مقالات ونصوص متنوعة

عشقٌ ومرض، مقال ثُنائي للكاتبتين: بيسان تيسير الشملتي ومريم محمد أبو عامر

عشقٌ ومرض ” عِرقَ قلبي ” ..
إنها تروي حكايتها قائلةً :
ابتدأت الحكاية حين مرَّ الوقت وكانت نتيجة الفحص ” إيجابية ” ذلك يعني أنه حاملٌ للمرض بلا شك ..
كانت الصاعقة العُظمى لهآ، كيف ذلك؟! ومتى حصل؟! أنآ متأكدة أنَّ هناكَ خطأ مآ…
أنتَ من سينتصرُ يا عرقَ قلبي؟!
كنتُ أُعاني من الفقدِ والوحدة وأنتَ بعيد، فكيف نلتقي ؟!
ماذا حدثَ في بلدنا ؟! الشوارع تتألم لألمنا، وطني يتألم، ألا تشعر يا عرقَ قلبي ؟!
عانيتُ من الفقد مرتان، حين كنتَ مسافرًا وحينَ عُدتَ لأرضِ الوطن حاملًا للمرض، فما عاد بوسعي أن ألمسكَ حتىٰ…

– مرحبًا، كيفَ حالكِ ؟!
– ردت وصوتُ بكائِها يَحرُقُ جوفها : أنا بخير، فقط اشتقت لك، أأنتَ بخير ؟!
– نعم أنا بخير، كوني أنتِ بخيرٍ أيضًا ..
– حبيبي، أنا…..
– قاطعها قائلًا : أعرف، خائفةً علي، وتحبينني، لا تخافي سأكون بين يديكِ قريبًا، استعدّي لـ لقائي؛ فقد اشتقتُ لكِ أكثر منكِ …
– ان شاء الله ..
– استعدّي لـ لقائي جيدًا، إلى اللقاء
– إلى اللقاء ….
إنني أعاني من آلامِ وطني وألمكَ يا عرقَ قلبي، ‏وأحبكَ نيابةً عن كل عناقٍ فائت، وعن كل مسافةٍ منعت يدايَ من ملامسةِ وجهك، لا قدرةَ لي على رؤيتكَ وأنتَ تتألمُ بسبب فيروسٍ صغيرٍ لعينٍ قصد جسدك يا حبيبَ العمر …
كيفَ يمكنني أن أخفف عنكَ مآ حلَّ بجسدكَ من أوجاع…
مرَّ أسبوعان، وما زلتُ أنتظرك …
ألجأ إليك في ليلتي الباردة هذه لأخبرك أنَّك راسخ في قلبي، و أنَّني أقوم بِمُغازلة مبسمك الجميل عبر نظراتٍ حارقةٍ يتَّسع مداها شاشة الهاتف، لحينَ عودتك لوطنك الدافء في أحضاني…
مضت الأيام، مضى حوالي الشهر والنصف…
في تاريخِ التاسع من ديسمبر، في الساعة التاسعةِ صباحًا، رن هاتفي …
– حبيبي ؟!
– أتعلمينَ أن صوتكِ من أحبِّ الأصواتِ لقلبي، تحديدًا حين تستيقظين من النوم يا أميرتي …
– أحبك…
– وأنا أحبكِ يا أميرتي، اتصلتُ بكِ مبكرًا لأزُفَّ لكِ خبرًا جميلًا …
– ما هو ؟! قل سريعًا !!!
– أنا الآن في مرحلةِ الشفاء من المرض، ألم أقل لكِ استعدّي لـ لقائي قريبًا ؟!
– الحمدلله، أنا بانتظاركَ دائمًا يا عرقَ قلبي ..
– إلى اللقاء الآن ..
– إلى اللقاء حبيبي ..
وهنا بدأت رحلةُ السعادة والفرح…..
بدأتُ أُحضّر نفسي، واستعدتُ بريقي الذي يُحِبُّ أن يراني به قبل موعد خروجه من المشفى، لأكونَ أجمل مما كنتُ عليه قبل، حاولتُ الاسترخاء، وإبعاد كل تشويش عنّي وجهزتُ نفسي لحين اقترابِ موعدِ اللّقاء بعرق قلبي.
بعد مرور أيامٍ قليلةٍ ذهبتُ للمستشفى لرؤيتهِ قبلَ موعدِ خروجهِ المنتظر، واتجهتُ نحوَ قسمِ العزل ورأيتهُ من خلفِ الزجاج؛ لأنه يُمنعُ الاقترابُ منهُ، وإذ بهِ يلتفتُ لي، وابتسم تلكَ الابتسامةَ المليئةَ بالكلمات والحروف، وبدأ بصنعِ بعضَ الرسوماتِ في الهواءِ ليخبرني بأنه قد فاضَ اشتياقًا لي، فما كانَ منّي إلّا أن انهمرت دموعي، واختلطت بملامحي دموع الفرحِ والحزنِ؛ لأنني لم أستطيع احتضانهُ، والشعور بدفئهِ، وتمريرِ يدايَ على وجنتيه لأشعرَ بقربه، ابتدأ وانتهى اللقاءُ بيننا بحاجزٍ بيننا كان يخنقني، اتجهتُ بعد ذلكَ مسرعةً نحو منزلي.
عندما حلَّ الليل شعرتُ وكأنني بحاجةٍ للوقوفِ بين يدي الله، فقمتُ لأداءِ ركعتين لله تعالى، وأخذتُ أدعو الله ليُنهي تلكَ الازمة، ويخرج عرق قلبي ويُشفى تمامًا من ذلك الفَيروس المشؤوم.
وبدأت تمر الأيام والساعات لحين انتهاءِ مدةِ العزلِ والمرض في شهر كانون الثاني الساعة التاسعة صباحًا، خرج عرق قلبي من المستشفى وسار نحو منزلنا بلهفة طفل يودُّ احتضانَ أُمِّهِ بعد غياب، وما إن وَصلَ، وقرعَ الجرس، وفتحتُ لهُ الباب، بدأت نبضاتُ قلبي تتخابط، شعرتُ وكأن قلبي سيتوقفُ عن النبضِ من شدةِ فرحي برؤيته، ولم أصدق ما رأته عيناي، عرق قلبي أمامي، شفِيَ تمامًا، وكان الله عند حُسنِ ظنّي، ركضتُ نحوهُ واحتضنته بقوة، ها أنا الآن أستطيعُ التقربَّ منه، قلتُ له بهمسٍ خافت: اشتقتُ لكَ كثيرًا، فالحمد لله لرجوعك لي مُعافى، وأخذ يطبطبُ على كتفي، ومسحَ على رأسي، وقال لي: عرفتُ الآن كم نحنُ ضُعفاء أمام المرض.
وبدأ يحدثّني عمّا مرَّ بهِ في تلكَ الفترة الوجيزة، وبدأت حياتنا من جديد..
فقد عاد، وعادت حياتي معه ..

إقرأ أيضا:صنع طبق الدجاج الحلو و الحامض الصيني

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
تدابير الوقاية الأساسية من فيروس كورونا (كوفيد-19)/ منظمة الصحة العالميّة
التالي
الرياضة والتربية البدنيّة

تعليقان

أضف تعليقا

اترك تعليقاً