مقالات ونصوص متنوعة

الشاي

هل حدث لك أن نستك القهوة!

نستني اليوم القهوة، أحاول عاجزاً بكل الطرق أن أذكرها بي ، بيد أن مرض الزهايمر المزمن الذي أصابها يصعب علاجه ، بنت اللذينَ !، لقد كانت يومياً تجعلني بمزاج جيد، توقظني!، تدلك خلايا مخي و تفتح مساماتها، لكنّها اليوم! تعاملني معاملة زوجة الأب، كيف أقنعها أنني صديقها الذي كتب عنها، و فضلها على الشاي الأطيب منها و المتواضع.

الشاي لا يحتاج أجواء؛ لا كوب خاص، ولا كتاب ، و لا طاولة ، ولا حتى كرسي، تخيل أنّك تستطيع شرب الشاي واقفاً على دفعة واحدة!.

الشاي يستطيع أن يشربه! الجاهل، و المتعلم، و الغني، و الفقير، أتذكر كانت أزكى رشفة شاي في تاريخ حياتي كلها: عندما كنت طفلاً صغيراً، توجهت نحو أبريق الشاي بسرعة، مددت كأسي وسكبت فيها، لكن لم ينزل في الكأس سوى القليل، فنظرت يمنة ثم يسرة فلم أجد أحداً يراقبني، ففتحت غطاء الأبريق وصببت في غطاءه وارتشفته، كنت مع كل رشفة أغمض عيوني و أستلذ، ثمَّ أنَّ نشوتي لم تدوم لقد صفعتني أمَّي حتى كاد رأسي أن يدخل جوف الإبريق و طار الغطاء من يدي، وثبت حتى أصبحت في مكان آمن أراقب أمّي وهي تجمع الأواني وتذهب بها إلى المطبخ، يومها بالذات شعرت أنني مضطهد -وغير مرغوب-، فذهبت للشارع، واضعاً يديَّ بجيبي راكلاً الحصى.

إقرأ أيضا:ثرثراتي الليلية/بقلم: اية خالد الجابري..(الأردن)”نصوص نثرية”

خمول في جسدي، أشعر بأن العسل يسري في عروقي بدل الدم، أعلم جيداً أن القهوة أنانية و مغرورة، لذا أقولها بصوتٍ عالٍ : أنِّ مستغنٍ عنك، الشاي منك ألذ و أطيب، يستطيع أيضاً أن يفعل ما تفعلين، أي نعم يحتاج جيشاً أكثر من ورقاته ،و أن يكون ساخناً، و يأخذ وقتاً أكثر، كل هذا لا يهم، النتيجة في النهاية نفسها، وداعاً أيتها القهوة، إلى لقاءٍ أخر، و أهلاً أيها الشاي.

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
لا تَنْدفع فِي الحُبّ كثيرًا، بقلم: الاء عماد قطيشات
التالي
لِنَبدَأْ الكِتابةَ مُجَدَدًا

اترك تعليقاً