مقالات ونصوص متنوعة

غداً الثلاثاء، بقلم: يوسف طلال رمضان سوريا”نصوص نثرية”

(غداً الثلاثاء)
لم أستطيع يومًا قبول اللون الأبيض للسرير،كيف أجبروني أن يكون أبيضا!لم يسألني أحد ماذا أفضل،أو ماذا يعني لي اللون الأييض.
لذلك السبب كانوا يجدونني نائمًا بجوار السرير مما زاد تأكيد حكمهم عليي باللاوعي علي .
ساعة الحائط التي كنت أقوم بتحطيمها كلما قاربت السابعة مساء.. نوبات جنوني كل ثلاثاء..لم يفهمها أحد
نظرة الشفقة التي كنت أراها بعيون من جاء لزيارتي حاملأ معه شيئًا أحبه أو سيجارة مخفية عن عيون سجائي، السخرية التي كنت أسمعها من الممرضين عندما يجتمعون ويرونني أراقص وهمًاواستغرابهم لأفعالي عندما كنت أرمي كل شيءٍ في كل مرة وأعود لحارس الباب أطلب منه سيجارة
خلف الكرسي الخشبي عبارة فلسفية كتب فيها (من أنا؟!) أستوقفني على غير العادة ،سألت نفسي من أنا؟!
أجبت بحملة اعتاد عليها أبناء جيلي…أنا ابن الثماني سنوات حرب
خلف تلك الجملة خبأنا سطوراً من السواد، سنوات لم تكن سهلة لكنا تجاوزنا فيها كل عقبه، التغريبة والحصار..والفقدان والأنكسار
كانت مجرد فترات تمر كأنها أحلام تبقى منها ذكريات لمواقف مّضحكةوليال باردة كسر صقيعها نار حذاء قديم وسخريات على أنوف حمراء أحرقها البرودة
خلف تلك القضبان ومن بين العقلاء ومن تلك الشرفة كعادتي بدأت بإسقاط احلامي الوهمية على أرضنة الغرفة الباردة خيث جعلتُ لنفسي مديراً للموارد البشرية في إحدى الشركات تناسيت كل ثلاثاء في حياتي، كان كل شيءٍ عادياً روتينيا لاشيء جديداً البتّة
أثناء مقابلتي لعملاء جدد كنت المسيطر الأكبر بالأسئلة الملغومة السريعة والوجه المتجهم ، وكنت الكابوس الأكبر لكل عميل جديد حتى دخلت كأنها ملكيتي،لم أكن أمامها سوى عبد، كل غروري أصبح حطام، بدلتي الرسمية أصبحت من قماش
أكياس الطحين الموحلة.. رائحة عطري خنقتني كما دخان الموقد القديم.. مكتبي الفخم اكتسى بشجار ذلك الموقد…نعم إنها هي..
خيبة الحب الأولى..المجزره الثانية التى قُتل فيها أبي.القذيفة الثالثة التي دمرت منزلي.. يوم الحصار الرابع الذي فقدت فيه أخي
العيد الخامس بلا أمي.. يوم الثلاثاء السادس من السنة
الساعة السابعة..القدم الخشبية الثامنة
الرقصة التاسعة..والأرض المجهولة التى حولت رفات نديمي
كانت ذكرياتب هي من اقتحم حنة أوهامي وجعلتني سجينها
سجين الثلاثاء الذي فقدت فيه ابنتي..سجين السابعة التى وجدتها فيها غارقه في الثلج وزوج أقدمها الخشبيه مدفونا ليقول لي..لن نرقص يوماً كما حلمنا
مشفى الأمراض العقلية
دمشق
الأثنين 10/2/2019. 18:56

إقرأ أيضا:تَحدّي الثّقة.

يوسف طلال رمضان سوريا

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
عناق من صمت، بقلم : روان سمحان ” نصوص نثرية ”
التالي
جرح دفين،بقلم:ولاء خزنة كاتبي’نصوص نثرية

اترك تعليقاً