أبحاث

بحث  شامل عن تطور الفكر الإداري في اتخاذ القرار

بحث  شامل عن تطور الفكر الإداري في اتخاذ القرار

د. اسامة الرقب
فهرس المحتويات

م. الموضوع رقم الصفحة
المقدمة
المبحث الأول: المفاهيم الأساسية لاتخاذ القرار
1 مفهوم اتخاذ القرار 4
2 عناصر عملية اتخاذ القرار 5
3 أهمية اتخاذ القرار 5
4 أساليب اتخاذ القرار 7
5 خطوات عملية اتخاذ القرار 8
6 العوامل المؤثرة في اتخاذ القرار 10
7 أنواع القرارات 11
8 معوقات اتخاذ القرار 14
9 صفات القرار الفعال 14
المبحث الثاني: تطور الفكر الإداري في عملية اتخاذ القرار
1 المدرسة الكلاسيكية 16
2 المدارس الانتقالية 21
3 المدرسة السلوكية 23
4 المدارس الإدارية الحديثة 28
الخاتمة 32
قائمة المراجع 33

 المقدمة:
تعتبر عملية اتخاذ القرارات عملية أساسية تواجه أي فرد في حياته اليومية، وتزداد أهمية هذه العملية أكثر في المؤسسات، ذلك أن القرارات التي تتخذ فيها لا تتعلق بشخص واحد أو تنصب على زاوية محدودة، وإنما تتضمن عدة أفراد أو جماعات وتشمل عدة جوانب بعضها فني والآخر تنظيمي ومالي وقانوني.
وتزخر الحياة بمشكلات تحتاج إلى حل واتخاذ قرار بشأنها. ولكن التطور العلمي الهائل في العصر الحالي وتراكم المعرفة وتشعب الاتجاهات والانتماءات للفرد، جعل من عملية اتخاذ القرار مهمة صعبة. إلا أن هذا التطور في الوقت ذاته قدم حلولاً تساعد في هذه المهارة من خلال النظريات والاستراتيجيات والرامج التي اقترحها العلم الحديث.
تُعد القرارات جانباً من حياتنا اليومية وهي عندما تتخذ بوعي أو بغير وعي سيكون لها نتائج عدة في حياة الفرد، لذا تُعد القرارات الأداة الرئيسية التي نستخدمها في مواجهة الفرص المتاحة والتحديات القائمة وأوجه عدم اليقين في الحياة (مالك، 2005، ص213).
هذا ويشير العلماء أن معظم القرارات التي يتخذها الفرد تكون مهمة وسبب هذه الأهمية الآثار التي تُلقى بظلالها على الفرد وعلى الأفراد المرتبطين به، ولذا فإن اتخاذ القرارات الجيدة يُعد واحد من أهم العوامل التي تؤثر على توافق الفرد النفسي والاجتماعي والمهني والأكاديمي وهذا ما جعل عملية اتخاذ القرار تنال حظاً وافراً من البحوث والدراسات لما لها من أهمية في حياة الفرد أولاً والأسرة ثانياً والمجتمع ككل.
ولأهمية عملية اتخاذ القرارات التي تُعتبر نقطة البدء لكل نشاطات المؤسسة، وجوهر وقلب وظيفة الإدارة، تطرقت إليها جميع المدارس الإدارية بالدراسة والتحليل، ومن أهم هذه المدارس المدرسة الكمية والمدرسة السلوكية. وسيتم في هذا البحث دراسة تطور الفكر الإداري في عملية اتخاذ القرار من خلال مبحثين، حيث يتناول المبحث الأول المفاهيم الأساسية لاتخاذ القرارات، أما المبحث الثاني فخصص لإبراز اسهامات مختلف المدارس الإدارية في مجال عملية اتخاذ القرارات.

إقرأ أيضا:حقائق عن الثقب الاسود

المبحث الأول
المفاهيم الأساسية لاتخاذ القرارات
1. مفهوم اتخاذ القرار:
لغوياً: اتّخاذ القرار جاء من مصدر الفعل قَرَّ أي قرَّ أمر وصدر حكم برأيه في هذا الأمر وعقد النيّة على تنفيذه، والقرار في اللغة هو الثبات والاستقرار.
وهي كلمة لاتينية (Decision) معناها القطع أو الفصل بمعنى تغليب أحد الجانبين على الآخر، فاتخاذ القرار نوع من السلوك يتم اختياره بطريقة معينة تقطع أو توقف عملية التفكير وتنهي النظر في الاحتمالات الأخرى (بلايك، 1999، ص5).
اصطلاحاً: وضع الباحثين العديد من التعريفات لاتخاذ القرار ومنها:
– عملية المفاضلة بين الحلول البديلة والمتاحة، واختيار أكثر هذه الحلول صلاحية لتحقيق الهدف من حل المشكلة (الزهراني،2008،ص7).
– عملية عقلية وموضوعية للاختيار بين اثنين أو أكثر من البدائل الممكنة (زاهر،1996،ص17).
– هي أسلوب معرفي لمعالجة المشكلات والمواقف عن طريق توفير المعلومات الكافية، لاختيار البديل الأنسب من بين البدائل المتاحة في سبيل تحقيق الهدف (القصبي،2006،ص127).
– عملية عقلية الغرض منها مواجهة موقف معين وهو أحد الأفعال الإدارية التي يتم في ضوئها اختيار بديل من بين البدائل أو الخيارات المطروحة (جزائرلي،1999، ص35).
– سلوك خاص يقطع ويوقف عملية التفكير وينتهي باختيار البدائل المتاحة لتحقيق هدف معين ((clemen,Reilly,1999,P33 .
وعرف هربرت سايمون اتخاذ القرار بأنه القلب النابض للإدارة وهو من مفاهيم نظرية الإدارة، ويجب أن يستند إلى منطق وسيكولوجية الاختيار الإنساني”. (الزعبي،2013،ص283)
وعرف هاريسون اتخاذ القرار بأنه اللحظة في عملية تقييم البدائل المتعلقة بالهدف، التي عندها يكون توقع متخذ القرار بالنسبة لعمل معين بالذات، جعله يتخذ اختياراً يوجه إليه قدراته وطاقاته لتحقيق غاياته. (خلق،2013،ص327)

إقرأ أيضا:The Impact of Job Security بحث جاهز عن الأمان الوظيفي pdf

وعرفه يونغ بأنه الاستجابة الفعالة التي توفر النتائج المرغوبة لحالة معينة، أو لمجموعة حالات محتملة في المؤسسة. (الدوبك،2014،ص227)
من خلال التعريفات السابقة يتبين أن القرار هو الخيار النهائي الذي يعتمده متخذ القرار باختياره أحد البدائل الممكنة لأنه الأنسب لتحقيق الهدف.
2. عناصر عملية اتخاذ القرار:
تتكون عملية اتخاذ القرارات عدة عناصر أساسية تتمثل فيما يلي:
أ‌. متخذ القرار: وهو المسؤول عن اتخاذ القرار، وقد يكون فرداً أو جماعة أو جهة ما، وعادةً ما يتمتع متخذ القرار بالسلطة التي تمكنه من ذلك.
ب‌. موضوع القرار: وهو المشكلة التي تتطلب من متخذ القرار البحث عن حل واتخاذ قرار ما بشأنها.
ت‌. الأهداف والدافعية: القرار المتخذ هو عبارة عن سلوك أو تصرف معين من أجل تحقيق هدف محدد، ومن المعروف أن وراء كل عمل أو سلوك دافعاً، ووراء كل دافع حاجة معينة يراد اشباعها، وبناء عليه لا يُتخذ أي قرار إلا إذا كان وراءه دافعاً لتحقيق هدف معين.
ث‌. البيانات والمعلومات: لاتخاذ قرارات سليمة لابد من جمع بيانات ومعلومات كافية عن طبيعة المشكلة أبعادها، أسبابها، أطرافها وتأثيراتها، وذلك بغرض تكوين صورة شاملة وواضحة عنها. وتُعد عملية توفير البيانات والمعلومات بالكمية الكافية والنوعية المطلوبة وفي الوقت المناسب عن المشكلة قيد البحث مسألة في غاية الأهمية لنجاح القرار.
ج‌. التنبؤ: الكثير من القرارات تتعامل مع متغيرات مستقبلية مجهولة، وعلى متخذ القرار التنبؤ بها وتقديرها وتحديد انعكاساتها واتجاهاتها وتأثيرها، من أجل إدراك أبعاد المشكلة التي تواجهه، تمهيداً لاتخاذ قرار بشأنها بغرض حلها ومعالجتها.
ح‌. البدائل: يمثل البديل أو الحل مضمون القرار الذي تم اختياره من بين عدة بدائل، هذا ويجب أن تكون هذه البدائل متعددة وإذا لم توجد فلن يكون هناك اختيار وبالتالي لن تكون هناك مشكلة تستدعي اتخاذ قرارات معينة.
خ‌. المناخ الذي يتم فيه الاختيار: ويعني المناخ الجو العام الذي يتم فيه اتخاذ القرار، وما يتضمنه من اعتبارات وظروف داخلية وخارجية تضع أمام متخذ القرار معوقات وقيود عند اتخاذه للقرار، ومن أمثلة هذه القيود ضعف مستوى كفاءة متخذ القرار أو العاملين، قلة الإمكانيات المادية والمالية… إلخ (عليان،2008، ص71-73)

إقرأ أيضا:

3. أهمية اتخاذ القرار: تقتضي معرفة أهمية القرارات وبيان الأسباب الرئيسية وراء الحاجة إلى اتخاذها، وبيان دورها وارتباطها بجوانب العملية الإدارية، وبمختلف أنشطة المؤسسة.
أ‌. اتخاذ القرارات أداة القائد الإداري في أداء عمله: يُعرف هربرت سيمون (Herbert Simon) المدير بأنه متخذ القرارات ((MARCEL,1981,P79، ويضيف أن قدرة المدير على اتخاذ القرارات هي التي تميزه عن غيره من الأفراد داخل المؤسسة (المصري،2004،ص223).
ب. اتخاذ القرارات جوهر العملية الإدارية: ترتبط عملية اتخاذ القرارات ارتباطاً مباشراً بوظائف الإدارة كالتخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة ) حرير،2008،ص162).
مما سبق يتبين أن عملية اتخاذ القرارات تُشكل الحلقة الأساسية في العملية الإدارية، فوظيفة التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة عبارة عن مجموعة من القرارات كما يوضح الشكل التالي:

ج. اتخاذ القرارات أساس لإدارة وظائف المؤسسة: إن الدور الإداري في وظائف المؤسسة يحتوي على مجموعة من القرارات الخاصة بإدارة الجوانب المختلفة لهذه الوظائف (ماهر،2008،ص36).
د. اتخاذ القرارات أداة لتحقيق أهداف المؤسسة: يتمثل ارتباط القرارات بالأهداف بأنها أساساً تُتخذ من أجل تحقيقها، ولتذليل الصعوبات التي قد تقف في طريق الوصول إليها. والقرارات الصائبة تساهم بقدر كبير في إنجاز أهداف المؤسسة (المصري،2004،ص224).

