مقالات ونصوص متنوعة

هلوسات واقع،بقلم:محمد هيثم شاكر

كتابةٌ هنا، وحروفٌ هناك، وسطورٌ مبعثرة علی سقف غرفتي، قد مُزجت برائحةِ القهوة الصباحية، رائحة حقول البُنِّ صاحبة البشرة السمراء!، ورائحة الياسمين المعبَّقة بلون الدم، وصرخة يتيم، ولوعة مسكين، وأنين ثكلی، والوضع بخير …ثم ماذا؟ ثم رائحة بارود تعانقُ سماءً فُتَّحت أبوابها منتظرة شخصا،ً قد احتضنته قذيفةً تائهة، لتستقر في عُقر جرحٍ مُزج باستغاثة وطن قد أصبح مطيةً للقاصِ والدانِ ….إلی الآن الوضع يبدو علی ما يرام !، ثم صوتُ جنديٍ يحتضن بندقيته ،ينادي طيفَ والدته، يرتلُ تراتيل دعواتها الصباحية؛ والدته التي لم يشم مسك يديها منذ أخر معركة نجا منها !، والوضع مايزال مستقر !، ثم الوقتُ الذي تجردَ من كل زمانٍ ومكان، ليبقی رهينَ مخيلتي علَّه يشاطرني صمتي، ويسافر معي إلی عالم الأحلام، ربما أبقی أقصی مدة ممكنة، كمدة مكوث إيلان مع أمواج البحر المضطربة التي تداعب شعره الذهبي مع كل ارتطامة،أما الوضع فما يزال بخير، وما تزال رائحة قهوتي الصباحية تعبق بالمكان،وذاك الصوت المتعرج الذي يخترق ألاف الأفكار، ليضيِّق عليَّ السماء والارض، لليتعرج ويتلوی ويتأوَّد ويلتف علی سفوح روحي المتخدرة، في ظلٍ مكسور لحياة بعيدة ممزوجة براحة مكدودة، قد اعترتها كآبة مستمدة من ذاكرة متسلطة ومطاردة ملحة لشتات الضوء المندثر من وسط سحابة النسيان!، ومع ذلك ما يزال الوضع محافظ علی ثباته!، لكني أحاولُ أن ارتشفَ قهوتي بسرعة فلوضعُ ينذر بكارثة، ولكن ترفض هي ذلك فحرارة حروفها، ترفض أن ارتشف مشاعرها دفعة واحدة دون أن أتلذذ بها، فمع كل ارتشافة تنبجسُ من بين ثنايا صوت مذاقها ذكری أقحوانية اللون!، لكن عجبا!ً يلا سذاجتي، وهل للمذاقِ صوت!، وللرائحة صوت!، ولأنين حروف أبجديتي صوت!، تباً يبدو أن قهوتي قد جعلتني أثمل حتی الجنون!،أما ذلك الظل! فيا ويح مُهجتي، يشبه ظلُ حربٍ داخلية يوحي بدمارٍ شامل، أصبحَ يُرافقُ روحي فلا يفارقها البتة، ينعكس علی سطح فنجان قهوتي يريد أن يشاركني مليكتي!، ولكن هيهات له ولما يريد، فقهوتي لي، وجريدتي لي، ومخيلتي لي، وقلمي لي، وحروفي لي، ومحبرة ذكرياتي لي، لي وحدي!، فأنا !
من أنا؟
أنا هو أنت
وأنت أنت، كلانا واحد في جسدٍ واحد ولكن إلا قهوتي ! رائحة الماضي ومقبرة النسيان.

إقرأ أيضا:ولم أكن بدعائك ربِّ شقيّاً

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
كيف اعرف ان الجوال مخترق
التالي
رسالة لطيفة،بقلم:رتاج نورالدين

اترك تعليقاً