مقالات ونصوص متنوعة

على قيد الذكريات،بقلم:روزالينا فؤاد محمد’نص نثري

على قيد الذكريات

 ذات يومٍ عصيب تفوحُ مِنه روائحُ البؤسِ والحسراتِ ، تفيض منه دموعُ الشوقِ واللوعاتِ ، أُبرق إليّ أنْ “ذاك الجبلُ الشامخُ الذي تستندين عليه وتستمدين مِنه غُرورك ، وتُفاخري به الأمم ، قد أصبحَ ذِكرى ، لا تملكينَ مِنه سوى ألبوم صور تفوحُ منه عبيرُ الذكرياتِ السعيدة ، والتي لمْ يَتبقى منها سِوى ابتسامةُ ألمٍ ممزوجةٌ بعبراتِ الأسى ، يالكِ من مِسكينة غادرَ أخوكي العالمَ دونما وداع ، لا قُبلة على الجبين تُطبَع ولا حضن أخير ولا سهرةَ أنسٍ تُزلزل ضحكاتهُ اوتادَ الكونِ ، لا تحزني لربما يزوركِ بين الفينة والأخرى في عالمكِ الذي تُحيينَه أحلاماً وردية ، كُلما زاركِ الحنينُ سيأتيكِ بطيفِه ، يواسي دموعَكِ السخيةَ ، ويربّثُ على روحكِ المتقدةِ شوقاً ، ويرسمُ بريشةِ محياهِ ابتسامةً حُبٍّ على محياكِ. اغسلي لوعةَ قلبكِ بندى عينيكِ وارفعي كفَيكِ لربِّ السماءِ وأرسلي لهُ دعواتٍ تُنير مثواه ، قولي لهُ أنّك لازلتِ تشعرين بوجودِه حولكِ ، ولم تتقبلي فكرة أنّ الكون قد فرغ منه إلى آخر الحياة ، وأنّه لن يتكررَ ولن يأخدَ مكانه احدٌ في قلبك ، وأنّكِ على تلك الذكرياتِ ستقتاتين خبز الأشواق . ثمَّ ماذا ؟ ثمَّ إنّ الفقد يشقُّ على القلب أكثر من احتضارِ الروح ، وأشدُّ وطئةً عليه من استقامة خط الحياة ، وتوقُفِ ضجيج حُجراتِه ، وأقسى والأمُ من سكرات الموتِ نفسها . حين رحلوا قبلنا رحمهم الله من عذاب وويلات الفقدِ ، ونحنُ صُبَّ علينا حميمُهِ صباً ، فانصهرت كلُّ ألوان الحياة فينا وتفحمت سواداً غمر أفئدتنا ديجوراً حالكاً أغلق عيوننا بحجابٍ من غسقٍ عن كلِّ نورٍ قد يتسلل إلى جوارحنا . حين راودتنا أفكارٌ عن احتمالِ فقدهم أصررنا على استنكارها ولجمها في جبٍّ لا قرار له ، هُم في القلب في الصميم محفورون في الروح في الذاكرة خالدون في السجود في الدعاء في اليقظة والمنام هُم الغائبون الحاضرون الخالدون فينا . صفحاتُ ذكرياتِنا تروي لحظاتنا معهم كيفَ نذكرهُم ونحن لم ننسهم قط ؟؟ ينامون تحت الجفون فنراهم في كلِّ طرفة عينٍ ، نبكيهُم ولا تُطفئ دموعنا لهيب لوعتنا ، تتراكم الأشواقُ ، تتزاحم الذكرياتِ، ونضيع بين جمالها و حقيقةِ أنها لن تتكرر

إقرأ أيضا: أُحبّ اضطراباتي،بقلم: جود السيلاوي’ نص نثري

.

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
كتابات لاقت مصيرها/بقلم:غنيم صايل الغنيم(سوريا)”نص أدبي”
التالي
الحكايةُ أنني/بقلم: ملك يزيد النجار.”نصوص نثرية”

اترك تعليقاً