وتُعتبر عملية اتخاذ القرار من أهم الأعمال التي يقوم بها المدير، بل هي صُلب عمل المدير، فهي وظيفة أساسية يمارسها المديرون في كل وقت من الأوقات. ويرتبط نجاح المنظمة واستمرارها وتفوقها بمدى كفاءة القرارات التي تُتخذ في مستوياتها المختلفة.
فالقيادة تتطلب إلى جانب أداء الواجبات التي يُكلف بها القائد، القدرة في التأثير على الآخرين لكسب تعاونهم باعتبار أن أداء هذه الواجبات يتحقق عن طريقهم وهذا ما يفرقه عن المدير. ) حو،2010،ص120)
4. أساليب اتخاذ القرار:
تتعدد أساليب اتخاذ القرار وتتنوع كذلك من حيث الجهد والوقت ومن حيث مستوى السهولة أو الصعوبة، ويتوقف استخدام أسلوب ما في اتخاذ قرار معين على طبيعة المشكلة وعلى موقف متخذ القرار والظروف المحيطة به ((Andressl,2007,P115-118.
أولاً: الأساليب النظرية غير الكمية:
1. الحكم الشخصي: هذا المعيار في اتخاذ القرار يتضمن قدرة الفرد على النظر للموقف وتقديره له وبالتالي يستند اتخاذ القرار لأسس شخصية غير موضوعية، حيث يستند الفرد في حكمه على خبرته وخلفيته المعرفية وتجاربه السابقة.
2. الحقائق: حيث تُعد الحقائق قواعد ممتازة في اتخاذ قراره، الحقائق العلمية والمنطقية يجعل القرارات المتخذة تتسم بالموضوعية والعقلانية وتصبح أقرب لتحقيق الهدف المنشود.
3. التجربة: تُمثل التجارب السابقة مصدراً مهما لا يمكن الاستغناء عنه في اتخاذ القرارات خاصة إذا كانت التجارب السابقة غنية ومتعددة وتمثل مقياساً جيداً لاتخاذ القرارات في مواقف مشابهة.
4. الآراء: حيث تُعد القرارات الجماعية أفضل من القرارات الفردية خاصة عندما تكون المشكلة التي تتطلب حلاً معقداً وتتسم بالغموض حيث يعني تعدد الآراء في الموقف القدرة على حل المشكلة واتخاذ قرار ملائم يساعد على تحقيق أفضل هدف.
ثانياً: الأساليب الكمية:
1. الاحتمالات: تعتبر من الأساليب الكمية التي تساهم في بناء النماذج الرياضية وتجربتها، وتفيد هذه النظرية في التخفيف من درجة عدم التأكد أو المخاطرة حين يتوفر قد كاف من المعلومات التي تُظهر السلوك المتوقع للنموذج. ويتوقف نجاح القرار المُتخذ على قدرة الإدارة في التنبؤ للحوادث المستقبلية. (بلحاج،2016،ص279) وهي تتضمن:
أ‌. عمليات ماركوف: نوع من العمليات الرياضية التي يتمكن استخدامها في اتخاذ القرارات الإدارية:
ب‌. شجرة القرارات: وهي تمثيل بياني يمثل تتابع الأحداث المحتملة والمتوقع حدوثها ومن ثم اتخاذ القرار المناسب لها.
ج. مصفوفة القرارات الخطية: تنص هذه الطريقة على وجود معلومات جزئية غير كاملة أمام متخذ القرار، وتستخدم هذه المعلومات المحدودة في حساب الاحتمالات لوقوع بديل معين تحت كل الظروف.

2. المحاكاة: تستخدم من خلال الحواسب الإلكترونية والتكنولوجية لاختبار صلاحية النماذج الرياضية والرسوم البيانية والمسارات في تقييم البدائل وتوقعات نتائج القرارات الإدارية المتخذة قبل الالتزام بها والتنفيذ الفعلي لها.
3. نظرية المباريات: وتشمل مجموعة من النماذج التي تمكن من تحديد الاستراتيجيات التي يواجهها مُتخذ القرارات كأحد المشتركين في مباريات وكيفية الوصول لاستراتيجية أفضل بعد الأخذ بعين الاعتبار استراتيجيات وظروف المنافسين.
4. الأسلوب الجماعي: وفي هذا الأسلوب يتم اتخاذ القرار من خلال المباحثات والاجتماعات وتتم صياغة ا لقرار عن طريق المناقشات مع أشخاص عدة، ويبني المناقشون قراراً يلخص ويجمع بين كافة الآراء ويطرح هذا القرار فرد واحد بينهم (العبيدي،1999،ص86).

5. خطوات عملية اتخاذ القرار:
إن معظم القرارات المهمة التي تواجهنا في الحياة اليومية التي نمر بها تكون على درجة من التعقيد بحيث ليس من السهولة أن يكون لها حلول سريعة وسهلة. وهذا الأمر دفع الباحثين لإجراء العديد من الدراسات حول عملية اتخاذ القرار من أجل الوصول إلى الطرق الكفيلة بتسهيل هذه العملية من أجل الوصول لحلول ناجعة ومتميزة وقد وجد الباحثون أن أصعب القرارات يمكن تحليلها والوصول إلى حل لها عن طريق النظر في مجموعة تتألف من ثمانية عناصر. وفيما يلي عرض لهذه العناصر:
1. البحث عن المشكلة الصحيحة: هذا يعني ما هو الموضوع الذي يجب أن يتخذ قراراً بشأنه فحتى تتم عملية اختيار بديل صحيح يجب تحديد المسألة التي نريد اتخاذ قرار بشأنها بعناية.

2. تحديد الأهداف: حيث يجب أن يكون القرار الذي يتخذ مؤدياً إلى المكان الذي يريده متخذ القرار، فعليه أن يسأل نفسه ما الشيء الأساسي الذي يريد تحقيقه وأن يحدد أنه من بين مصالحه وقيمه واهتماماته ومخاوفه أيها الأكثر ارتباطاً بتحقيق هدفه.
3. استعراض البدائل المتاحة: البدائل المتاحة تمثل المسارات المختلفة التي يجب على متخذ القرار الاختيار من بينها. لأنه إذا لم يكن هناك بدائل مختلفة فلن توجد مسألة اتخاذ قرار وهنا يجب على متخذ القرار أن يتذكر قراره ويجب أن يكون أفضل البدائل المتاحة.
4. تفهم النتائج: هنا يجب على متخذ القرار أن يسأل إلى أي مدى تحقق البدائل المتاحة الأغراض التي يرمي بها، فبعض البدائل تغري وتخدع. ولكن قد يكون ورائها نتائـج طيبـة وحسنـة أو مثيـرة للاضطراب
في أحيان أخرى، ولذا فإن التقدير الصحيح لنتائج كل من البدائل سيساعد على اختيار البديل الذي يلبي الهدف.
5. معالجة المفاضلات: فالأهداف كثيراً ما يتعارض بعضها مع بعض ولذا لابد من الموازنة بينها ويجب هنا على متخذ القرار الاختيار بذكاء بين الاحتمالات المتعددة التي لا يحقق أي منها الأهداف كلها. ولتحقيق ذلك يجب تحديد الأولويات ثم إجراء مفاضلة بين الأهداف المختلفة ومعظم القرارات تتصل بتقييم مدى احتمال نجاح هذا القرار (Wilson,2004,P122).
6. توضيح أوجه عدم اليقين: حيث لابد لمتخذ القرار أن يسأل عن ما المتوقع أن يحدث في المستقبل وما هو التطور المرجح. حيث يرى الباحثون أن فقرة عدم اليقين يجعل الاختيار أكثر صعوبة. لكن عملية اتخاذ القرار الفعال يتطلب من متخذ القرار مواجهة حالة عدم اليقين وتقدير النتائج المختلفة وتقييم آثارها الممكنة.
7. تحمل المخاطر: فعندما تنطوي القرارات على عناصر غير مؤكدة فإن النتيجة قد لا تكون هي النتيجة التي تتحقق فعلاً. والأفراد يختلفون في مدى تحملهم لمثل هذه المخاطر وفي مدى قبولهم للمخاطر التي تنجم عن هذا القرار. وإدراك متخذ القرار بأنه على استعداد أن يتقبل المخاطر يجعل عملية اتخاذ القرار أكثر سهولة وفاعلية.
8. البحث عن القرارات المرتبطة: فالقرار الذي يتخذ اليوم سيؤثر في الاختيار غداً والأهداف الخاصة بالغد يجب أن تؤثر على خيارات اليوم. فالكثير من القرارات الهامة ترتبط بعضها ببعض بمرور الزمن. والمفتاح الأفضل للتعامل بكفاءة مع القرارات المترابطة هو عزل المسائل المتعلقة بالأجل القريب للوصول إلى حل لها والعمل على جمع المعلومات اللازمة لمعالجة المسائل التي ستنشأ في وقت لاحق (Wilson,2004,P124).

وخلاصة القول أن على متخذ القرار عندما يواجه مشكلة ما أن يقوم بدراستها وتحديدها بشكل دقيق، ويطور حلولاً بديلة تسهم في حل تلك المشكلة. ثم يبذل ما بوسعه كي يتوصل إلى خيار محدد وهادف وثابت لأحد البدائل التي تم تطويرها مسبقاً، وفي ضوء ذلك فإن الأفراد قد يتباينون فيما بينهم عندما يواجهون مواقف تقتضي منهم اتخاذ قرار ما. فمنهم من يتعمق ويتروى في دراسة مشكلة القرار، ومنهم من يتردد في اتخاذ قراره، ومنهم من يتسع في معالجة المشكلة (الملحم،2013،ص52).

6. العوامل المؤثرة في اتخاذ القرارات:

