كوكب الأرض وأحاديث أب، بقلم : موسى محمود الملا ” نصوص نثرية ”

مرحباً، أنا ابن أبي، هو يُملي علي ما أكتب دوما، فهو لا يجيد الكتابة، وأنا لا أجيد سواها، نعيشُ في المدينة الفاضلة، قد تكون ليست كذلك كما ينعتها أبي، ولكننا على احترام الأسماء مجبورون، يجول أبي في الشوارع دائما ويصيح الفكرة نائمة رحم الله من أيقظها، لذلك ينعتونه بالمجنون، يقول أبي:

في مدينتنا قديماً كان الكذب مُحرماً، والغشُ خيانة، والفساد جريمة، ولم يُكن هناك جهاز شرطة، فالجبينُ كاشفٌ لكل ورطة

نعم، فجبين الإنسان هو مرآة مافي قلبه،
إن كنت تكذب، يُكتبُ ذلك على جبينك، وإن كُنت تغُش يُكتب أيضا،
في مدينتنا قديماً، لايوجد محتالون أو ظلمة أو قتلة، فمدينتنا كما أسلفتُ اسمها المدينة الفاضلة، وأن تُخطئ يعني أن تُفضح، ولا أحد يحب ذلك، والكلُ بالحقيقة يصدح

مات ملكنا العادل يوماً، وورثه كما العادة ابنه، فالحكمُ للابن دوماً،
عند تتويج الحاكم الجديد بمنصبه،
كُتبَ على جبينه خائن، فصاحت ثلةٌ أطلق عليها فيما بعد لفظ الشيوخ أن الخروج على الحاكم محرم، فكتب على جبينهم كاذبون، التف الوزراء حول الحاكم الخائن والشيوخ الكاذبين، فُكتب على جبينهم فاسدين،
ضجَّ الشعبُ، وعمّ الغضب، فصاح إعلامي كُتب على جبينه أحمق، أن الجبين لم يعد يعمل كما السابق، وأن خيانة الملوك حلال،
ولأن الشعب بسيط صدقوه في الحال،

فأكرم الحاكمُ الإعلامي، وصار برنامج تكذيب الحقائق عندهم أساسي
وكُتب في الدستور أن الكذب فضيلة، والغش تجارة، والخيانة حكم، والنفاق خُصلة من رجل دين، وسُمِح بالرزيلة

 وتجمّع كل من يُكتبُ على جبينه ظالم بفرقة واحدة وشكلوا جهاز الشرطة، وبَنوا سجناً كبيراً بأمرٍ من الحاكم، يُسجنُ فيه المفكر الذي يدعيّ أن الخيانة والظلم والكذب أخلاقٌ غير حميدة، كَبُرت مدينتنا كثيراً، وأطلقوا عليها فيما بعد كوكب الأرض

#موسى_الملا

كوكب الأرض وأحاديث أب الجزء الأول