مقالات ونصوص متنوعة

لقد هلكت، بقلم: مريم عبد الرزاق البغدادي

أمّا بعدُ:
بعدَ نشوبِ ذلكَ الحريق في ساحةِ قلبي، واكتظاظ السكان تحتَ عيني، تلكَ الغصة العالقة وسطَ حنجرتي لم يُزلها ماءٌ ولا ابتلاعٌ .. عالقةٌ فقط !
لا تريدُ الابتعادَ !

بعد نحيبِ الروحِ، وبكاءِ الفؤادِ ..
يداي تهتز كأغصان أشجارٍ في تلكَ الليلة المشؤومة. نبضاتُ خافقي تلهث من الركضِ، وأنا وحيدةٌ في وسطِ ظلامِ قلبي الذي يجتاحني، فيخيمُ على سماءِ أحلامي، لم يكن هناكَ رفيقٌ أو منقذٌ سوىٰ بعضَ الآيات التي ترسل إشعارات لقلبي لتسكن الطمأنينة أعماقي، قلمي، وأوراقي.
بدأت أكتب بلا عقلٍ، بلا وعيٍ، بهذيان تام.

ثابتة ومتزعزة، فأنا فقدتُ شغفي ودافعي لبقائي على هذهِ الدنيا اللعينة، فقدت اللذة، فقدت نفسي، يستعمرني الفراغ، الخلوة، والروحُ متلاشية!

أصبتُ بسرطانٍ لا يميت، وضعني تحتَ الأمر الواقع، وأصبت بهِ؛ كسجينة محكوم عليها مؤبد.
أصبت بحرقٍ سيبقى أثرهُ لبعدِ حين، إنهُ مرضٌ من نوعٍ آخر؛ مرض الشوق، الحنين، الوجد والموت.
أمَّا الحياةُ فهي علىٰ قيدِ الجسد..
إنّني أموت!

أضرم صدري نيران الشوق.
أشتاق لهُ كأنه لن يعودَ..
أشتاقُ له كمغتربٍ رمى نفسهُ بأحضانِ أمهِ بعدَ سنواتِ من ابتعاد الأرواح..
لا يقدرُ شوقي بنورِ الشمسِ وعمقِ البحارِ، ولا باتساعِ قلبي.
ولا اتساع قلبي!

أريد الشفاء بل لا أريد، أريد السلام، الحياة الوردية التي أعيشها في خيالي، ضحكة صادقة ولو لمرة ..
ولو لمرة!

إقرأ أيضا:قصص من حياة العلامة ابن عثيمين

لم يكن لي علاج، عجزَ الجميع أن يعرفوا دائي، أفوز بأول فتاةٍ تصابُ بهذا المرض.
كانَ هو دواءُ دائي، قالها لي ذلك طبيبي الروحاني الذي أتحدث معهُ في هذياني ليطبطب على حزني وأغفو كمن وجد أمه بعد فراقِ دام طوال العمرِ .
كنتَ الرّوح، كنتُ كمن قطعوا عنهُ الوتين، كنتُ آنذاكَ كمن نبذُ في العراء، ولكن كان اليقين يلازمني، وقل عسى اللقاءُ قريبًا.

علّني أراك الليلة في سيناريو حُلمي، سأبكي علّني أرتاح مؤبدًا حينها، علّني أرتاحُ يا عِلتي..
كنتَ كالسيجار مضرٌّ  .. مضرٌّ بصحتي.
هَلكت رئتاي وأوردتي!
فاختفيتُ من نفسي..

ضعتُ .. تُهتُ!

فأنا
كمن
هربَ
 من
نفسه

لقد هلكتُ؛
أنقذني!!

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
عادات سيئة، بقلم : ذكرى بسام الزغول ” نصوص نثرية ”
التالي
أضرار الميكرويف على الأغذية

اترك تعليقاً