أ‌. العوامل النفسية: يقصد بها تكوين الفرد النفسي ويشمل ذلك الدوافع والاتجاهات والخبرات السابقة ومنظومة القيم (Blous,2008,P182). فعملية صنع القرار تتأثر بالصفات السيكولوجية للفرد وسلوك الفرد يتأثر أيضاً نتيجة للتغيرات الفيزيولوجية التي تحدث داخل الجسم، كما يتأثر بالانفعالات التي تنتابه خلال المواقف المختلفة كالفرح أو القلق أو الحزن (كبية،1981،ص88). كما أن الحالة النفسية تؤثر على الفرد متخذ القرار في مختلف مراحل عملية صنع القرار خاصة فيما يتعلق بالمعلومات التي يجمعها، ومقدار الجهد المبذول وتقييم البدائل. فإذا كان تأثير هذه العوامل إيجابيا فإن القرار المتخذ سيكون ناجحاً ومنطقياً والعكس صحيح (محمد،2006،ص93).
ب‌. العوامل الاجتماعية: تتمثل بالضغوط التي تفرضها الجماعة المحيطة بالفرد، وكذلك الضغط الذي يمارسه المجتمع ككل حيث يترتب على الفرد أحياناً اتخاذ بعض القرارات مسايرة للضغط الذي يمارسه المجتمع (موسى،2010،ص47).
ت‌. العوامل الثقافية: تتضمن القيم والعادات والتقاليد والقواعد الأخلاقية السائدة التي تحكم أفكار وسلوك الأفراد والمجتمع ككل، وبذلك فإن متخذ القرار يتأثر بهذه العوامل في وصوله للقرار أو البديل الأفضل (موسى،2010،ص47).
ث‌. توافر القدرات الشخصية لمتخذ القرار: تُعد القدرات التي يتحلى بها الشخص من مقومات اتخاذ القرار السليم، ومن أهم هذه القدرات الذكاء، وأسلوب التفكير، وما تحمله هاتان القدرتان من تخيل للاحتمالات المتوقعة، وتذكر الخبرات السابقة، والقدرة على تحليل المشكلة، ورؤيتها من كافة جوانبها. ويُعد عنصر الخبرة وتوافر تجارب سابقة إذا ما وجدت لمتخذ القرار، بالإضافة للقدرات القيادية التي تؤدي للاستفادة من هذه التجارب في استبعاد الحلول التي فشلت من قبل في القضاء على المشاكل التي تجابه المسألة التي تتطلب حلاً (كامل،2007،ص173).
ج‌. عوامل تتعلق بالموقف الذي يتم فيه اتخاذ القرار: إن المتغيرات التي يشتمل عليها موقف معين تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على عملية اتخاذ القرار ولذلك يشير متخصصون أن القرار هو عبارة عن نتيجة لأثر تلك المتغيرات على الفرد متخذ القرار (Waknesn,2009,P146).
والقرار بالنهاية هو سلوك اختيار بين عدد من بدائل حل المشكلة وبموجبه يمكن لمتخذ القرار أن يعمل أو يترك عملاً ما في مواجهة موقف معين، وليختار بين هذه البدائل يجب توفر الحرية وواقعية البدائل بإمكانية تنفيذها على أرض الواقع مع توفر الإمكانيات المادية والبشرية والوقت الكافي.
7. أنواع القرارات:
إن القرارات لا يمكن أن تتساوى جميعها في طبيعتها أو ظروفها فلكل قرار ظروفه وطبيعته الخاصة. وتبعاً لذلك تتنوع القرارات التي يتخذونها الأشخاص تبعاً لأهمية القرار وتنوع المشاكل التي يعالجها واختلاف الظروف والفترة الزمنية التي يتخذ فيها القرار. فتصنف القرارات استناداً لبعض الاعتبارات وقد صنفها أغلب الباحثين إلى:
1. حسب الأهمية: قرارات سوقية، قرارات تعبوية:
– القرارات السوقية: تتناول حل المشكلات وتحقيق الأهداف ذات الأبعاد والتأثيرات الكبيرة ولا يتحدد هذا المستوى من القرارات بمرحلة زمنية.
– القرارات التعبوية: يتعامل هذا النوع من القرارات مع المشكلات القائمة ويسعى لتحقيق أهداف قصيرة الأمد ولا تتطلب جهداً زمنياً كبيراً لاتخاذها.
2. حسب إمكانية برمجتها: قرارات مبرمجة، قرارات غير مبرمجة:
– القرارات المبرمجة: هي تلك القرارات التي يتكرر حدوثها واتخاذها يومياً ولا تستدعي جهداً كبيراً للتفكير ها لأنها ذات طابع روتيني.
– القرارات غير المبرمجة: هي تلك القرارات التي تحصل في فترات زمنية غير متكررة أو في ظروف غير متشابهة، فهي تتطلب قدراً من المعلومات ونوعاً من التفكير (العزاوي،2008،ص9)

3. حسب تنظيمها: قرارات تنظيمية وقرارات شخصية.
– القرارات التنظيمية: هي القرارات التي يتخذها المدير بحكم السلطة التي يتمتع بها، ويتمكن من خلالها تفويض السلطة للأخرين.
– القرارات الشخصية: هي قرارات فردية يتخذها المدير أو الفرد وتعكس ميوله وقيمه الذاتية الشخصية (جوهانس،2009،ص111).
4. حسب موضوعيتها: قرارات عقلانية، قرارات عاطفية:
– القرارات العقلانية: هذه القرارات تعني بالتحليل المنطقي العقلاني المنظم للمواقف بهدف التعرف على البدائل وتقويمها وتطبيقها ومراجعتها ضمن خطوات متسلسلة، والقرار العقلاني يتطلب عدم الاعتماد على القيم والاتجاهات والاجتهادات الشخصية.
– القرارات العاطفية: هي القرارات التي تتأثر بالمشاعر الداخلية لمتخذ القرار وتكون هذه القرارات بعيدة عن التفكير الناقد (جوهانس،2009،ص112).
5. حسب عدد المشاركين: قرارات فردية، قرارات جماعية:
– القرارات الفردية: وهي القرارات التي ينفرد بها متخذ القرار دون أن يشارك المعنيين أو الزملاء بموضوع القرار.
– القرارات الجماعية: وهي قرارات ديمقراطية تكون ثمرة جهد ومشاركة جماعية من قبل متخذ القرار وبعض الأعوان حيث تتم المناقشة وتبادل الرأي وتعد هذه القرارات من أنجح القرارات (الوائلي،2005،ص62). ويجب أن يأخذ الأداء الجماعي في الاعتبار احتياجات وآراء كل عضو في المجموعة. إن القدرة على التوصل إلى قرار منصف بأكبر قدر من الكفاءة يعتبر مهم لعمل المجموعة. (الأركوازي،2020، (https://kitabat.com
6. حسب المركزية: القرارات المركزية والقرارات اللامركزية.
المركزية تعني الاتجاه إلى تركيز السلطة والرجوع إلى الوزارة في اتخاذ كافة القرارات المنظمة للعمل، أما اللامركزية فتعني توزيع السلطات وإعطاء حرية اتخاذ القرارات، حيث يجري العمل التنفيذي على مستوى المناطق المحلية والوحدات الأصغر. ومن الناحية العملية لا توجد مركزية مطلقة أو لامركزية مطلقة في المنظمات كبيرة الحجم بل هناك مواءمة بين ما تحقق المركزية من الرقابة الفعالة على الوحدات، وما تحققه اللامركزية من سهولة وتدقيق وانطلاق العمل (حبيب،1999،ص109).
7. حسب المجال الذي يتخذ به: القرار التعليمي المنهجي والقرار الشخصي والقرار الأخلاقي والقرار الوظيفي والقرار الإداري السياسي:
– القرار التعليمي المنهجي: هو ما يستخدم عند التخطيط للتعليم وبناء المناهج التربوية والتدريسية، وقد أكدت دراسات عديدة على أهمية تدريب الكادر التعليمي والتربوي على مهارة اتخاذ القرارات مثل دراسة هيرمان التي اهتمت بتدريب القائمين بالعمل التعليمي على اتخاذ القرارات الجماعية التي هي أكثر تأثيراً من القرارات المنعزلة (فسفوس،2003،ص6).
– القرار الشخصي: إن القرار الشخصي يخص الإنسان كفرد وليس كعضو في التنظيم الإداري، فالفرد يتخذ القرارات الشخصية التي تعمل على تحقيق الأهداف الشخصية، بينما القرارات التنظيمية التي تهدف لتحقيق الأهداف التنظيمية وأحياناً لا تتوافق كل القرارات التنظيمية ويسهل اتخاذ أحدها لتحقيق أهداف أخرى، وأحياناً لا يتوافق نوعي هذين القرارين ويعيق أحدهما الأخرى.
– القرار الأخلاقي: يتضمن القرارات في الشؤون الأخلاقية، والقيمية والجنسية كالسلوك الذي يقدم عليه المراهقون. وقد عمد بعض الباحثين إلى إجراء تحليل وتقويم للعوامل التي تؤثر على القرارات الجنسية والأخلاقية مثل الكفاءة الأسرية والأخلاقية الظاهرية كأهمية الزوج وإنجاب الأطفال. وقد تبين تأثير عوامل مثل العمر والدين والمستوى الاقتصادي والاجتماعي والجنس والخصائص الشخصية على اتخاذ القرار.
– القرار الوظيفي: وهو اختيار الفرد لمهنة المستقبل ويرى معظم العلماء أن الاختيار المهني جانب من جوانب السلوك ولذلك فقد عملوا على إيجاد تفسير له، بعضهم اقتصر على دراسته من وجهة نظر تعطي للعوامل المحيطة التأثير البالغ في الاختيار المهني، كالأحوال الاقتصادية، والمحددات الاجتماعية.
– القرار الإداري السياسي: يرقى الموظفون إلى مناصب الرؤساء المنفذين، لأنهم يملكون المعرفة الفنية، ويظهرون ما يدل على القدرة على اتخاذ قرارات صائبة ويرقَون إلى المناصب العليا عندما يظهرون قدرتهم على معالجة المشكلات بحكمة. وكلما صعد الفرد في سلك الإدارة كثرت القرارات التي يتخذها وزادت أهمية المشكلات التي عليه معالجتها.

8. معوقات اتخاذ القرار:
هناك العديد من الصعوبات التي نواجهها اثناء عملية اتخاذ القرار وهي تحد من وصولنا إلى القرار الأمثل الذي نصبو اليه في تحقيق أهدافنا والتي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار أثناء العملية، وقد أورد سترنبرغ بعض هذه العوائق:
1. الثقة الزائدة: وتقوم على تقدير الفرد الزائد لقدراته ومهاراته الخاصة ومدى معرفته وسلامة أحكامه. وبسبب الثقة الزائدة يعمل الكثير من الأفراد أشياء تعرضهم للخطر أو تسبب لهم الضرر، مثل الشباب الذين يتهورون في قيادة السيارات أو الدراجات النارية.
2. مغالطة المقامر: هناك خطأ آخر يسمى مغالطة المقامر، وينتج عنه الفكرة التي تقوم أن الحظ يتغير. ولهذا فإن المقامرة الذي يخسر مرات متتالية يأمل أنه سيربح في المرات القادمة علماً أن احتمال كسب المقارم في المرات التالية لا يختلف عن احتمال خسارته. ولا يتغير الحظ إلا إذا تحكمنا في إحداث هذا التغيير.
3. مغالطة التكوين: ونرتكب هذا الخطأ عندما نعتقد أن ما يصدق على الأجزاء يصدق على الكل أيضاً. ففي الغالب أن طريقة تنظيم الكل الذي يتكون من عدة أجزاء تؤثر في نوعيته بقوة. ومن الأمثلة على ذلك ضعف أداء فريق كرة القدم رغم تمييزهم على المستوى الفردي.
ورغم وجود هذه العوائق فإن الإنسان قد يكون منطقياً في قراراته في كثير من الأحيان، وعندما لا يكون منطقياً فإن هذا أمر طبيعي بسبب تعقد الظواهر ووجود أوليات دفاعية غير واعية (سليم،2003،ص210-211)
وبناء على ما سبق ذكره يمكن القول أنه من الصعوبات التي تعترض أي قرار هو عدم وجود أي قرار يرضي الجميع بشكل كامل، ولكنه يمثل على الأقل أفضل الحلول في ظل الظروف والمؤثرات الموجودة. وأن هذه الصعوبات قد تتعلق بمتخذ القرار أو نقص المعلومات أو عدم القدرة على تحديد الأهداف التي يمكن أن تتحقق باتخاذ القرار أو عدم ادراك المشكلة وتحديدها. )بن النوي،2019،ص64)
9. صفات القرار الفعال:

1. الشرعية: ويعني ذلك أن لا تتعارض القرارات المتخذة مع القوانين والأنظمة واللوائح.

