مقالات ونصوص متنوعة

فلسطين، بقلم : سماح الجزار، “نصوص نثرية”

لم أعي ذلكَ الوقت تمامًا، كنتُ أحملُ تسعةَ أعوامٍ من الهلاكِ، سنيني ما كانَت إلا ويلاتِ خراب.
كنتُ الشاهدةَ على بقايا أورقةِ القدسِ الشريفِ، ممراتُ يافا وشوارعُ حيفا، وحصنُ عكا وأبارُ يبنا،
رأيتُ خرابَ عرسٍ لعروسٍ بالعشرينِ، وعاشقًا أتتهُ المنيةُ الإستشاهديةُ يومَ الميلادِ.
ثوريةٌ أنا، آيةٌ على ما أحدثوه من فتاتِ أرض،
لم أكن إلا حجةً وبرهانًا، علامةً وقرينةً وسلطانًا.
أبصرتُ واقعةً مريرةً كمرارةِ الحنظلِ.
ترجّلَ أحدٌ من ذوي الرؤوسِ الخضراءِ قائلًا قولَ بعيرٍ: اخرجوا منها زائلين أنتم غير معمرين.
كوفيةٌ بيضاءٌ خُطَتْ بدماءِ مسكٍ لشبابِ فلسطين، لم أرَ حينها الا شلالًا من دماءٍ طاهرةٍ كأريجِ الإقحوانِ، كشذى البيلسانِ .
بدأ الجمعُ الحقيرُ وكأنَّهم شهبٌ أُرسلت وراءَ أهلِ حقٍّ يهينونَ ويدمرون.
إهاناتٌ وتدمير، كسرٌ وتكسيرٌ، أي خراب افتعلتموه؟
يا معشوقةَ الرجالِ الحرةِ، يا وهنَ الأمهاتِ يا قلبي وقالبي أمني وأماني فلسطين. كان يومُ ميلادك المُبتلى، ومنذُ ذاكَ التاريخِ ولم يفارقْ لساني دعاءُ المُبتلى.
رفيقُ جيب جدي مفتاح عودة خاصم الصليب، يا شقائقَ النعمانِ حني وارحمي، كحنانِ طفلةٍ بريئةٍ قبلتْ رأسَ جدها المرهقِ بالحنين، يالله تعبتِ الروحُ ونادَت، كُتمتِ الأنفاسُ وغصتِ الأعينُ بالبكاءِ إلى متى ستبقى الفاهُ العربيُّ أبكمًا؟

____________

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
أثقلْتَني، بقلم: رنيم أيمن جحه “نصوص نثرية”
التالي
طريقة عمل سمبوسك اللحم البيتى

اترك تعليقاً