مقالات ونصوص متنوعة

مقال بعنوان: شيئية الأنثى ومليكة الذكر، بقلم الكاتبة الأردنيّة: صفاء البشارات

مقال بعنوان شيئية الأنثى ومليكة الذكر للكاتبة الأردنية صفاء بشارات

شيئية الأنثى و مليكة الذكر
ألا لا يَجْهَلَنْ أحدٌ علينا فَنجْهَلَ فَوْقَ جَهلِ الجاهلينا
إن كلمة الجاهلية تدل على الخفة والأنفة و الحمية؛ الجهل أن تعتقد بخرافات لا أصل لها، و الجهالة أن تخرج عن طريق الحق فتأخذ ما ليس لك، الجهالة هي السفه و الجهل ضد العلم، و الجاهلية التي كانت قبل الإسلام جاهلية جهلاء، إلى أن اتى الإسلام و أنار حقيقة الحياة سن الحقوق و أكرم النفس البشرية على أنها حرة جميعهم سواء.
في المجتمع العربي رُسّخت فكرة الأنثى على أنها مِلكٌ مادي للأب أو الأخ، أي ما يعني حق التصرف بالنيابة عنها في عدة أمور وصولاً إلى التعدي على حقها في أخذ قرار الزواج، العمل، الدراسة، كما تعتبر المرأة عبء و عار لمجرد جنسها لذا تحرم من ما يقارب ٩٠٪ من حرية الفرد الطبيعية، حيث و استقبلت إدارة حماية الأسرة الأردنية 11923 حالة و قضية خلال عام 2018، لذا هناك وسط المجتعمات العربية مفهوم جرائم الشرف و هو انعكاس لأخطر
الثقافات و أخطرها فسيولوجي ثقافة قتل النساء ( femicide)
و هي ثقافة يتبناها الرجل والمرأة،
إلّا أن في أغلب الأوقات و تحديدًا في الشرق الأوسط، الذكر يتبناها كما وُجدت قبائليًا عند العرب بما يسمى “وأد البنات” فتقوم هذه الظاهرة على مبدأين فسيلوجيين؛ الأول مبدأ أن المرأة فقط كقيمة جنسية و الثانية مبدأ الحكم الأبوي، فكان الأب حين يُرزق بفتاة يقوم بؤدها فوراً بسبب تحميلها فقط قيمة جنسية و أفكار متخلّفة محصورة في عقل الذكر من عبء يتحمله مما ينتج عنه جميع المبررات المتخلفة لدى الذكر العربي بسبب رؤيته للأنثى على أنها ملكية جنسية فقط و ليست إنسانًا وفردًا يشاركه نصف الحياة على الأرض، و من وصايا الرسول للنساء كانت “استوصوا بالنساء خيرًا” أن يحسنوا إليهن وألا يظلموهن و أن يعطوهن حقوقهن و يوجهوهن إلى الخير، و هذا هو الواجب على الجميع لقوله.
الجرائم التي تُرتكب بحق المرأة في العالم العربي من القتل المتعمد، العنف، التحرش، الإغتصاب، الزواج القصري و الذي يشمل أيضًا زواج القاصرات، جميعها مصب لفكرة أن المرأة مُلكية شيئية للذكر و محصورة كأداة للجنس فقط و ليست إلا عبئًا و عارًا صنعه تفكير الرجل العربي إلا أن من يحمل هذه الأفكار ليس إلا ذكرًا متطبعًا قد توارث أفكارًا متخلّفة، لأن الرجولة صفه لنضج الأخلاقي الكافي والمسؤول، لذا إن مراحل إثبات الذات و فرض القوة عند الذكر تتمحور حول القمع و الإضطهاد و التسلط الذكوري على المرأة، حيث وصلت نسب العنف ضد المرأة في الأردن إلى 65%، هذه هي النسب المسجلة فقط، مما يؤكد أن هناك حالاتٌ لم ترى الضوء بسبب ثقافة الصمت السائدة بين النساء أو ما يندرج تحت حالات عدم الإفصاح بسبب الخوف من ردة فعل المعنف و يعود ذلك لسبب انخفاض مستويات الحماية القانونية للضحايا في الأردن.
في الجهة الدينية يتم التلاعب في التفاسير الدينية لحصر أن المرأة ليست سوى أداة جنسية، و كل ما ينبع منها عورة، و يتم حصر العواقب الدينية فقط على الأنثى، مما يخرج من هنا مبدأ وظاهرة أن الذكر لا يعيبه شيء مما يؤدي على أن العقاب الديني حول ظاهرة معينة لا يطبّق على الذكر بسبب تشكيل عضوة التناسلي ولكن في الجهة الاخرى، يتم تطبيق عقاب لا يمت للدين بشيء حيث يتم زهق روح الأنثى فوراً مما يأتي لنا بظاهرة فسيلوجية (جرائم الشرف)، استنادًا على
آخر حادثة، مقتل الفتاة على يد أبيها و شرب الشاي بجانب جثتها وتدخين سيجارة يوضح لنا أن جرائم الشرف تستند على رغبة الذكر الإجرامية في الخروج بتنمق اجتماعي، و تتبعات القانون الأردني في المادة 99 و 98 تنص على خفض عقوبة أي جريمة قتل ضمن إطار العائلة تحت مسمى “حالة غضب” ليتم خفض العقوبة لأكثر من النصف متجاهلًا أن هذه جريمة قتل و أن القاتل خطرٌ على المجتمع بأكمله، لذا من هنا نستجد أن الحكم الأبوي طاعن يجعل من الضحية (المذنب) و من القاتل (ضحية).
