نص نثري بقلم نُـورا نصر

“لا ضر بقليل من الخيال”

تفوهت بها خلسة في أذني عند محطة الحافلة المكتظة بأصوات بائعي بطاقات اليانصيب وأحاديث المارة..

أردفت موشوشًا: أغمضي عيناك، نحن الآن على شاطئ البحر، فستانكِ الأبيض الشيفون يأكل من جمال قدكِ حصته، خصلاتكِ تتطاير طوعًا لتراقص الرياح وقلبي، تضحكين تحت تأثير عباراتي الغزلية المنمقة منها والبسيطة .. أنظري إلي الجهة المقابلة ، هناك حيث المظلة الزرقاء، تجلس آيلا؛ طفلتنا الجميلة كأمها والجذابة بالطبع كأبيها .. تأكل المثلجات وتداعب بيديها الصغيرتان الرمال لتبني قلعة حُبنا، تراقبينها باسمة .. إنها أنتِ ولكن بحجم مقلص، إنها منكِ ياقمر ..

ضحكتُ فورًا بعد سماعي لهذه الكلمات: لكم أنت بارع في الخيال عزيزي ..

رسمت لنا لقطة جميلة مقتبسة من مستقبل لربما لن يكون يومًا حاضرًا، متناسيًا حروب دمشقنا ومشاكلنا العائلية بسبب إختلاف الديانة، متناسيًا ماذا يعني الحُب تحت هذه السماء وفوق هذه الأرض، كأننا نحيا حياة مستقرة، كأننا أبناء عمومة قُدر لنا منذ المهد أن نكون لبعضنا. أتدري ياحبيبي، هذه البقعة ظالمة وحتى هذا الخيال ظالم، لأننا ننال نصيبنا من العشم برسم هكذا تفاصيل لأحداث لم تحدث ولن تحدث قط.

بكيت كثيرًا عند عودتي للبيت حين مررت بجانب دكان أبو أحمد الذي يعرض للبيع العديد من الأشياء العتيقة، بكيت لأنني هُنا عرفتك، وهُنا تحديدًا تفرقنا. أخدتك الحرب مني، كرجل مناضل يحمل في جيبه حفنة من تراب شام ثائر وصورة لحبيبة حزينة طوعًا ..

–

Comments

0 comments