مقالات ونصوص متنوعة

كسرًا كما يليق،بقلم: دينا أبو رياش”خاطرة”

كـسراً كـما يـلـيـق

ردّاً على نارِ الجوى التي ما انفكّت أسطركَ تنقشُه لي
يا سـيّدي وأنتَ الذي لم تُسْعفهُ الأزمنة ولا الأمكنة ولا عذارى القلوب .
فقد جئْتَ متأخراً، للمكان الخاطئ
ولسيدة حرفكَ والكلم ، وليس إلى جارية الحُبِ والقدم.
نعـم يا سيدي نعم ، قد انتظرتُ منك الرّسائل ؛ولكنها تعثرتْ.
وسمعتُ نبضكَ المكلوم من الشوقِ ، ولكنها لم تَكُنْ بَعدُ في صدري سرتْ.
نعمـ وقد حملَ رماد الغيمِ أدمُعي
حين رأيتكَ على قلمِ النساءِ تنتشي
تُنشئ الحبَ على شفاهٍ غير شفاهي
نعـم وأنا التي شُقيتُ بعشقِ لحظٍ لم يكن لي .
دهرٌ مضى وسنين قد خلتْ،انتظرُ أحباركَ على صفحات نافذتي .
نعـم قد كان حبكَ في صدري يبعثُ الغسق ،لكنها كما قُلتَ -صقر-
أن تنتظر من لن يأتي به القمر
كم كان جورِ فجوركم يا سيدي في حُب النساء يخلع القلب ، ولظى انتظار الله أن يهديكَ إلى سبيلي
لأكون لكَ المُنقلب .
جورُ شرقيتكم يا سيدي أَبْدَلَ الجِلدَ -جليد –
وأصبحَ ناراً ووعيد .
غيابكم يا سيدي ، أعاد سَبْكَ عظامي من جديد.
لوصلكُمْ ، لقلبكم كُنتُ في الانتظار
حتى أختبئتُ في القصائد،وضمتني صلاةُ كُلِّ زاهد .
دموعي يا سيدي ما كانت لتنتهي، حتى بكى على حالي من ليس يعرفني .
أَهازيجُ المحبةِ أَخْرَسَها الغياب
كم انتظرتُ منك أن تنفرَ إليَّ أنا
لكن قلبك لم يَكُن في حضرته، وكلِّ العمرَ لم يكن يَخرُجُ من سكرته.
ثم أن البُعدَ يا سيدي إثم كبير ،والقلب بعد التوب من طريقكم لم يَعُد آثم.
حروف قصائدي الثمانٍ والعشرين بالية، وقبضة الريحِ على سياط غيابكم عالية.
حُروفٌ تُكتبْ في كُلِّ يومٍ وليلة، كيف أن قيساً قد هاجرَ ديارَ ليلى .
قِبلَةٌ تغيرت، وصلوات العبادِ من غير وضوءٍ تبعثرت.
لكننا يا سيدي أخلصنا النوايا، وجابهنا في غيابكم المنايا.
واليوم نعـم اليومَ قد أخرجنا المعابد، ولستَ لنا ولسطوةِ الحُبِ قائد .
فقد أشعلنا المدى خلف غيابكم وهجركم وقد رانَ الصدى على ذاك القلب ، ولن تسمعَ لك مجيباً أبداً .
أتعـود الآن! لتقطعَ الزيتون،لتجرحَ الفَراشُ من جديد ، لتوقظ طفلاً قد غفى بعد النحيب على فراقكم
الآن وقد عفى تالله لن توقظوه.
أتعجبُ أنتَ!
ما كُنتَ تبغي إلا أن ألين؟أُقَبِّلَ رسائلكَ ورداً وياسمين؟
أأتوسَّدُ تلك الحروف ليلاً وأصدح بها ضُحاً لبنات الحيّ.
بل أصدَحُ بقصائدي يا سيدي ،بعد أن حُمِّلَ الجرحُ أحمالها، وألقت على الصدرِ أثقالها، لتفترشَ الأرض وتُشعلَ الوجد.
لكنها قصائدي التي أصبحتْ نسلاً من أُصولِ الطين، حرفاً في قافيةِ الغياب بلا إعراب .
حروف الصبرِ في دفاتري جبالٌ رواسي ، كالشمس أصبحتْ في كلِّ نادي .
منذ أن غادرتنا ونحنُ نُقيمُ صلاةَ الغائبِ في شظايا القلب، راكعاً،مُسبحاً وحامداً
ولأنك لم تَكُن تُحبُني كـمـا يـنبغـي
فأهلاً بكسرٍ كـمـا يـلـيـق .

إقرأ أيضا:عين كارم, بقلم : هالة محمد درويش “مقالة”

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
العيد، بقلم:محمد الفرج”شعر”
التالي
مُخيّلتي الطّفولية، بقلم: أحلام طه حسين”نص نثري”

اترك تعليقاً