مقالات ونصوص متنوعة

هيفاء محمد أيمن دوّارة

سورية
خاطرة

إلى ذاكَ الشخص الذي زرعَ في صحراء قلبي القاحلة بستاناً من الأقحوان، الذي جعلني أشعر أنّني غيمة بنقائها وبياضها، والخير الذي تخبّئه بداخلها، إلى النجم اللامع وسط عتمة سمائي، إلى شخصي المُفضّل دائماً وأبداً.
اعتدّتُ على إقحامك في تفاصيل أيامي، على كتابة عشرات الرسائل الممزوجة بعفويّة الفواصل وعشوائيّة السطور، لكن مُذ رحيلك فقدت قدرتي على الكتابة تدريجيّاً، وقد سُكِب السواد على تلك التفاصيل.
فكرة رحيلك كانت صادمة حد التعب، ممّا جعلني أتوقّف عن الكتابة لك.
لكنّني اليوم أستعيد جزءاً من قدرتي على البوح لك على ما أعتقد.
إليكَ ما أودُّ إخبارك به: باقة الأقحوان التي أهديتني إيّاها يوم قبولي لفرعي المُفضّل لطالما كانت مصدراً لتفاؤلي، في كلّ صباح، وحتّى صباح اليوم المشؤوم ذاك_يوم تلقيتُ خبر وفاتك_ ، تأمّلتُ أقحواناتي لأرى إحداهنّ قد ذبلت تماماً، مُذ رأيتها وشعرت بنخزة في قلبي، أظنّها كانت مؤشراً على خبر غيابك.
النادلة في المقهى المُفضّل لدينا التي لطالما كانت ملامح البهجة ترتسم على تقاسيم وجهها عندما ترانا، أُبدلَت ملامح البهجة بملامح الشفقة، عندما تراني وحيدة على طاولة منسيّة في زاوية المقهى، مازالت فضوليّة وعفويّة كما هي، وتحبّ طرح الأسئلة كثيراً، حاصرتني بكمٍّ هائلٍ من الأسئلة عنك، وعن سبب غيابك المفاجئ، لكنّني اكتفيتُ بابتسامةٍ مبتذلة تدلّ على عدم رغبتي بالإجابة، كيف سأخبرها بذاك الخبر اللعين؟ مازلتُ لا أصدّقه ولن أصدّقه مُطلقاً.
خسرتُ خمسة عشر كيلو غراماً من وزني في أقل من أسبوعين، أعتقد أنّني حطّمتُ الرقم القياسيّ، طوال حياتي لم أحقق رقماً كهذا في مدة قصيرة، لكنّ غيابك من فعل هذا، التفّ ظلام داكن حول عينيّ، وبات الشحوب واضحاً على ملامحي، استُهلِكَت طاقتي بالكامل، وذبُلت روحي كذبول أقحواناتي في ذاك اليوم.
ما يزيد الأمر سوءاً هي نظرة الدهشة المُخيفة التي تظهر على وجه كل من يراني، وكأنّه يرى شبحاً ليس إلّا.
أعلمُ جيّداً بأنّ هذا الخبر لن يَسِرُّك، وسيغضبك مني، لكن لا حيلة لي في الأمر، غيابك من فعل هذا.
نسيتُ أن أخبرك أنّني مازلتُ أتأمّل صورك في كل ليلة، هي الوحيدة التي تُطَبطِبُ على قلبي، وتروي عطش اشتياقي إليك.‎
| هيفاء دوّارة|??

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
التالي

اترك تعليقاً