمل وهي تضحك أمسكت بكتفي وهزتني حتى عدتُ إلى وعيي قالت لي بسخرية “صباحُ الخير”… أيُّ خير هذا وأيُّ صباح، بدلتُ ملابسي لأبدأ عملي.. لأبدأ جولتي بمواساة المرضى والتخفيف عنهم وامتصاص حزنهم، أفزعتني رنة جهازي المحمول في جيبي كانت رسالة شعرت بها أن يومي قد بدأ، يقولُ فيها..لا يبدأ الصبح عندي إلا حين أرى عينيك ولا أجد الخيرَ إلا في تبسُّمك “غمرت قلبي سعادة وتلونت حولي الجدران، وضعت ابتسامة على طرف ثغري ومضيت.
ق. سارة حسان الرهبان

إقرأ أيضا:بوحٌ مُستَنزف، بقلم : افتكار زغول”قصة قصيرة”

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
فوائد عود القرح
التالي
وكم يا سيدي، بقلم: نور فخري حمادين

اترك تعليقاً