ضجيج أخرس، بقلم : يزن خالد الدميسي ” نصوص نثرية ”

__________
(ضجيج أخرس)
قنبلةٌ على بابِ غرفةٍ، إنها من خشب البلوط!
الغرفة بها أُصواتٌ وأمي، قلبُ أمي ينادي.. سمعتها تنادي باسمي، يزن يزن أرخِ سمعك، أمك تهمس الآن، وَلَدِي أخرجنا.. يا وَلدِي أخرجنا، يسألني قلبُ أمي: “هل أنت خائف”؟ فأجيبها بعينيّ “كلَّا”!

طفل رضيعٌ خائف، أظن بأن أعضاءه أصابها اللَّهب، وأصواتٌ لا مبالية تقول: “الموت جميل، الناس ذاهبون، وكلنا ميتون”، كانوا يتبادلون قطع الحلوى ويتقاذفونها، يسببون الهلع بين من هم داخل الغرفة المدورة، وليس بعيدًا عمَّن سبقوا من يظن نفسه في “مقلب”، الأحمق يضحك.. يضحك.. يضحك، وآخرون بدؤوا بتزيين القفص، يقولون: اللعنة عليك يا من في الخارج، وغدٌ ثقيلٌ غليظ، لا أدري في اللحظة ذاتها إن نم كلامهم عن امتعاض، لقد حلَّ النُّفور في عقولهم، لماذا تبدو أصواتهم مليئة بالاحتقار تجاهي؟! ثم توقف لأنه الصدى كان يرجع إليَّ بكلماتٍ متقطعةٍ ومهددة، مضادة لأصوات الاحتقار التي كانوا يرددونها!

القنبلة فيها سلكان، أحدهم يبطل مفعول القنبلة، والآخر يضاعف تفجير الحمقاء، وقتي ثانية واحدة كي أقرر
سلكان أخضر وأزرق.. أزرق وأخضر أي واحد أي واحد؟! يا دماغي ها.. ها ماذا أفعل، أفكار تركض، تركض، تركض، أمي، الطفل، لهبُ الطفل، ثرثرة الأصوات، الأصوات، الأصوات!

فقدت للآن نصف الثانية، لا أمتلك الوقت اللازم، لستُ متأخرًا إلى الحد الذي يبرر يأس أمي، أمي، صوتها يختفي!
يجب أن أعوض ما فاتني من وقت، لم يتبقى معي وقتًا، اقترب موعد انفجار الحمقاء!

يا للهول، بركة من محلولٍ من الأملاحِ تقطر من جلدي، تحاذي كتفي دون أن تمسني، أكاد اغرقُ بها، تركت الأملاح أثرها في جسمي البالي، جسمي بدأ بالتشقق، القشور تغرق تحت قدميّ أيضًا، هه تشكل لوحة أسماك، بقيتُ كالحايرى أتأمل في ملامحها!

سينتهي كل شيء وفي الغالب لن يكون هنالك شظايا، أأحملها وأركض بها، لا لا فأنا لا أجيد الركض في الماء!
تك تك تك تك.. القنبلة، القنبلة، القنبلة.. وأنا أضحك مثل رجل معتقل، ونبرات صوتي تميل إلى النعومة بعض الشيء.. أمي سامحيني، إنها غلطتي.. قد خذلتك!

وأعلم أن ذلك الشعور لن يصل، لكنني أحاول!