مقالات ونصوص متنوعة

سرابٌ في سراب كانت طفولتي “بقلم : جود سطام الخليل

سرابٌ في سراب كانت طفولتي..
لم أشهد فيها لعبٌ أو لهو.. ما شهدته نعومة أظافري الحرب.. الحرب لا غير..فراق.. دموع و حزن.. ليست كسائر الطفولات في العالم..
آخر مشهد كان لي في بلدتي كنت أغرق في دموع والدتي و هي تضمني إلى صدرها و نحن نودع البيت…
لقد دفنتُ آخر ابتساماتي في أرض بيتي.. وحين أغلق أبي كل الأبواب أغلقت الدنيا كلها في عيني.. أخرج المفتاح وأوصد الباب كأنه كتم نفسي في آخر شهقاته…صعدنا إلى المركبة نهاجر..
لم أكن أتوقع أنها ستكون نهايتنا هنا هكذا و بهذه البساطة..
أنظر من النافذة أودع و قلبي تكويه نيران أبتلع غصتي كي لا تسمعني أمي و تزداد بي حزنا و يأسا..
ودعت شجرة الزيتون حيث كنت أنا و أخي لا نمل من اللعب تحت أغصانها و التفيؤ بأوراقها..
باب البيت و الأحجار التي شعرت و للمرة الأولى أنها تنطق..
كانت تخبرني قصة ألم موجعة لم تعد جدرانها مأهولة بهمساتنا في الصباح أنا و إخوتي… صراخنا في المساء.. كي نجتمع على طاولة العشاء جميعا نتناولها بحب.. وكل منا يخلد إلى نومه بحنان و دفء.. نتبادل الأحاديث المضحكة أنا و أختي على سطح البيت حتى بزوغ الشمس كنا في كل ليلة صيفية بموعد مع بزوغها.. وكم من شعور دافئ حين نجتمع حول المدفأة و جدتي تقص علينا أحاديث عرسها و أيام كانت غابرة..
اشتقتُ إلى زيتيتي كثيرا.. إلى شجرة الفيونة و شرفة المنزل.. و سطح بيتي.. وإلى كل حجرة صامدة اعتلت تلك القمة من الحي إلى كل حجرة أبت أن تذل و سقطت مهزوزة بعدوانهم
إلى ريح تراب كفرزيتا.. شكوت شوقي و ألمي إلى الله..
ما من أحد غيره سيأويني بضعفي هذا…
علها مضت تسع عجاف… سقم و كرب… ويتليها تسع سنابل دأبا و أمن… بإذن الله..

إقرأ أيضا:تحضير تتبيلة اللحم المشوي

جود سطام الخليل

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
حب الكتابة ” بقلم :أميرة موفق البدوي
التالي
لا تتركني ” بقلم : إيمان رزق السمري

اترك تعليقاً