2. الدقة: ويُقصد بذلك أن تستند القرارات المتخذة إلى معلومات دقيقة وصحيحة، ودراسة وافية للمشكلة بكافة أبعادها.
3. المشاركة: ويتم ذلك من خلال أخذ آراء المختصين والخبراء والعاملين بالشكل الذي يُسهل قبول القرار.
4. الصياغة الواضحة للقرار: بحيث لا ينجم عنها أي لبس أو غموض أو احتمال سوء التفسير.
5. الاتصال: ويعني اختيار وسيلة الاتصال المناسبة لإبلاغ القرار للأشخاص المعنيين.
6. التوقيت: ويُقصد بذلك اختيار التوقيت المناسب لاتخاذ القرار، دون التسرع ودون التسويف.
7. الكفاءة: ويعني ذلك تحقيق أفضل النتائج بأقل التكاليف.
8. الواقعية: ويقصد بذلك إمكانية التطبيق على الصعيد العملي، والانسجام مع مهارات وقدرات العاملين والموارد المتاحة.
9. الموضوعية: ويُقصد بذلك الابتعاد عن الذاتية، وعدم التأثر بالضغوط الشخصية أو المصالح الخاصة. (الفضل،2008،ص34)

المبحث الثاني
تطور الفكر الإداري في اتخاذ القرار
سيتم من خلال هذا المبحث الوقوف على الجهود والإسهامات المختلفة التي قدمها رواد وأنصار المدارس المختلفة في الفكر الإداري في مجال تطوير عملية اتخاذ القرارات ابتداء من المدرسة الكلاسيكية ثم المدارس الانتقالية مروراً بالمدرسة السلوكية وأخيراً المدرسة الحديثة في الإدارة.
المطلب الأول: المدرسة الكلاسيكية:
ظهرت المدرسة الكلاسيكية في الفترة الممتدة ما بين 1880 حتى 1930 وتضم هذه المدرسة مجموعة من النظريات التي ظهرت في نفس الفترة التي كانت تتميز بسيطرة الآلة على الإنسان والثورة الصناعية وسيادة النظام الاستبدادي المطلق والنظام الاقتصادي الحر. (كنعان،2003،ص46)
وكانت فلسفة هذه المدرسة تتركز على زيادة الإنتاجية وتخفيض التكاليف من أجل تحقيق أعلى كفاءة إدارية وإنتاجية ممكنة. (حسن،2001،ص15)
1. نظرية الإدارة العلمية وعملية اتخاذ القرارات:
ويُطلق على هذه النظرية اسم النظرية المادية أو الرجل الاقتصادي ويعتبر المهندس الأمريكي فردريك تايلور رائدها ومؤسسها والذي لُقب بأب الإدارة العلمية. (عقيلي،2007،ص93)
 الإسهامات في عملية اتخاذ القرارات: تتضح اسهامات تايلور في مجال عملية اتخاذ القرارات من خلال: (كنعان، 2003، ص47-48)
– محاولته إيجاد الطريقة المثلى لأداء العمل، وذلك من خلال اهتمامه بدراسة الحركة والزمن، والتي كان يهدف من ورائها معرفة الحركات اللازمة للعامل لإتمام العملية الموكلة إليه وتحديد الوقت اللازم لأدائها، بهدف تفادي الحركات غير الضرورية التي تستهلك الوقت والجهد.
– دعوته إلى تطبيق الأساليب العلمية في الإدارة بدلاً من أساليب التقدير الشخصي، والتعاون بدلاً من سيادة روح الفردية.

فهذه الدراسات والتجارب التي أتى بها تايلور كان لها الأثر الكبير في ترشيد عملية اتخاذ القرارات، وفي توجيه أنظار علماء الإدارة إلى أهمية إيجاد الطرق والوسائل العلمية التي تستهدف الوصول إلى البديل الملائم لحل المشكلات الإدارية.
2. نظرية عملية الإدارة وعملية اتخاذ القرارات:
ويُطلق عليها كذلك نظرية التقسيم الإداري ويعتبر المهندس الفرنسي هنري فايول مؤسسها ورائدها الذي حاول الوصول إلى مبادئ إدارية عالمية تحكم التنظيم في مختلف البيئات، لذلك فإن أفكار هذه النظرية كانت أكثر تعقيداً من نظرية الإدارة العلمية. (القريوتي،2004،ص70)
ومن أم اسهامات فايول في مجال الإدارة هي: (رضا،2001،ص50)
– تصنيف الأنشطة الإدارية إلى ست مجموعات (فنية، تجارية، مالية، إدارية، محاسبية، ضمان ووقاية).
– تصنيف وظائف الإدارية إلى خمس وظائف (التخطيط، التنظيم، إصدار الأوامر، التنسيق، الرقابة).
– تحديد الصفات والمهارات الواجب توافرها في المدير (الجسدية، الثقافية، العقلية، الخلقية، الفنية).
– وضع مبادئ للإدارة حيث اشتهر فايول بمبادئه الأربعة عشر التي تتميز بالمرونة وقابليتها للتطبيق في جميع المؤسسات وهي (تقسيم العمل، السلطة والمسؤولية، النظام، وحدة إصدار الأوامر، وحدة التوجيه، المركزية، مبدأ المكافأة والتعويض، خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العامة، تدرج السلطة، الترتيب، المساواة في المعاملة، الاستقرار في العمل، المبادأة، التعاون) ((Roula,2007,P16
إسهامات نظرية عملية الإدارة في مجال اتخاذ القرارات: من الإسهامات الرائدة لفايول في مجال عملية اتخاذ القرارات، اقتراحه لعدد من التوجيهات والمبادئ الضرورية لترشيد سلوكه وضمان حسن أدائه لدوره القيادي، وفيما يلي سيتم التطرق إلى أهم هذه التوجيهات والمبادئ التي تساهم في ترشيد عملية اتخاذ القرارات:
 التوجيهات ومن أهمها: (كنعان،2003،ص50-51)
– التأكيد على وجوب تقديم المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، ومراعاة القادة الإداريين لذلك عند اتخاذ قراراتهم، وهذا بالابتعاد عن بعض السمات كالأنانية، والكسل، والجهل وغيرها من السمات.

– التأكيد على وجوب توفر سمة المبادأة لدي القادة والتي تمكنهم وتساعدهم على ابتكار وخلق الحلول الملائمة للمشكلات الصعبة.
– التأكيد على وجوب توفر مجموعة من السمات والمهارات في القائد الإداري حتى يتمكن من اتخاذ قرارات سليمة (كالسمات الجسمية والذهنية والمهارات الفنية…إلخ)
 المبادئ ومن أهمها:
– مبدأ تدرج السلطة: اتبع فايول ما يسمى بالتنظيم العمودي للسلطة، بحيث تتدرج فيه السلطة من أعلى قمة الهرم التنظيمي في المؤسسة إلى أدنى مستويات ذلك الهرم، كما تتحدد فيه خطوط واضحة للعلاقات الرسمية بين الوحدات التنظيمية، بحيث تكون الوحدة التنظيمية مسؤولة أمام وتابعة للوحدة التي تعلوها (العتيبي،2005،ص28)، وبذلك يترتب على تطبيق هذا المبدأ تحديد مسؤولية اتخاذ القرارات تبعاً لأهميتها، كما يترتب عليه التزام الوحدات الإدارية الدنيا بما يُتخذ من قرارات عن الوحدات الإدارية الأعلى منها.
– مبدأ مركزية السلطة: دعا فايول إلى ضرورة تركيز سلطة اتخاذ القرارات في يد الإدارة العليا، وتفويضها دونما إفراط إلى المستويات الإدارية الأخرى حسب ضرورات العمل (العتيبي،2005،ص28).
– ويرى فايول أن تقرير درجة مركزية ولا مركزية اتخاذ القرارات أمر تحكمه مجموعة من المواقف والظروف والعوامل، كطبيعة عمل المؤسسة، التقسيم الإداري فيها، قدرات المرؤوسين ….إلخ) (العقيلي،2007،ص105)

3. النظرية البيروقراطية وعملية اتخاذ القرارات:
– يُعتبر العالم الاجتماعي والاقتصادي الألماني ماكس فيبر رائد الفكر البيروقراطي الذي قدم إحدى الأشكال التنظيمية وهي التنظيم البيروقراطي باعتباره الشكل أو التنظيم الأمثل للمؤسسات، والذي يمكن تعريفه على النحو التالي: (طه،135،2007)
شكل تنظيمي قائم على التقسيم الصارم للعمل، والتقيد بهرمية السلطة، وتسلسل القواعد، واستخدام نطاق الإشراف الضيق والعلاقات غير الشخصية.

 خصائص البيروقراطية: أكد فيبر أن المؤسسة المثالية هي المؤسسة التي تتصف بالخصائص البيروقراطية المثالية التالية: (القريوتي،2004،ص67-68)
– تقسيم العمل والتخصص: حيث يتم تقسيم العمل إلى عدة مهام ويتم اختيار من يشغلها حسب درجة التخصص.
– التسلسل الرئاسي: بمعنى وجود مستويات إدارية متفاوتة، حيث يتبع فيها كل مستوى إداري المستوى الإداري الأعلى منه.
– الرسمية وتقنين الإجراءات: أي وجود نمط من العلاقات الرسمية في العمل بعيداً عن العلاقات الشخصية.
– اللاشخصية في اتخاذ القرارات: ويعني ذلك أن تُتخذ القرارات على أسس موضوعية وليس على أسس شخصية وذاتية.
– الترقية على أساس الكفاءة: أي أنه يتم تعيين وترقية العاملين على أساس كفاءاتهم ومؤهلاتهم.
– اعتبار الإدارة مهنة دائمة: حيث ينظر إلى الإدارة باعتبارها مهنة تحتاج للتأهيل والتدريب وليست هواية.

 إسهامات النظرية البيروقراطية في مجال عملية اتخاذ القرارات:
تتضح إسهامات هذه النظرية في مجال عملية اتخاذ القرارات من خلال خصائص البيروقراطية التي تم التطرق إليها والمتعلقة بـ:
1. الإدارة المهنية: ويُقصد بها أن تشغل الوظائف الإدارية من قبل المديرين المحترفين من أصحاب الخبرة والممارسة في العمل الإداري، وذلك من أجل ضمان سلامة القرارات التي تُتخذ في المؤسسة. (عقيلي،2007،ص111)
2. التدوين الكتابي أو (تقنين الإجراءات): ويُقصد به إصدار جميع الأوامر والقوانين واللوائح الإدارية بشكل رسمي وكتابي، والاحتفاظ بجميع الأوراق والمستندات الخاصة بالمؤسسة، بهدف ضمان سير العمل وتنفيذه وتسهيل عملية الرجوع إليها عند الحاجة، والكشف عن الانحرافات وتصحيحها في الوقت المناسب (عقيلي،2007،ص110)، فتدوين وتقنين هذه الإجراءات تمكن العاملين من الرجوع إليها كأساس لاتخاذ القرارات، مما يضمن سرعة الإنجاز وتماثل القرارات التي تُتخذ بشأن الحالات المماثلة.(القريوتي، 2004،ص67)

