مقالات ونصوص متنوعة

انطفأت شمعة الحياة بقلم:فاطمة “نصوص نثرية” فايز عمير

منذ الرابع عَشرَ من الشّتاء الجميل في مُنتصف برد شباط وأمطاره المتفرقة واللطيفة وشمعةُ الحياة مكتوم نورها داخلي، أتدري لماذا ؟
سأقصّ لكَ ذكرياتِ تلكَ الليلة اللعينة التي مازالت كل ثانية منها تَجول برأسي وتحتضنُ فكري.
قبل خمسِ سنوات من الآن أنت تعلم أنني مضيتُ حياتي بالسنين لا بالأعوام لأن ثمن الأعوام لا يليق بياقتي، اللعنة على تلكَ السنين التي استغليتها بحبك الرجيم، أعتذر منك أيّها السفيه لا أريد إطالة الحديث معك سأفصح عمّا حدث و أكسر قلمي لانه تحدث عن قذر مثلكَ.
يومي الحبيب و وقتي المفضل، في يوم الجمعة الساعة تُقبل على الثانية والعشرون مساءً، في مكان اختاره قلبي ليبني عليه سعادته وأعوامه، بيت لا أحد يَسطع على إيجاده سوى حبّنا.
جمعتُ الزّهور من بُستان العِشق خاصتنا ونثرته بكل زاوية من فناء البيت، تعمّقتُ بتحضير الأطعمة التي ترغبها و تحبها، نسجتُ ألحان جيتارتي عَلى سُفرتنا لتبتسم وجنتينا بكل نغمة اقطفها من أجلكَ، تزينتُ وكسوتُ نفسي بأكثر قطعة تُميزها عن غيرها من ملابسي، غمرتُ نفسي برائحة العطر الذي جلبته لي بيوم ميلادي، وجلستُ أنتظر قدومكَ لتأتي و نحتفل معًا بكل ثانية من سعادتنا  وليلتنا.
بعد انتظاري السّقيم لكَ غلبني النّعاس والتعب، جلستُ على الأريكة قليلًا و إذ بحركات غريبة تحدث خلف باب المنزل، استجمعتُ نفسي و ذهبتُ مسرعة لأنظر ما يحدث ومن يكمن خلف البوابة.
هل ترغب بتكملة ما حدث بعد ذلك و الا تخجل من نفسكَ ؟
سأكمل لك وأحرقكَ بلهيب الحديث عن تلك الليلة، سأجعلكَ تأكل نفسك ندمًا بكل حرف اغرد به من أجل قذارتكَ.
بعد عدة ثوانٍ نظرت من النافذة لأستطيع تخمين من يكمن في مكان ما بجوار المنزل ويحدث ضجيجًا هناك، التفتُّ يمينًا ويسارًا لم أَجِد أحد.
حين مغادرتي الباب وذهابي لغرفة النوم لأخذ قسط من الراحة شبت رائحة غريبة كأنهحريقٌ ينبت بالقرب من المنزل، بدأتُ بالاضطراب و الخوف يتقمّص عيوني و قلبي يكاد يقف نبضه من الفزع. بدأت أجول بالمنزل بكل زاوية أتفقّد إن كان هناك شيئا محترقًا، فرأيت نافذة الحمام يشبّ حريقًا مِنها.
الدخان يحتضنُ زوايا المنزل كافة، والزجاج يتكسر من شدة ضغط اللهيب عليه.
ذهبت لفتح الباب لأستطيع الخروج من المنزل ولكنه كان مغلقٌ حتمًا من الخارج، قضمتُ صوتي من الصراخ، نظرت بجواري وإذ بالنار تأكل كل المنزل وأنا بداخله، انهمَرت دموعي متقطعة، جفوني تنغلق رويدًا رويدًا، صوتي يختفي ولا يحتمل الصراخ للمساعدة، ها أنا ارتطمُ أرضًا و الحُزن يطفو بِقلبي.
بعد ثمانٍ و أربعين ساعة من تلك الليلة، وجدتُ نفسي مستلقية بغرفة كبيرة وكأنها قصرٌ من جمالها، وكان رجل ما يقف بصمت فوق رأسِي، كانت أول كلمة أنطق بها بعد حين : أين أنا، وما الذي حدث، و من أنت ؟
أجابني بسؤال رقيق كفتاة جميلة : هل أنتِ بخير ؟
رمقتكِ داخل الحريق مُكومة كالفراشة الصغيرة ملتقيةً أرضًا بعد دخولي لاستكشاف ذلك الحريق، فجئتُ بكِ إلى منزلي ليراكي أفراد عائلتي بعد حضورنا من المشفى.
نظرتُ له بنظرة تكاد ترفرف من الحُزن الذي يغمرها و سألته، هل رأيتَ بحوزتي رجلاً ما ؟
رغم انتظاري الطويل لكَ بتلكَ الليلة لم أهمل السؤال والافتقاد لك أيّها القذر المشؤوم، أطاحني بكلمة : لم يكن بجواركِ سوى اللهيب والرماد.
أتعلمُ شيئاً أريد معرفة أين كنتَ مندحشًا بتلكَ الليلة، و لماذا لم تعد لي، و من هي التي كنت منسجمًا بسمها و حبها، أريد معرفة كل شيء حدث معك بكل ثانية من تلك الليلة هل تريد التبرير لي بشيء ما ؟
سحقًا لكَ واللعنة على حبي لكَ و سخطٌ من ربّي على ما تسببتَ بحدوثه لي ولِحطام قَلبي.
يكفيكَ معرفة هذا فأنت لا تستحق معرفة كيف أمضيتُ وكيف سأمضِي الأعوام أو ربما سنين حياتي الباقية.

إقرأ أيضا:قصة أهل الكهف

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
ما وراء الحقيقة/بقلم لجين السيريسي
التالي
إنني أهواكَ بقلم:سليمان الحسن”شعرتفعلية”

اترك تعليقاً