مقالات ونصوص متنوعة

قمة القوة، بقلم : آيات حريدين

قمة القوة يا صديقي أن تصادق على قائمة هزائمك، و أن يكون لديك على الأقل شيئاً من الوفاء للحلم، فتصافح خذلانه ممتناً للمعارك التي خاضها بعين واحدة، و ذراع بترتها الإمكانيات المحدودة، أن تدرك منذ البداية أنّك مهزوم بفعل إنسانيتك المعجونة بالطين و لربما بفعل الأرصاد الجوية، وأن كل انتصاراتك التي تبجحت بها في منصة تفوقك ليست إلاحافلات لموزين تجرك من قميصك ناصع الأمنيات و من شعرك ذو التسريحة الأنيقة إلى مكبٍّ للأشياء المستهلكة، الشجاعة هنا تكمن تحديداً عندما سيعلن الحكم بدء السباق و ستخبر أنت قدميك حقيقة أنك في أفضل الأحوال ستكون الأول في الوصول إلى مصرعك،  وعندما تصل إلى إدراك الحقائق تلك ستبلغ انتصارك، لتكن هنا البداية إذاً.. و لتتفنن في الرسم على جدران مسارك بالطبشور، بالحبر، و بدمك أحياناً، توقف لطفاً، اترك أثرك هنا و امضي، ستزول حتماً وسيبقى ،فاستند على دوي سقوطك و انهض، ارفع رأسك شامخاً تحدث إلى الشمس، جمّد الأوكسجين و اصنع مزاراً للفكرة، أوقد نار شغفك، راقص طموحك، نادم جنونك، و دع الحياة تسيل بين أصابعك روافد أمل، تأملها و أسهب في الغزل، ثم قدم عينيك نجمتان للقمر، و أحبها، بكل ما أوتيت من نبض أحبها، ورتل تفاصيل وجهها كل صباح و انت تتضرع لله أن تصل متأخراً، ثم هرول مع الوقت ولا تنظر للساعة، الآن توقف لبرهة في معبد عينيها، صلي من أجل فناءك ، امضغ دمعك و تعب اغترابك و ابصقه، ثم هرول و إياك أن تحاذي الجدران، أنت الآن في محطتك الأخيرة، تنفس طويلاً عميقاً حد التماهي بالغلاف الجوي، وتبعثر زفيراً بعيداً متناثراً على جنبات وجودك، على ممرات وصولك، على عتبات تعثرك، و تلاشى بصمت..

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
كيف نسلق الملفوف
التالي
فتاة صغيرة، بقلم : شذى محمد

اترك تعليقاً