3. مركزية السلطة في اتخاذ القرارات: أكد فيبر على أنه يمكن للإدارة العليا الاستعانة بلجان متخصصة للمساهمة في عملية اتخاذ القرارات، ولكنه شدد على أن تبقى سلطة اتخاذ القرارات أو تعديلها من اختصاص الإدارة العليا بالمؤسسة.(العتيبي،2005،ص34)
 تقييم المدرسة الكلاسيكية:
سيطرت المدرسة الكلاسيكية على مفاهيم الفكر الإداري حتى الربع الأول من القرن العشرين، ولقد تأثر روادها بأفكار حركة الترشيد، التي ترى أن التنظيم الإداري يتصف بالرشد مادام يخضع لمجموعة من القواعد والمبادئ الرشيدة، كالتخصص والتسلسل الإداري ووحدة القيادة وغيرها. (كنعان،2003،ص56)
ولقد قامت المدرسة الكلاسيكية على الفرضية الأساسية التالية: (Kouider,2006,P4)
“أن سلوك كل متخذي القرار (سواء كانوا أفراداً أو مؤسسات) في أي نظام اقتصادي هو سلوك رشيد، ويسعون إلى تطبيق مبدأ الفعالية، ولهذا السبب يُطلق على المدرسة الكلاسيكية اسم نظرية القرار الرشيد. ويُعرف القرار الرشيد بأنه القرار الذي يعظم فرصة تحقيق أهداف الفرد أو الجماعة أو المؤسسة. (جيرينبرج،2004،ص419)
وتجدر الإشارة إلى أن افتراض المدرسة الكلاسيكية لتوفر صفة الرشد في جميع أفراد التنظيم يصاحبه افتراض آخر هو توفر المعلومات الكاملة عن الظروف المحيطة والبدائل المتاحة لكل من القائد الإداري والعاملين، وبذلك تصبح عملية اتخاذ القرارات حسب هذه المدرسة عملية حسابية بسيطة وواضحة لأنها تتم في حالة التأكد التام.) السلمي،1980،ص27)
الانتقادات التي وجهت للأفكار التي جاءت بها النظريات الكلاسيكية في مجال عملية اتخاذ القرارات: (بلعجوز،2008،ص22-24)
– افتراضها أن المؤسسة تعمل ضمن نظام مغلق لا يتأثر بالبيئة المحيطة به إذ أن النظريات الكلاسيكية تمثل النموذج المغلق في اتخاذ القرارات في حين أن الاتجاه الحديث يُقر بالإجماع أن المؤسسة نظام مفتوح يتأثر بالبيئة المحيطة به ويؤثر فيها.
– إهمالها الجانب الإنساني للعامل داخل المؤسسة، فالعامل في ظل أفكار هذه النظرية آلة بيولوجية تنفذ بشكل دقيق التعليمات والقرارات واللوائح، وتنظر للمؤسسة على أنها مكان للعمل وللعلاقات الرسمية فقط،

وليست على شكل كيان اجتماعي تسوده روابط وعلاقات اجتماعية غير رسمية إلى جانب العلاقات الرسمية.
– عدم واقعية صفة الرشد التي تتطلب من متخذ القرار أن يكون على علم ومعرفة تامة بظروف المستقبل، وأن يمتلك المعلومات والبيانات الكافية، التي تُمكنه من تحديد جميع البدائل ونتائجها واختيار أفضلها لتحقيق العائد الأقصى.
إن إهمال النظريات الكلاسيكية أهمية العوامل والمتغيرات البيئية والسيكولوجية وتأثيرها على عملية اتخاذ القرارات، وقصور المفاهيم والافتراضات التي طرحتها، أدى إلى ظهور اتجاهات ومدارس أخرى في الفكر الإداري
المطلب الثاني: المدارس الانتقالية وعملية اتخاذ القرارات:
جاءت هذه المدارس كرد فعل للإسهامات التي جاءت بها المدرسة الكلاسيكية وللانتقادات التي تعرضت لها، محاولة طرح مفاهيم وأفكار جديدة، مستعينة في ذلك بالعديد من العلوم كالرياضيات وعلم الاجتماع وعلم النفس، ويمكن تصنيفها إلى مدخلين (بلعجوز،2008،ص33): النظرية الكمية وحركة العلاقات الإنسانية:
1. النظرية الكمية وعملية اتخاذ القرارات: ظهر هذا الاتجاه الفكري في الإدارة والذي يُطلق عليه كذلك اسم “بحوث العمليات” بعد الحرب العالمية الثانية، نتيجة البحوث العسكرية التي أجريت في تلك الفترة، والتي استهدفت استخدام الرياضيات والإحصاء لحل المشكلات العسكرية المتعلقة بالنقل ودقة إصابة الأهداف وغيرها. وبعد النجاح الذي أحرز في هذا المجال أراد الإداريون والاقتصاديون تطبيق هذا الاتجاه في ميدان الأعمال والاقتصاد. (عقيلي،2007،ص143)
أما الجذور الأساسية لهذه النظرية فترجع إلى نظرية الإدارة العلمية، التي فتحت المجال أمام القياس الكمي للعديد من المتغيرات التي تؤثر على الكفاءة مثل دراسة الحركة والزمن. (بلعجوز،2008،ص39)
 إسهامات النظرية الكمية في مجال عملية اتخاذ القرارات:
إن إسهامات النظرية الكمية تكمن في استخدام الأداة الرياضية لحل المشكلات الإدارية من خلال استخدام أساليب بحوث العمليات، والتي تقوم على تصوير المشكلة المراد اتخاذ قرار بشأنها على شكل نموذج رياضي يُعبر عن علاقة بين عناصر ظاهرة معينة، ومن ثم تحديد أثر تغير كل عنصر من هذه العناصر على أبعاد الظاهرة محل الدراسة. (البدري،2002،ص116-117)
ومن أهم أساليب بحوث العمليات البرمجة الخطية، نظرية خطوط الانتظار، نموذج الشبكات، نماذج المخزون، نماذج الصيانة والإحلال، أساليب المعاينة، نظرية الاحتمالات، تحليل المدخلات والمخرجات، أساليب المحاكاة.
2. حركة العلاقات الإنسانية وعملية اتخاذ القرارات:
ركزت حركة العلاقات الإنسانية على أهمية العنصر البشري في المؤسسة، وضرورة إشباع حاجاته النفسية والاجتماعية مما يحفزه على تقديم إنتاجية عالية، وقامت هذه المدرسة على الافتراض التالي:
العنصر الإنساني يمكن أن يؤثر تأثيراً كبيراً على الإنتاج، ومن ثم فإن زيادة الإنتاج تتحقق من خلال فهم طبيعة الأفراد وتشجيعهم وتكيفهم مع التنظيم. (عوالي،2009،ص5)
من خلال هذا الافتراض يتبين أن حركة العلاقات الإنسانية تُعتبر بمثابة الناقد لأفكار المدرسة الكلاسيكية فيما يخص نظرتها إلى العامل، الذي كانت تعتبره بمثابة آلة يستخدمها القائد الإداري لتحقيق أهداف مؤسسته.
 إسهامات حركة العلاقات الإنسانية في مجال عملية اتخاذ القرارات:
رغم ما جاءت به هذه الحركة من أفكار ومفاهيم جديدة فيما يتعلق بأهمية الاهتمام بالعنصر البشري، إلا أنها لم تُعط أي شرح لعملية اتخاذ القرارات، بل أشارت فقط إلى ضرورة إشراك العاملين في هذه العملية، وإلى ضرورة لجوء القائد الإداري إلى الشبكات غير الرسمية للحصول على المعلومات، لكونها على علاقة مباشرة مع العاملين أي مع مصادر المعلومات. (عوالي،2009،ص6)
 تقييم المدارس الانتقالية:
أولا: تقييم النظرية الكمية: لقد نجحت النظرية الكمية في معالجة النشاطات المادية للمؤسسة نجاحاً كبيراً، غير أنها تعرضت إلى مجموعة من الانتقادات أهمها:
– عدم قدرتها على ترجمة المشكلات المتعلقة بمجال العلاقات الإنسانية إلى رموز ومعادلات رياضية، لأبعادها الكثيرة والمتنوعة والمختلفة والمتغيرة على الدوام، ولعدم قابليتها للقياس (العتيبي،2005،ص54)

– تُعتبر الأساليب الكمية غير مناسبة للمشكلات الروتينية والطارئة التي تستدعي السرعة في اتخاذ القرارات، فيفضل بذلك القائد الإداري الاعتماد على خبرته الشخصية في اتخاذ القرارات، بدلاً من استعمال هذه الأساليب التي تتطلب وقتاً كبيراً.(حسن،2001،ص25)
– افتراضها لوجود متخذ قرار عقلاني، وهذا الافتراض يُعتبر بعيداً عن الواقع. (بلعجوز،2008،ص43)
– رفض الكثير من الباحثين اعتبار النظرية الكمية على أنها نظرية إدارية، وحجتهم في ذلك أن علم الرياضيات الذي يُستعمل في الكثير من المجالات – الذي تستند عليه هذه النظرية – يُعتبر من الأدوات المساعدة على اتخاذ القرارات وليس مدرسة فكرية إدارية (عقيلي،2007،ص144)
ثانياً: تقييم حركة العلاقات الإنسانية: أدخلت حركة العلاقات الإنسانية في الإدارة وعملية اتخاذ القرارات عدداً من المفاهيم والأفكار الجديدة، كضرورة الاهتمام بالعنصر البشري، والجماعات غير الرسمية والاتصال داخل المؤسسة وضرورة إشراك العاملين في عملية اتخاذ القرارات. ورغم هذا فقد تعرضت هذه الحركة إلى مجموعة من الانتقادات أهمها.(عدون،2001،ص115)
– اهتمامها البالغ بالعنصر البشري وإهمالها للجوانب الأخرى داخل المؤسسة.
– اعتبار المؤسسة نظاماً مغلقاً، وبالتالي فهي تتجاهل تأثير البيئة الخارجية عليها.
– اعتبار الجماعات التي تتشكل داخل المؤسسة ذات اتجاهات وأهداف مشتركة، وهو أمر نفته عدة دراسات وبحوث بعد ذلك.
– اهتمامها بالمستويات الإدارية الدنيا في المؤسسة وإهمالها للمستويات الإدارية الأخرى، مما يجعل نظرتها وتحليلها للمؤسسة غير متكاملة.
المطلب الثالث: المدرسة السلوكية وعملية اتخاذ القرارات:
ظهرت المدرسة السلوكية في الفترة الممتدة ما بين 1930-1950، وتُعتبر هذه المدرسة امتداداً لحركة العلاقات الإنسانية، حيث ركزت على استخدام المعارف الإنسانية المستمدة من علم الاجتماع وعلم النفس، وعلى طرق البحث العلمي لملاحظة وتفسير سلوك العامل داخل المؤسسات. (عقيلي،2007،ص123) ولا تمتلك هذه المدرسة افتراضات معينة حول طبيعة الإنسان، فلا هو “بالرجل الاقتصادي” كما أكد تايلور (المدرسة الكلاسيكية)، ولا هو “بالرجل الاجتماعي” كما أكد مايو (حركة العلاقات الإنسانية بل إنها تأخذ بالاتجاهين معاً (الصالح،2006،ص40).

 مبادئ المدرسة السلوكية:
رغم تعدد اتجاهات المدرسة السلوكية إلا أن هناك قواسماً مشتركة تجمعها، أهمها:
– التركيز على دراسة المظاهر الخارجية لسلوك الفرد، باعتبارها أفضل وسيلة لفهم دوافع وحقيقة هذا السلوك.
– اعتماد نظام شامل للحوافز المادية والمعنوية لإشباع حاجات العاملين، بهدف الحصول على السلوك المرغوب فيه وهذا لما للحاجات من تأثير كبير في تشكيل سلوك الفرد.
– اعتبار المؤسسة نظاماً مفتوحاً يتأثر بالقوى والمتغيرات البيئية الخارجية.
– تطوير وسائل وسبل الاستجابة للحاجات المشتركة بين العاملين والمؤسسة، بهدف تجنب أي صراع قد يحدث بين أهداف هذين الطرفين (الصالح،2006،ص40).
 إسهامات رواد المدرسة السلوكية في مجال عملية اتخاذ القرارات:

– بعد أن كانت النظريات الكلاسيكية تركز على العمل والهيكل التنظيمي، وبعد أن بالغت حركة العلاقات الإنسانية في الاهتمام بالعنصر البشري وخصائصه، وتحديد الشروط التنظيمية المناسبة لحفز العاملين على الإسهام في العمل التنظيمي، جاء برنارد ومن بعده كلاً من سيمون وسيرت ومارتش ووضعوا أساساً جديداً في النظر إلى المؤسسة على أنها نظام اجتماعي يقوم باتخاذ القرارات، وبالتالي أصبحت دراسة المؤسسة منصبة أساساً على تتبع عملية اتخاذ القرارات وتحديد العوامل المؤثرة فيها.

