مقالات ونصوص متنوعة

دفتر ذكريات، بقلم: رؤى العبيدات”نص نثري”

 

يَأْخُذُني دَفْتَري إِلى اللاوُجود فَأَتَرَاقَصُ مَعَ نَغَماتِ المَاضِي ، تِلْكَ النَّغَمَاتِ التي تَعْزِفُها تِلْكَ الحُروفِ فِي دَفْتَرِي ،تَتَرَتَّبُ تلك الحُرُوفِ حَتَّى تُشَكِّلَ دِيوانًا يَرْوِي تَفاصِيلَ المَاضِي وأَنْغامَ المُسْتَقْبَلِ.
أَضَعُ كُوبًا مِنَ القَهْوَةِ أَمامِي -وَقَدْ تَصَاعَدَ البُخارُ مِنْهُ -أَثْناءَ هُطُولِ المَطَرِ في الخارِجِ ، أَقِفُ على تلكَ الشُّرْفَةِ التي تَفْصِلُ بَيْنِيَ وَبَيْنَ تِلكَ الذِّكْرَياتِ.
أُسارِعُ كَيْ أَلْتَقِطَ تِلْكَ القَطَراتِ مِنَ الذِّكْرَياتِ، حتَّى أَجْمَعَها فِي ذلك الكِتابِ الذي نَحَتَهُ الجِدارُ فِي نَفْسِهِ لِأَجلِي ؛ كي أُدَوِّنَها وَأَجْمَعَها عَلَيْهِ.

أَمَّا عَنْ قَطَراتِ الحِبْرِ التي تَخْرُجُ مِنْ ذلك القَلَمِ ،الذي سَئِمَ مِنِّي مِنْ كَثْرَةِ الكِتَابَةِ فَيَقُول:”أَلَمْ تَتْعَبْ يا صاحِبِي مِنْ هذِهِ الحَياةِ اللَّعِينةِ؟!”.
لَقَدْ تَعِبَ هذا القَلَمُ مِنْ حَياتِي على الرَّغْمِ مِنْ عَدَمِ عَيْشِها،فَكَيْفَ إنْ كُنْتُ أَنا القَلَم وَهُوَ الذي يَعِيشُ هذِهِ الحَياة!!
تَوَقَّفْتُ عَنِ التَّفْكيرِ لِوَهْلةٍ، فَتَأَمَّلْتُ جُدْرانَ الغُرْفَةِ التي أَجْلِسُ فِيها ، إِنَّها لَيْسَتْ إلّا غُرْفَةً قَدْ عافَتْ هذِهِ الوُجُوهَ التي تارَةً تراها فَرِحَةً تَتَراقَصُ بِجُنونٍ، وتارَةً تَفْقِدُ ماءَ وَجْهِها مِنَ الحُزْنِ وَالقُنوطِ.
عِنْدَما تَشْهَدُ تِلْكَ الغُرْفَة لَحَظاتِ الفَرَحِ،فَإِنَّها تَوَدُّ لَوْ تُصْبِحَ رُوحًا لِتُشَارِكَنا فَرْحَتَنَا ، أَمَّا عَنْ لَحَظاتِ الحُزْنِ فَسَتَراها تَقْطِرُ دَمْعًا حَتَّى يَجِفَّ دَمْعُها، ثُمَّ تُحاوِلُ أَنْ تَطْرُدَ كُلَّ حُزْنٍ؛ لِتَعُودَ لِلفَرْحَةِ التي أَلِفَتْ وُجُودَها.
وَأَثْناءَ كُلَّ ذلك التَّأَمُّلِ ، أَتَوَقَّفُ عِنْدَ تلكَ العُيُونِ التي قَدْ أَمْعَنَتِ النظَرَ إِلَيَّ، فَأُبادِلُها النظَراتِ ثُمَّ أُحَاوِلُ أَنْ أَخْتَرِقَها ، شاقًّا طَريقِيَ مارًّا بِكُلِّ المَمَرَّاتِ ، لِأَسْتَقِرَّ وَ أَهْدَأَ عِنْدَما تُنادينِي هِيَ وَتُواسِينِي وتَقُول:”لا بَأْس” ، فَأَذْهَبُ إِلَيْها وَأُعانِقُها جَيِّدًا ، فَأَبُثُّ فِيها كُلَّ أَتْراحِيَ فَتُرْجِعُها أَفْراحًا ، وَأَتَمَسَّكُ بِحُضْنِها حَتّى لا تَضِيعَ مِنّي أَبَدًا…..أتَظُنُّونَ أَنَّ هذا بِالفِعْلِ ما حَصَل؟!

إقرأ أيضا:قوة حواء ، بقلم : شيماء نايف العوضات وَ وفٱء علي عويص

سُرْعانَ ما تَتَلاشَى هذِهِ الأَفْكارُ وَتَقُولُ:”أَلَن تَتَعَلَّمي مِنْ أَخْطائِك ِ! أَلَن تَتَعَلَّمي مِنْ أَخْطَاءِ غَيْرِكِ ! …. فَأَصْمِتُ أَنا وَأَدَعُها تُجِيبُ نَفْسَها بِنَفْسِها .

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
خطان بالحبّ لا يلتقان إلاّ بالجنّة، بقلم: سارة ماهر بطّاح
التالي
“طمأنينة قلبي” بقلم حنين نجيب أبو سرحان(خاطِرة)

اترك تعليقاً