و بالعودة لآخر حادثه نجد أنها حالة تعنيف منذ الطفولة، و في كل مرة كانت تحاول الدفاع عن حقها سيتم ضربها بطرق شتى، إلا أن المجتمع العربي يدافع عن هذه الظواهر ويقوم بتنمية أفكار العنف والقتل وجرائم الشرف في الأبناء للدفاع عن شيء غير ملموس، و طبيًا غير موجود لدى نصف نساء الكرة الأرضية، و بهذا يتم تنمية قتلة، و التحريض على جرائم القتل قبل حصولها، مما يؤدي إلى نواة مجتمع متخلف و عفن إجتماعي، مما يؤثر على الدولة في الكثير من النواحي لذا تبين أن المرأة في العالم العربي ليست سوى أداة للجنس وفرد لا يتمتع بجميع حقوقة و إنسان مضطهد مقموع و ممسوح الهوية، حيث أن صورة المرأة أو اسمها تُشكل عبئًا وشعورًا بالخجل من عرضها أمام أحد، استنادًا على حادثة مقتل فتاة على يد أخيها بسبب فتحها حساب على مواقع التواصل الإجتماعي، و وُضِعت الحادثة تحت مسمى جرائم الشرف، أي أن سيكولوجية “الشرف” لدى الذكر العربي تبدأ من قول الأنثى ب لا ومتعديه على مطالبة بحقوق طبيعية لا يفترض للإنسان المطالبة بها كونها شرعية، تُمنح له عند ولادته كالدراسة، اختيار الزوج، العمل وصولاً لأسخف حقوق فتح حساب على موقع تواصل اجتماعي، وضع صورتها الشخصية و أمور أكثر من سخيفة لا يمكن لعقل إنسان طبيعي تخيلها و أيضًا تُنسب قضايا التحرش الجنسي اللفظي والإغتصاب نحو المرأة بكونها المتسبب الأول بهذه الحادثة، بسبب نوعية ارتدائها للملابس أو خروجها من المنزل أساسا،ً رغم أنها ضحية الإعتداء و أن الذكر غير مسؤول عن فعله و هذا الفعل لا يعيبه بل يمنحه كامل الحق، ولا يلاحق قانونيًا أو حتى دينيًا متناسيًا بسبب عادات وتقاليد أسنوها وبرمجية العقول لديهم أن الخطأ بالكامل يقع على الأنثى لذا يتم تناسي رفع قضية نحو الفاعل والإكتفاء بالصمت ولوم الضحيه حتى أن مؤسسات حماية الأسرة تكتفي بتوقيع أهل الضحيه على تعهدات ورقية والاكتفاء بها دونَ متابعة القضايا لاحقًا وإن كانت العائلة تلتزم فعليًا بالتعهدات الموقعه لذا نرى في كثير من القضايا التي تتحول إلى قضايا رأي عام أن دور مؤسسات حماية الأسرة ضعيف وغير مكتمل ولا يوجد مسأله من إحدى مؤسسات الحكومية عن أي تقصير يكشف، وانتقالًا إلى أكثر المجتمعات حفاظًا في نوعية الملابس (المملكه العربية السعودية) حيث تم تسجيل حالاًت اعتداء جنسي وتحرش لفظي وجسدي في عام 2019 سجلت المحاكم السعودية 579 قضية تحرش، في حين تجاوز عدد قضايا التحرش خلال الفترة نفسها من العام الذي سبقه 700 قضية مسجلة ولا يمكن تجاوز الحوادث التي لم يتم تسجيلها تحت تحرش واغتصاب وتم تسجيلها تحت مسمى جرائم شرف نحو 6883 حالة بسبب تحميل الضحية خطأ الفاعل.
حيث نصف ما حدث من حالات اغتصاب وتحرش كانت داخل اطار العائلة.
من هنا نرى أن المجتمعات العربية ليست قائمة على الدين بشكل صحيح، وإنما قائمة على عادات وتقاليد و أقاويل موروثة غير صحيحة بتاتًا وجميعها تُلصق بإسم الدين والرب، كحالة جرائم الشرف الذي يستدعي الذكر في العائلة لقتل الأنثى لمجرد تمردها على قانون قام بسنه عليها، بينما حرم القتل في الدين حتى أن أسوأ خطيه في الاسلام (الزنا) لم يكن عقابها القتل ولا تفترض على أرض الواقع سوى بعد تأكيدها بأربعة شهود ولا تنفذ من أحد ذكور العائلة بل من القاضي الشرعي.
نرى أن المجتمعات العربية تقوم بإعطاء الذكر قوة وسلطة مغلوطة، بحكم عضوه التناسلي والحكم على الأنثى بأنها أداة جنسية وفرد جالب للعار لمجرد جنسها.

إقرأ أيضا:ما حكم الزاني المتزوج؟

Leave your vote

-1 points
Upvote Downvote

Comments

0 comments

السابق
خاطرة ، بقلم: عبير ماجد فسفوس
التالي
هلوسات ،بقلم : رهام عثمان أحمد

اترك تعليقاً