وسيتم فيما يلي التطرق إلى أهم الإسهامات التي قدمها هؤلاء الباحثين في مجال عملية اتخاذ القرارات:
إسهامات شستر بارنارد في مجال عملية اتخاذ القرارات: يُعتبر العالم الاجتماعي الأمريكي شستر بارنارد، صاحب نظرية النظام التعاوني، التي أكد فيها على أن المؤسسة عبارة عن نظام تعاوني يعمل الأفراد فيها مع بعضهم البعض لتحقيق هدف معين.(العتيبي،2005،ص40). ويعتبر شستر بارنارد أول رائد وضع الأسس الأولية لدراسة اتخاذ القرار واعتبارها ركناً أساسياً في العمل الإداري من خلال تحليله لأنواع وخواص القوى المتفاعلة في العمل وأسلوب تفاعلها، مبتدئاً بالفرد متنقلاً إلى النشاط التعاوني المنظم منتهياً بوظائف المدير ومهامه. (غولة،2017،ص44)
وهو بذلك يُقر بأن المؤسسة عبارة عن وحدة فرعية في نظام أكبر من ناحية، كما أنها تضم وحدات أصغر منها من ناحية أخرى، فالمؤسسة إذن نظام مفتوح يتأثر بالبيئة المحيطة به. (السلمي،1980،ص175)

وكان لكتاب شستر بارنارد بعنوان “وظائف المديرين”، وكتاب هربرت سايمون بعنوان “السلوك الإداري” تأثيراً كبيراً في الفكر الإداري، حيث وضعا معاً أساساً جديداً في النظر إلى التنظيم والإدارة، باعتبارهما نظاماً اجتماعياً يقوم على اتخاذ القرارات. (النبيه،2011،ص75) ولبرنارد إسهامات أخرى في مجال الإدارة، وسيتم فيما يلي التطرق إلى أهم إسهاماته المتعلقة بمجال عملية اتخاذ القرارات، والمتمثلة في: (كنعان،2003،ص61-63)
– اعتبر أن العمل والأداء في التنظيم الإداري عبارة عن مجموعة من القرارات.
– اعتبر أن المصدر الحقيقي لسلطة القائد الإداري متخذ القرارات ينبع من قبول المرؤوسين لهذه السلطة وليس من شخصه.
– أكد على أهمية تحديد العوامل الإستراتيجية من العوامل غير الإستراتيجية في عملية اتخاذ القرارات، لمساهمة هذه العملية في تضييق مجال البحث والتفكير للوصول إلى الهدف.
– اعتبر أن القرار الذي يتخذه القائد الإداري برفض كل البدائل المطروحة أمامه للاختيار يُعتبر كذلك قراراً، وقد عبر بارنارد عن ذلك بقوله: “إن إدراك المدير للمواقف التي يجدر به عدم اتخاذ قرار معين فيها هو من صفات المدير الكفء”.
1. إسهامات هربرت سيمون في مجال عملية اتخاذ القرارات: يُعتبر هربرت سيمون من أبرز رواد المدرسة السلوكية وصاحب نظرية اتخاذ القرارات. ولقد اتخذ من عملية اتخاذ القرارات مدخلاً لدراسة الإدارة، فاعتبر بذلك أن العملية الإدارية لا تخرج عن كونها عملية اتخاذ القرارات، وأن السلوك الإداري ما هو إلا محصلة لعملية اتخاذ القرارات التي تجري داخل المؤسسة. (العزاوي،2006،ص103-107)
وهربرت سيمون يُعتبر من أهم الباحثين الذين تناولوا موضوع اتخاذ القرارات، وتبرز إسهاماته في هذا المجال من خلال تناوله لموضوع الرشد في القرارات، حيث أنه رفض فرضية الرشد المثالي لمتخذ القرار (المرتبطة بالمدرسة الكلاسيكية)، واعتبر رشد متخذي القرار محدوداً ومقيداً بالعوامل البيئية وبالأبعاد السيكولوجية لجميع الأفراد بالمؤسسة، وبعوامل أخرى (كعـدم قـدرة متخـذي القـرار علـى امتـلاك جميـع المعلومات التي تخفض من درجة اللاتأكد للبيئة، الوقت المتاح، وقدرات متخذي القرار وغيرها) (Charron,1998,P288)

ولقد اقترح سيمون إضافة معيار نوعي يرافق مفهوم الرشد من أجل التخفيف من تعقيد هذا المفهوم وجعله أكثر بساطة، فقسم صور الرشد في القرارات تبعاً لذلك إلى ستة أنواع، وفيما يلي وصف لهذه الأنواع. (Herbert,1983,P70)
– القرار الرشيد موضوعياً: وهو يعكس السلوك الصحيح الذي يسعى إلى تعظيم قيمة معينة في موقف معين.
– القرار الرشيد شكلياً: وهو القرار الذي يعظم فرصة الوصول إلى نتيجة معينة بالاعتماد على المعارف والمعلومات المتاحة.
– القرار الرشيد بطريقة واعية: وهو ذلك القرار الذي يقوم على عملية واعية لتطويع وتكييف الوسائل لتتناسب مع الأهداف والغايات المراد تحقيقها.
– القرار الرشيد عمداً: وهو سلوك يؤديه الفرد أو المؤسسة بصورة متعمدة لتكييف الوسائل مع الأهداف.
– القرار الرشيد تنظيمياً: وهو القرار الذي يسعى إلى تحقيق أهداف المؤسسة.
بالرغم من هذا التفصيل في مفهوم الرشد عند أصحاب النظرية السلوكية، وأخذهم بمبدأ النظام المفتوح، إلا أن تعقيد المشكلات التي تواجه متخذ القرار وكثرة العوامل الداخلية والبيئية، الموضوعية والذاتية المؤثرة على القرار، جعلت متخذ القرار غير قادر على ربط هذه المتغيات والعوامل مع بعضها البعض، واتخاذ القرار الرشيد المثالي، وذلك لغياب المفهوم والوسيلة آنذاك التي تمكن متخذ القرار من النظرة الشمولية التي يتطلبها القرار الرشيد، حيث بقيت مختلف أشكال المدخل الوظيفي حبيسة النظرة الجزئية، وعاجزة عن توفير أرضية مرضية لاتخاذ القرار المثالي. (السعيد،2017،ص41)
إسهامات سيرت ومارتش في مجال عملية اتخاذ القرارات: حتى تمكن الباحثان سيرت ومارتش من وصف عملية اتخاذ القرارات انطلقا من أهداف المؤسسة، فأشارا إلى أن أهداف المؤسسة تكون ناتجة عن المفاوضات والاتفاقات التي تتم بين التحالفات (أفراد أو مجموعات) التي تريد أخذ مقابل (أو عوض) مساهماتها بالمؤسسة. (Charron,1998,P17) وتقوم نظرية سيرت ومارتش المعروفة باسم نظرية متخذ القرار السياسي على المبادئ الأربعة التالية: (العزاوي،2006،ص109)
1. الحل الجزئي للصراع: وهذا عن طريق تجزئة المشكلات الأساسية إلى مشكلات فرعية ومحاولة البحث عن حل وسط.
2. تجنب عدم التأكد: يرى الباحثان أن المؤسسات تتفادى عدم التأكد عن طريق قيامها بالبحث عن حل للمشكلات الملحة، بدلاً من وضع استراتيجيات بعيدة المدى، من خلال المساومة أو التفاوض والبحث في البيئة المحيطة عن الحلول المرضية.
3. البحث الموجه للمشكلات: ويتم هذا عن طريق البحث عن الحلول وصياغة الأهداف والغايات بما يتوافق مع البدائل المتاحة.
4. التعلم التنظيمي: إن حصول المؤسسات على درجة معينة من التعلم التنظيمي مرتبط بقدرتها على التكيف مع المحيط.
 تقييم المدرسة السلوكية:
انتقد رواد المدرسة السلوكية فكرة النظام المغلق وفكرة الرشد في اتخاذ القرارات الإدارية، اللتين ارتبطتا بالمدرسة الكلاسيكية، ونظروا إلى المؤسسة على أنها ذلك العضو الاجتماعي الفعال الذي يؤدي وظائف متكاملة عن طريق سلسلة من اتخاذ القرارات الإدارية، ويرتبط مع غيره من الأعضاء بسلسلة من العلاقات تكون النظام الاجتماعي العام. واعتبروا بأن المؤسسة عبارة عن نظام مفتوح يؤثر ويتأثر بالعوامل الموجودة في البيئة (الداخلية والخارجية)، هذا التفاعل بين المؤسسة والبيئة والعلاقات الناشئة بينهما هي التي تحدد مواصفات وخصائص وأهداف المؤسسة، والفرص البديلة المتاحة أمامها، وأنواع القيود التي تتعرض لها، والمناخ الذي يتم في ظله اتخاذ القرارات الإدارية.(البدري،2002،ص115)
ونتيجة لهذا عُرفت المدرسة السلوكية بالنموذج المفتوح في اتخاذ القرارات، أو النموذج الإداري الذي يقوم على الافتراضات التالية: (المنصور،2000،ص22)
– أن يمتلك الرجل الإداري فكرة عامة عن الأهداف والمشكلات التي يريد إيجاد حلول لها، على أن لا يقوم بترتيبها حسب أهميتها، ذلك لأنها متعددة ومعيار الترتيب يتغير مع تغير المواقف والظروف.
– أن لا يقوم الرجل الإداري بدراسة البدائل وتحليلها إلا عند وجود حل مرضي، والذي يُعرف بأنه :”الحل الذي يحقق الأهداف بمستوى أقل من الحد الأقصى، ويعطي نتيجة مرضية وليس نتيجة أقصى”.
– أن يعرف الرجل الإداري بعض إيجابيات وسلبيات البدائل المتاحة أمامه، ولكن لا يمتلك الوقت والمعلومات الكافية لدراستها كلها.
– أن يقوم الرجل الإداري باختيار أول بديل يحقق له مجموعة معينة من الأهداف، وأن يلجأ إلى تخفيض مستوى الأهداف المراد تحقيقها، في حالة إن لم يجد الحل المرضي الذي يحقق الأهداف بمستوى أقل من الحد الأقصى.
– أن يأخذ الرجل الإداري بعين الاعتبار عند اتخاذه لقراراته الظروف والعوامل البيئية المحيطة بالمشكلة.

