مقالات ونصوص متنوعة

نص نثري بقلم يارا محمد نصار

نعم..
نغم الثانيةِ عشرةَ عُزف،كعادتي حملت سيجارتي متجهاً لغرفتي،بدأ دخانها يلوث صفاء المكان..متسللاً لعمق الذاكرة عابثاً بالذكريات.

وفجأة بين صمت..
طُرق الباب…
تلك التي يتربع في جوفها حنان العالم..
من اذا ملتُ تبقى لي أقوى من كل ثابت..
في تشتتي تكون لي ثابتة المعالم..
ولثرثراتي التافهة أشد تركيزاً من ألف ناصت..

تلك هي لافندريتي..
تلك هي أمي..
دخلت بهمس ماشية على رؤوس أقدامها،كملاك يسرق القلوب.
جلست إلى جواري،بدأت تناغيني بشئ من الهدوء الرقيق،قبلت جبيني وبها كل أحزاني تسقط أرضاً.
سألتني…
_كيف حال قلبك يا بني؟
لم أكن مضطراً للكذب عليها فهي تعرفني من سيماتي.
أجبتُ بشى من الثقل..
_كداخل بركان أحترق.
طبطبت على نفسيَّ المتعبة،على ذاتيَّ المنهكة بحنو وقالت”لن يهزك ولن يحزنك شئ فأنا هنا”.
كانت كلماتها كفيلة بأن ارتاح..تنهدت وكأني زفرت كل أوجاعي ومخاوفي.
وضعت رأسي على قدميها،بدأت تدندن وتغني…أغرقت أناملها المخضبة بين خصلات شعري،أعادت لي مبسمي..
يا لبشاشة وجهكِ أمي!

فجأة..
ودون سابق إنذار..شئ من الحقيقة يتضح!
سقط رماد سيجارتي..
كاد يحرقني..هرولت مسرعاً كي لا نحترق بلحظة غفلة!
وعدت لأمي..
إنها لا زالت هناك،جالسة نظراتها تناديني..هممت لاحتضانها واذا بها سراب!
لم تعد هنا…أبحث عنها بشئ من الأمل!
أمي..ألا زلتِ هنا..أحتاجك أمي!

إقرأ أيضا:معنى كلمة أوتوقراطية

كأسد جائع في الغابة زمجرت!
أمي..
قد فاض القلب شوقاً وفاضت العيون دماً!
نحيب بكاء وصل حد السماء!
كم كان حلم اليقظة هذا غاية في الجمال،كم كانت ترجمة أحلامي زاهية الألوان!

لكن لا مفر من الحقيقة..
أمي تسكن المقبرة!
أجل المقبرة..
فحقيقتي المطلقة أني عجي!
لا أم ترأمني إلا في الأحلام!
لا قلبها يعانقني إلا بالمنام!
ولا شفاها تقبلني ولو ليوم من الأيام!

ما أمرها من تجربة تعاش..لا يدرك طعمها سوى إنسان خاض غمارها!
كم أعيش في أغلب الأحيان بين زوبعة أفكاري تلك،مهما تعالت أصواتها لا يمكنها أن تكتم صوت الحقيقة!
حقيقة مرة لن تمس الواقع يوماً،كم أتمنى قربك أمي!

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
نص بعنوان قلب أب بقلم _رواسي حسين إعشيبه – ليبيا
التالي
نص نثري بقلم ياسمين وفاء

اترك تعليقاً