مقالات ونصوص متنوعة

أنانيّة الحياة، بقلم: يونس المحمد”نص نثري”

نص من نصوصي بعنوان “أنانية الحياة”

أنتظرك ريثما تأتين ياقهوتي.
من زُجاجِ المقهى أنظرُ للعالم الخارجيِّ المُمتلئ بشتَى مشاعرِ الحياةِ، فمنهم يموت وهو على قيد الحياة ومِنهم على قيد الحياة لكنهُ سيموتُ حتماً، ذلك العجوز الذي يَمدُّ يديْهِ للمارّة؛ لِترى القِطع النقديّة الحديّدة تتناثرُ كوابلٍ من المطر؛ هُم يعلمون أنْ تِلك القُطع لاتستطيع أن تُكسيهِ حِذائاً،وهو يعلم أنهُم ينتظرونَ كاميرات التصوير لِتلتقط لهُم صوراً وُهُم يذرفون أموالهم بِحق الفُقراءِ.أما عن هؤلاء الذين يذهبونَ لأفران الخبزِ ليذهب بهم الحال عِدّةُ ساعاتٍ وهم يقفون؛ لينتظرونَ دورُهم، آتياً ذلك الرجل ذو البطن المُكرشة ويترجل من عَربيّتهِ،ويصرخُ بوجه الشُرطي مُنظم الدور آمراً عليهِ، أن يحُل أمر تِلك الفوضى حاملاً بيديهِ ربطتين للخبز على الأقل، ليبقى عامةُ الشعب بإنتظار دورِهم.
طِفلٌ صدأتْ روحهُ مِن الداخل ينتظرُ أبيهِ ليأتي حاملاً بيديهِ هديةٌ لأبنائهِ مِن حلوى وألعاب هكذا تَعُودَ الرجل بروتينَ يومهِ؛ ليعود مُحطماً رقماً قياسياً من القهرِ والمذلة أما عن الحلوى فقد نُسيت في هذا المنزل؛ وأما عن البهجة والسرور يبقى كلامُ الأمِ المعسولِ عن الصّبرِ والدعاء لله بالفرج ليعزف ذلك الطفل في روحهِ سيمفوينة القدر المُتعب والحلم بالأمل.
أمّا أنا الذي يَهمُّ حاملاً قلمهُ وأوراقهُ أُسطِرُ أوجاعي وآلامي تِجاه خيبةً لكن النظر لهؤلاء الناس يبقيني أتذكرُ مِثالاً : “اللي يشوف مصيبة غيرو تهون عليه مصيبتوا” لكنني أبقى آملاً من الله أن تكون تِلك الخيبة قوةٌ لي وليست ضُعفاً، ليأتي النادل مُقدماً لي قهوتي ذات الملامح السمراء بقلبٍ أبيض، أنانيةٌ تُجبرني على تنظيف الطاولة لِتُفسح المجال لِنفسها لِتُبعد تلك الأوراق بريحً عاتية أقتلعت ماضياً لِتُبقيني مُتأمّلاً بقادمٍ أفضل.

إقرأ أيضا:ما هي حشرة الفراش

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
روضتي، بقلم: أنوار باسم زقلام”نص نثري”
التالي
رسالة انتحار، بقلم :شمم الجبوري”نص قصصي”

اترك تعليقاً