من خلال ما سبق يتبين أن المدرسة السلوكية قدمت وصفاً واقعياً لسلوك متخذ القرا، إلا أنها تعرضت وعلى غرار المدرسة الكلاسيكية والمدارس الانتقالية إلى مجموعة من الانتقادات، أهمها اهتمامها البالغ بالعنصر البشري وبسلوكيات الأفراد.(عوالي،2009،ص7)
ومع هذا تجدر الإشارة إلى أن المدرسة السلوكية تُعتبر الركيزة الأساسية لنظريات الإدارة الحديثة خاصة في مجال عملية اتخاذ القرارات.
المطلب الرابع : المدارس الإدارية الحديثة وعملية اتخاذ القرارات:
نتيجة للتطورات المعتبرة التي عرفتها المؤسسات الاقتصادية والتعقيدات البيئية المحيطة بها، ظهرت عدة اتجاهات إدارية حديثة، وسيتم في هذا المطلب التطرق إلى إسهامات أبرز هذه الاتجاهات “النظريات” في مجال عملية اتخاذ القرارات.
أولاً: نظرية النظم وعملية اتخاذ القرارات:
على عكس المدارس الإدارية السابقة، التي حاولت دراسة المؤسسة والإدارة من زوايا معينة جزئية، فإن نظرية النظم حاولت دراسة المؤسسة والإدارة بشكل كلي وشمولي.
الفكرة الأساسية لنظرية النظم: اعتمدت نظرية النظم الإدارية على نتائج أبحاث ودراسات نظرية النظم التي تم تطويرها في علم الأحياء سنة 1960، إذ قام علماء الإدارة بتطبيق هذه النظرية في مجال الإدارة.(آل علي،2001،ص69)
وتقوم الفكرة الأساسية لهذه النظرية على مفهوم النظام الذي يُعرف بأنه “مجموعة من الأجزاء المترابطة داخلياً والمتفاعلة، والتي تعتمد على بعضها البعض لتحقيق أهداف مشتركة.(طه،2007،ص152)
فالمؤسسة من هذا المنظور عبارة عن نظام اجتماعي مفتوح، يتكون من أجزاء متعددة، مترابطة ومتفاعلة تسعى إلى تحقيق أهداف معينة.(آل علي،2001،ص69)
هذا النظام يعيش في بيئة (مجتمع) يحصل منها على موارده أو مدخلاته الأساسية ثم يقوم بتحويلها ومعالجتها وتقديمها إلى المجتمع على شكل مخرجات، ونتيجة لهذه العلاقة التبادلية والاعتمادية مع البيئة تتمكن المؤسسة من الحصول مرة ثانية على الموارد التي تحتاج إليها.

 إسهامات نظرية النظم في مجال عملية اتخاذ القرارات: تكمن الإسهامات الحقيقية لهذه النظرية في مجال عملية اتخاذ القرارات، في أنها تجبر القادة الإداريين على النظر إلى المؤسسة على أنها وحدة متكاملة، وبالتالي فهي تجعلهم ينظرون إلى المؤسسة كشبكة معلومات متدفقة (داخلية وخارجية تتعلق بالبيئة المحيطة)، تمد متخذي القرار في مختلف المستويات الإدارية بكافة المعلومات التي تمكنهم من اتخاذ القرارات الإدارية بكفاءة، آخذين بعين الاعتبار القيود والمحددات البيئية الداخلية والخارجية وظروف الأنظمة )الأجزاء) الفرعية للمؤسسة.(عقيلي،2007،ص157)
ثانياً: النظرية الموقفية وعملية اتخاذ القرارات:
ظهرت النظرية الموقفية (أو ما تسمى النظرية الظرفية أو الشرطية) في سنة 1970، واعتبرت امتداداً فكرياً لنظرية النظم المفتوحة في الإدارة.
الفكرة الأساسية للنظرية الموقفية: رفضت النظرية الموقفية ما يُطلق عليه الفكر العالمي، والذي حاول فرض مقولة “الطريقة المثلى” لكل المواقف، واعتبرت أن الأفكار التي جاءت بها المدارس السابقة غير واقعية لاستحالة تطبيقها في جميع المؤسسات وفي جميع المواقف. (بلوط،2005،ص106)
فحسب هذه النظرية لا توجد طريقة أو أسلوب أو حل صالح لجميع المواقف والمشكلات الإدارية في كل زمان ومكان، ويعود السبب في ذلك إلى أن لكل مؤسسة ولكل موقف يواجهه القائد الإداري ظروفه الخاصة، وأن ما يناسب موقفاً ما قد لا يناسب نفس الموقف في زمان ومكان آخر، نتيجة للتغير المستمر في الظروف البيئية الداخلية والخارجية.(عقيلي،2007،ص158)
ومن هنا يتبين أن فعالية الأساليب الإدارية حسب النظرية الموقفة تحكمها الظروف والمواقف التي تمر بها المؤسسة.
 إسهامات النظرية الموقفية في مجال عملية اتخاذ القرارات: ترى هذه النظرية أن القرارات تُتخذ حسب الظروف المحيطة بالموقف، ذلك أن لكل موقف قراراً يتعلق به، وتختلف القرارات باختلاف تلك المواقف والظروف، وهذا يُحتم على متخذي القرار عدم اتخاذ أي قرارات إلا بعد دراسة وتشخيص المشكلة القائمة بشكل دقيق قبل اقتراح أي حل. )بوقرة،2006،ص27)
وبذلك فإن متخذ القرار حسب المدرسة الموقفية يخضع لظروف موقفية عند اتخاذه لقراراته، أهمها: معدل تغير البيئة الخارجية للمؤسسة.
– نقاط ضعف وقوة المؤسسة.

– قيم وأهداف واتجاهات ومهارات القادة الإداريين والعاملين بالمؤسسة.
– طبيعة نشاط المؤسسة والموارد والتكنولوجيا المستخدمة بها. (حسن،2001،ص30)
ثالثاً: نظرية الإدارة بالأهداف وعملية اتخاذ القرارات:
يُعتبر أسلوب الإدارة بالأهداف من أكثر أساليب الإدارة بالمشاركة شيوعاً واستعمالاً في السنوات الأخيرة، وتعود هذه النظرية إلى جهود العالم الإداري بيتر دركر في سنة 1950.
الفكرة الأساسية لنظرية الإدارة بالأهداف: يمكن تلخيص مفهوم الإدارة بالأهداف فيما يلي: (العتيبي،2005،ص58)
هو أسلوب إداري يشترك فيه الرئيس والمرؤوسون على كافة المستويات الإدارية في وضع أهداف عملية قابلة للتحقيق كأهداف للمؤسسة، بحيث تكون هذه الأهداف محصلة الأهداف المختلفة للفئات المشاركة في نشاط المؤسسة. وتتمثل أهم عناصر مفهوم الإدارة بالأهداف في(القريوتي،2004،ص153)
– وضع أهداف واضحة وموجزة ومفهومة.
– أن يشارك في وضع الأهداف الأشخاص الذين يُنتظر منهم أن يعملوا على تحقيقها.
– أن يتم تقييم الأداء على أساس النتائج المحققة.

 إسهامات نظرية الإدارة بالأهداف في مجال عملية اتخاذ القرارات: تتضح اسهامات هذه النظرية في مجال عملية اتخاذ القرارات، من خلال تأكيدها على أهمية وضرورة مشاركة الأفراد العاملين في جميع المستويات الإدارية بصورة فعالة في عملية تحديد الأهداف المراد تحقيقها، ويتم هذا عن طريق تطبيق الخطوات التالية: (القريوتي،2004،ص154)
– الابتعاد عن المركزية وتفويض السلطات للعاملين.
– تنويع وإغناء الوظائف عن طريق تفويض المهام.
– إشراك العاملين في عملية اتخاذ القرارات.
– إتباع طرق جديدة في تقييم الأداء تركز على النتائج وليس على الوسائل.

 تقييم المدارس الإدارية الحديثة:

1. تقييم نظرية النظم: يمكن القول إن أهمية نظرية النظم تكمن في توجيه أنظار القادة الإداريين نحو أهمية امتلاك رؤية شاملة لكيفية تفاعل عناصر وأجزاء المؤسسة مع بعضها البعض، ومع البيئة المحيطة بها، للتعرف على العوامل المعيقة للتغيير والتكيف، والبحث عن البدائل المختلفة للوصول إلى الأهداف المقررة.
ومع هذا فقد تعرضت هذه النظرية إلى العديد من الانتقادات، وأهم انتقاد وجه لهذه النظرية هو أنها مجردة وليست عملية، فالقائد لا يتخذ قراراته ولا يواجه الواقع من خلال التفكير بالمدخلات والمخرجات وعمليات التحويل كما تفترض هذه النظرية. (حريم،2006،ص71)
2. تقييم النظرية الموقفية: أسهمت هذه النظرية في تفسير عدد من المشكلات الإدارية، التي كانت المؤسسات تُعاني منها نتيجة لاختلاف المواقف وعدم اعترافها بالخصائص المميزة لكل مؤسسة.
وبالرغم مما تقدم، فإن هذا المدخل تعرض كذلك إلى عدة انتقادات، حيث يرى البعض أن الاعتماد على هذه النظرية بصورة كاملة قد يُعيق التوصل إلى محاولة وضع نظرية متكاملة للإدارة لها صفة القبول والعمومية.)طه،2007،ص164-165)
3. تقييم نظرية الإدارة بالأهداف: رغم المزايا والفوائد التي يحققها أسلوب الإدارة بالأهداف كزيادة الإنتاجية، تحسين العلاقات بين الإدارة والعاملين، رفع الروح المعنوية للأفراد، التشخيص الجيد لمشكلات العمل والتوصل إلى حلول لها، إلا أنه توجد العديد من الصعوبات والمعوقات التي تحد من فعالية هذا الأسلوب، ومن أهمها: (عامر،1998،ص28)
– صعوبة التوفيق بين الأهداف الكلية للمؤسسة وأهداف العاملين والإدارات والوحدات المكونة لها.
– ارتفاع تكاليف تطبيق هذا الأسلوب.
– عدم وعي وإيمان الإدارة والعاملين بجدوى تطبيق هذا الأسلوب.

 الخاتمة:
تمثل عملية اتخاذ القرارات جوهر نشاط الفرد والجماعة في حياتهم الخاصة أو في مجال أعمالهم، وهي تعتبر من مقومات الحياة. ونظراً لأهمية عملية اتخاذ القرار حظيت باهتمام كبير من المدارس الإدارية باختلافها لتطوير هذه العملية من حيث المفهوم والمراحل والأساليب المتبعة للوصول إلى القرار المناسب.
ومن خلال التطرق إلى اسهامات مختلف المدارس الإدارية في مجال عملية اتخاذ القرارات، تبين أن عملية اتخاذ القرار تطورت عبر الزمن، وأن هذه العملية حظيت بمكانة ذات أهمية نسبية في دراسات وبحوث رواد هذه المدارس باعتبارها تمثل أساس العمل الإداري. فالمدرسة الكلاسيكية اعتبرت متخذ القرار شخصاً رشيداً يمكنه اتخاذ قراراته بدون الرجوع إلى المستويات الإدارية الدنيا، أو أخذ العوامل البيئية بعين الاعتبار. أما النظرية الكمية حاولت إبراز أهمية الاستعانة بالأساليب الكمية في عملية اتخاذ القرارات، في حين ركزت حركة العلاقات الإنسانية على أهمية إشراك العاملين في عملية اتخاذ القرارات. أما المدرسة السلوكية فلقد اعتبرت أن رشد متخذ القرار محدوداً ومقيداً بعوامل البيئة الداخلية والخارجية، والتي يجب عليه أن يعالجها حتى يتمكن من الوصول إلى قرارات رشيدة. كما تواصل اهتمام المدارس الإدارية الحديثة بعملية اتخاذ القرار كل حسب اتجاهاتها ومبادئها.
وتمتاز عملية اتخاذ القرار بأنها فن وعلم في آن واحد، فهي فن لأن القرارات عادة ما تُتخذ بناءً على كل من البيانات الشخصية والموضعية، وعلم لأن كثيراً من القرارات الخاصة بالمشاكل المعقدة يمكن تبسيطها من خلال استخدام الأساليب الكمية.
فلم تعد عملية اتخاذ القرار تعتمد على التجربة والخطأ أو التخمين فقط، بل أصبحت تستند إلى مناهج وأساليب علمية، لتسهم في حل المشكلات المختلفة التي تواجه الإدارة بالاعتماد على التحليل الكمي للبيانات والمعلومات. (عزي،2012،ص أ)
وفي الختام ومن خلال هذا البحث نستنتج أن هنالك نقطتان لهما تأثير كبير على جودة القرار المتخذ وهما عملية البحث وجمع المعلومات حول المشكلة التي تتطلب اتخاذ القرار بشأنها، وضرورة إشراك الأشخاص المرتبطين بالمشكلة في عملية اتخاذ القرار لتحقيق أفضل النتائج والوصول إلى الأوضاع المثلى المحسوبة نظرياً.

