مقالات ونصوص متنوعة

نص نثري بقلم ميساء رمضان سليمان

قوت سام
لا أحد يَحق له بتاتًا أن يَسخر مِن أيّ امرئٍ في العالم كُله مهما كان تَصّرفه أو موقفه، ولا أيّ شخص مسؤول عن حياة الآخر ولا أحد يَملك صلاحية التحدث باسمه أبدًا ولن يُطلب مِنك سِوى الصمت، هل تعرف كيف تَصمت؟ اصمت وهذا يكفي. فِئة ليس يُشغلها شيء عدا التدخل بِالآخرين وإطلاق أحكام والاستهزاء والسّخرية مِنهم؛ هكذا في عَيشهم عالة على المُجتمع.
لا أحد يَحق له أن يُقلل مِنك أبدًا مهما كان تصرّفك لا تسمح بِهذا ضع حَدًّا لِهذه المَهزلة، وهذه الفئة حبذا لو تَطّلع على الثقوب التي تَحوي عقولهم وتحاول تهذيبها وإِعمارها بِالعِلم والمعرفة بَدلًا مِن النقد الهدّام للآخرين والاستياء مِما يَقولون. ولا شك، أننا بشر نُخطئ ونُصيب ولا أحد يَحق له أن يُقلّل مِن قيمة غيره ولا كلامه ولا تصرّفاته حتى. وفي نهايةِ المَطاف أنتَ لا تعرف عنه شيئًا سِوى الذي أَخبرك بِه هو، لا تَعرف كيف يَعيشُ حياته وكيف تَمُرّ أَيّامه، لا تُدرك ولو لِوهلةٍ تفاصيل ما يَحدث معه، ولا تَظُنّ نَفسك مسؤولًا عنه، ولا سيما أن الإنسان لَم يَختر شكله، ولا لونه، ولا جِنسه، ولا طوله، ولا وزنه، ولا عِرقه، ولا أصله حتّى لِتأتي أنتَ وتقلّل مِن شَأنه، وتُبدي رأيك بِه وبِأسلوبه وبطريقته، وتحاول إِظهار كمية النّقص التي تتكدّس في عَقلك بانتقادك الهدّام، وإبداء رأيك المشبّع بِالأذى، والذي لا يحمل أيّ معنى إلّا السُّخْرِيَة والاستهزاء والتجرّد التامّ مِن الإنسانيّة، فَتصبّه على الآخرين سواء عن طريق المُزاح أو الجدية؛ فهذا ليس مُبرّرًا بَتَاتًا.
دَع الآخرين وشأنهم، الجميع يَحوي مِن تعب هذه الأيام وثِقلها ما يكفيه، فلا داعٍ لِأن تأتي وتَنثر قولك الذي لا فائدة مِنه، فَتُشعل في عقولهم وقلوبهم ما يُزَعْزِع قُوّتهم وثقتهم بِأنفسهم، واحرص على الانشغال بِنفسك فقط واعتقهم مِن كَلامك وانتقادك الذي يَشبه القوت السّام.

إقرأ أيضا:تبكي الورود،بقلم: إيناس عبدالله عابدين

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
نص نثري بقلم أروى عبدالله اليتيمي
التالي
نص نثري بقلم ميساء_رمضان_سليمان

اترك تعليقاً