 قائمة المراجع:

أولاً: المراجع باللغة العربية:
 الكتب:
1. البدري، طارق عبد الحميد (2002)، “أساسيات في علم إدارة القيادة”، الطبعة الأولى، عمان: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
2. الدوبك، عبد الغفار عفيفي (2014)، “إدارة الأزمات والكوارث واتخاذ القرار”، الطبعة الأولى، دار حامد، عمان، الأردن.
3. الزعبي، علي فلاح، بن بريكة، عبد الوهاب (2013)، “مبادئ الإدارة الأصول والأساليب العلمية”، الطبعة الأولى، عمان: دار المناهج للنشر والتوزيع، الأردن
4. القصبي، عبد السلام (2006)، “أسس إدارة الموارد البشرية”، دار المريخ، الرياض، السعودية.
5. العبيدي، محمد حسنين (1999)، “سيكولوجيا الإدارة”، مكتبة جرير، الرياض، السعودية.
6. العتيبي، صبحي جبر(2005)، “تطور الفكر والأساليب في الإدارة”، الطبعة الأولى، عمان: دار الحامد للنشر والتوزيع.
7. العزاوي، خليل محمد (2006)، “إدارة اتخاذ القرار الإداري”، الطبعة الأولى، عمان: دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع.
8. الفضل، مؤيد (2008)، “الأساليب الكمية والنوعية في دعم قرارات المنظمة”، الطبعة الأولى، عمان: مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع.
9. القريوتي، محمد قاسم (2004)، “مبادئ الإدارة: النظريات والعمليات والوظائف”، الطبعة الثانية، عمان: دار وائل للطباعة والنشر.
10. السلمي، علي(1980)، “تطور الفكر التنظيمي”، الطبعة الثانية، الكويت: وكالة المطبوعات.
11. المصري، أحمد محمد (2004)، “الإدارة الحديثة: الاتصالات والمعلومات والقرارات”، الإسكندرية: مؤسسة شباب الجامعة.
12. المنصور، كاسر نصر(2000)، “نظرية القرارات الإدارية، مفاهيم وطرائق كمية”، الطبعة الأولى، عمان: دار الحامد للنشر والتوزيع.
13. الوائلي، نهاد شفيع (2005)، “مفاهيم في الإدارة التربوية”، دار الطيب، الرياض، السعودية.
14. آل علي، رضا صاحب أبو حمد، الموسوي، سنان كاظم (2001)، “الإدارة: لمحات معاصرة”، الطبعة الأولى، عمان: مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع.
15. بلعجوز، حسين (2008)، “نظرية القرار: مدخل إداري وكمي”، الإسكندرية، مؤسسة شباب الجامعة.
16. بلايك، جيمس متريس (1999)، “كيف تكون مديراً ناجحاً”، ترجمة عبد الحكيم ثابت، دار قباء للطباعة والنشر، القاهرة.
17. بلوط، حسن إبراهيم (2005)، “المبادئ والاتجاهات الحديثة في إدارة المؤسسات”، الطبعة الأولى، بيروت: دار النهضة العربية.
18. جرينبرج، جيرالد، بارون، روبرت (2004)، “إدارة السلوك في المنظمات”، ترجمة رفاعي محمد الرفاعي، وإسماعيل علي بسيوني، الرياض، دار المريخ.
19. جوهانس، آلفريد (2009) “المفاتيح العشرة للنجاح”، ترجمة سمية الحسني، دار المنارة، الكويت.
20. حبيب، عبد الكريم (1999)، “سيكولوجيا صنع القرار”، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، مصر.
21. حرير، سامي محمد هشام (2008)، “أساسيات إدارة الأعمال: مهارات نظرية وتطبيقية”، الطبعة الأولى، عمان، دار قنديل للنشر والتوزيع.
22. حريم، حسين (2006)، “مبادئ الإدارة الحديثة: النظريات والعمليات الحديثة ووظائف المنظمة”، عمان: دار الحامد للنشر والتوزيع.
23. حسن، أمين عبد العزيز (2001)، “إدارة الأعمال وتحديات القرن الحادي والعشرين”، القاهرة: دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع.
24. خلق، ايمان عباس (2013)، “الذكاء الانفعالي للقائد”، دار المنهل، الأردن.
25. زاهر، ضياء الدين (1996)، “تقويم الإدارة المدرسية في التعليم الأساسي”، المركز القومي للامتحانات، القاهرة، مصر.
26. عامر، سعيد يس، عبدالوهاب، علي محمد (1998)، “الفكر المعاصر في التنظيم والإدارة”، الطبعة الثانية، القاهرة: مركز وايد سيرقيس للإستشارات والتطوير الإداري.
27. عدون، ناصر دادي (2001)، “الإدارة والتخطيط الاستراتيجي بالمؤسسة”، الجزائر: ديوان المطبوعات الجماعية.
28. عليان، ربحي مصطفى (2008)، “أسس الإدارة المعاصرة”، الطبعة الأولى، عمان: دار صفاء للنشر والتوزيع.
29. عقيلي، عمر وصفي (2007)، “الإدارة المعاصرة: التخطيط والتنظيم والرقابة”، عمان: دار زهران للنشر والتوزيع.
30. طه، طارق (2007)، “إدارة الأعمال: منهج حديث معاصر”، الإسكندرية، دار الفكر الجامعي.
31. فسفوس, عدنان أحمد (2003)، “اتخاذ القرار”، دار الشروق للنشر، عمان، الأردن.
32. كامل، عبد الله (2007)، “علم النفس المعرفي”، دار الشروق، عمان، الأردن.
33. كبية, محمد (1981)، “نظريات القرارات الإدارية”، جامعة حلب، كلية التجارة، سورية.
34. كنعان، نواف (2003)، “اتخاذ القرارات الإدارية بين النظرية والتطبيق”، الطبعة الأولى، عمان: دار الثقافة للنشر والتوزيع.
35. مالك، عبد الغني (2005)، “سيكولوجيا القرار”، دار الصفاء للنشر، عمان، الأردن.
36. ماهر، أحمد (2008)، “اتخاذ القرار بين العلم والابتكار”، الإسكندرية: الدار الجامعية.
37. محمد، عبد الكريم (2006)، “البرمجة اللغوية العصبية”، دار الزهراني، الرياض، السعودية.
38. موسى، شهرزاد محمد (2010)، “القدرة على اتخاذ القرار”، دار الصفاء، عمان، الأردن.
 الرسائل العلمية:
1. الزهراني، عبد الرحمن (2008)، رسالة ماجستير بعنوان”أساليب التفكير وعلاقتها في اتخاذ القرار”، جامعة أم القرى، السعودية.
2. السعيد، عابدي محمد (2017)، رسالة ماجستير بعنوان “نظرية اتخاذ القرار”، جامعة محمد الشريف مساعدية، الجزائر.
3. الملحم, سجان (2013)، رسالة ماجستير بعنوان “الذكاء الوجداني و علاقته باتخاذ القرار”، جامعة دمشق، سوريا.
4. النبيه، إياد أحمد (2011)، رسالة ماجستير بعنوان “فاعلية اتخاذ القرار وعلاقتها بالأنماط القيادية السائدة لدي مديري المدارس الثانوية بمحافظات غزة”، الجامعة الإسلامية، فلسطين.
5. بن النوي، أحلام (2019)، أطروحة دكتوراة بعنوان ” مدى استخدام النماذج الكمية في اتخاذ القرار ت بالبنوك التجاري، جامعة محـمد بوضياف المسيلة، الجزائر.
6. بوقرة، رابح (2006)، رسالة دكتوراة بعنوان “استعمال بحوث العمليات كنماذج مساعدة في اختيار القرار”، جامعة سطيف، المسيلة.
7. دحو، عبد الكريم (2010)، أطروحة دكتوراة بعنوان “أثر استخدام الأساليب الكمية في تحسين فعالية اتخاذ القرارات الإدارية”، جامعة الجزائر.
8. جزائرلي، رنا (1999)، رسالة ماجستير بعنوان “عملية اتخاذ القرار في المجال الاجتماعي”، جامعة دمشق، سوريا.
9. جيلح، الصالح (2006)، رسالة ماجستير بعنوان “أثر القيادة الإدارية على أداء العاملين- دراسة حالة مجمع صيدال”، جامعة الجزائر.
10. عزي، سهام (2012)، رسالة ماجستير بعنوان “دراسة المقاربة الكمية في اتخاذ القرارات الإدارية”، جامعة الجزائر.
11. غولة، إبراهيم (2017)، رسالة ماجستير بعنوان “إدارة المعرفة وعلاقتها بالقدرة على اتخاذ القرار لدي المديرين في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، جامعة القدس، فلسطين.

 المؤتمرات:
1. عوالي، حنان، عبو ، هودة (2009)، “فعالية التحليل الكمي في اتخاذ القرارات”، الملتقى الدولي حول “صنع القرار في المؤسسة الاقتصادية”، جامعة المسيلة.
 المقالات والمنشورات:
الأركوازي، صلاح (2020)، مقال بعنوان “مفهوم وأساليب اتخاذ القرار”، https://kitabat.com.
بلحاج، فتيحة (2016)، “الأسس النظرية والعلمية في اتخاذ القرار”، المجلة الجزائرية للعولمة والسياسات الاقتصادية، العدد 7.
ثانياً: المراجع الأجنبية:

1. Andressl,M(2007): DecisionMakingPsycology, teacher press, Newyork, U.S.A.B.N.55.
2. Charron, Jean-Luc; (1998)Sépari, Sabine. Organisation et gestion de l’entreprise, Paris: Dunod.
3. Clemen, R & Reilly, T(1999): Making hard decision, macimelanpress, London.

4. Blous,D(2008): Self confidence, sky hight press, U.S.A.
5. Herbert A. Simon(1983), Administration et processus de decision (Paris: Economica Education.
6. Kouider Boutaleb (2006), Theories de la decision (Alger: Office Des Publications Universitaires.
7. Marcel Laflamme (1981), Le management: Approch systemique, 3 edition.
8. roula ,Linda (2007): théorie des organisation, approches classique, contemporaines et de l àvant- garde presses de l’ universite du québec 1 ere trimestre.
9. Waknesn,M(2009),making decision and it’s relationship with psychological traits,Amercan Psychological association,vol 31,n2,abstract of international study.
10. Wilson ,E(2004),self concept and it’s relationship with decision making , journal of teaching and teacher education ,VoL 12, Colombia.- inventory and group problem solving success, journal of creative behavior, Vol.30,No.1, USA.

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
موضوع عن أجمل ما قيل بالأذكار
التالي
المسيحية

اترك تعليقاً