شعر غزل

قصيدة حب بلا حدود لنزار قباني

قصيدة حب بلا حدود يخاطب نزار قباني في قصيدته حبيبته ويقول لها:
يا سيِّدتي: كنتِ أهم امرأةٍ في تاريخي قبل رحيل العامْ. أنتِ الآنَ.. أهمُّ امرأةٍ بعد ولادة هذا العامْ.. أنتِ امرأةٌ لا أحسبها بالساعاتِ وبالأيَّامْ. أنتِ امرأةٌ.. صُنعَت من فاكهة الشِّعرِ.. ومن ذهب الأحلامْ.. أنتِ امرأةٌ.. كانت تسكن جسدي قبل ملايين الأعوامْ.. -2- يا سيِّدتي: يالمغزولة من قطنٍ وغمامْ. يا أمطاراً من ياقوتٍ.. يا أنهاراً من نهوندٍ.. يا غاباتِ رخام.. يا من تسبح كالأسماكِ بماءِ القلبِ.. وتسكنُ في العينينِ كسربِ حمامْ. لن يتغيرَ شيءٌ في عاطفتي.. في إحساسي.. في وجداني.. في إيماني.. فأنا سوف أَظَلُّ على دين الإسلامْ.. -3- يا سيِّدتي: لا تَهتّمي في إيقاع الوقتِ وأسماء السنواتْ أنتِ امرأةٌ تبقى امرأةً.. في كلَِ الأوقاتْ. سوف أحِبُّكِ.. عند دخول القرن الواحد والعشرينَ.. وعند دخول القرن الخامس والعشرينَ.. وعند دخول القرن التاسع والعشرينَ.. وسوفَ أحبُّكِ.. حين تجفُّ مياهُ البَحْرِ.. وتحترقُ الغاباتْ.. -4- يا سيِّدتي: أنتِ خلاصةُ كلِّ الشعرِ.. ووردةُ كلِّ الحرياتْ. يكفي أن أتهجى إسمَكِ.. حتى أصبحَ مَلكَ الشعرِ.. وفرعون الكلماتْ.. يكفي أن تعشقني امرأةٌ مثلكِ.. حتى أدخُلَ في كتب التاريخِ.. وتُرفعَ من أجلي الرّاياتْ.. -5- يا سيِّدتي لا تَضطربي مثلَ الطائرِ في زَمَن الأعيادْ. لَن يتغيرَ شيءٌ منّي. لن يتوقّفَ نهرُ الحبِّ عن الجريانْ. لن يتوقف نَبضُ القلبِ عن الخفقانْ. لن يتوقف حَجَلُ الشعرِ عن الطيرانْ. حين يكون الحبُ كبيراً.. والمحبوبة قمراً.. لن يتحول هذا الحُبُّ لحزمَة قَشٍّ تأكلها النيرانْ… -6- يا سيِّدتي: ليس هنالكَ شيءٌ يملأ عَيني لا الأضواءُ.. ولا الزيناتُ.. ولا أجراس العيد.. ولا شَجَرُ الميلادْ. لا يعني لي الشارعُ شيئاً. لا تعني لي الحانةُ شيئاً. لا يعنيني أي كلامٍ يكتبُ فوق بطاقاتِ الأعيادْ. -7- يا سيِّدتي: لا أتذكَّرُ إلا صوتُكِ حين تدقُّ نواقيس الآحادْ. لا أتذكرُ إلا عطرُكِ حين أنام على ورق الأعشابْ. لا أتذكر إلا وجهُكِ.. حين يهرهر فوق ثيابي الثلجُ.. وأسمعُ طَقْطَقَةَ الأحطابْ.. -8- ما يُفرِحُني يا سيِّدتي أن أتكوَّمَ كالعصفور الخائفِ بين بساتينِ الأهدابْ… -9- ما يَبهرني يا سيِّدتي أن تهديني قلماً من أقلام الحبرِ.. أعانقُهُ.. وأنام سعيداً كالأولادْ… -10- يا سيِّدتي: ما أسعدني في منفاي أقطِّرُ ماء الشعرِ.. وأشرب من خمر الرهبانْ ما أقواني.. حين أكونُ صديقاً للحريةِ.. والإنسانْ… -11- يا سيِّدتي: كم أتمنى لو أحببتُكِ في عصر التَنْويرِ.. وفي عصر التصويرِ.. وفي عصرِ الرُوَّادْ كم أتمنى لو قابلتُكِ يوماً في فلورنسَا. أو قرطبةٍ. أو في الكوفَةِ أو في حَلَبٍ. أو في بيتٍ من حاراتِ الشامْ… -12- يا سيِّدتي: كم أتمنى لو سافرنا نحو بلادٍ يحكمها الغيتارْ حيث الحبُّ بلا أسوارْ والكلمات بلا أسوارْ والأحلامُ بلا أسوارْ -13- يا سيِّدتي: لا تَنشَغِلي بالمستقبلِ، يا سيدتي سوف يظلُّ حنيني أقوى مما كانَ.. وأعنفَ مما كانْ.. أنتِ امرأةٌ لا تتكرَّرُ.. في تاريخ الوَردِ.. وفي تاريخِ الشعْرِ.. وفي ذاكرةَ الزنبق والريحانْ… -14- يا سيِّدةَ العالَمِ لا يُشغِلُني إلا حُبُّكِ في آتي الأيامْ أنتِ امرأتي الأولى. أمي الأولى رحمي الأولُ شَغَفي الأولُ شَبَقي الأوَّلُ طوق نجاتي في زَمَن الطوفانْ… -15- يا سيِّدتي: يا سيِّدة الشِعْرِ الأُولى هاتي يَدَكِ اليُمْنَى كي أتخبَّأ فيها.. هاتي يَدَكِ اليُسْرَى.. كي أستوطنَ فيها.. قولي أيَّ عبارة حُبٍّ حتى تبتدئَ الأعيادْ. قصيدة قرص الأسبرين يقول نزار قباني في قصيدته قرص الأسبرين:[٣] ليسَ هذا وطني الكبير لا.. ليسَ هذا الوطنُ المربّعُ الخاناتِ كالشطرنجِ.. والقابعُ مثلَ نملةٍ في أسفلِ الخريطة.. هوَ الذي قالّ لنا مدرّسُ التاريخِ في شبابنا بأنهُ موطننا الكبير. لا.. ليسَ هذا الوطنُ المصنوعُ من عشرينَ كانتوناً.. ومن عشرينَ دكاناً.. ومن عشرينَ صرّافاً.. وحلاقاً.. وشرطياً.. وطبّالاً.. وراقصةً.. يسمّى وطني الكبير.. لا.. ليسَ هذا الوطنُ السّاديُّ.. والفاشيُّ والشحّاذُ.. والنفطيُّ والفنّانُ.. والأميُّ والثوريُّ.. والرجعيُّ والصّوفيُّ.. والجنسيُّ والشيطانُ.. والنبيُّ والفقيهُ، والحكيمُ، والإمام هوَ الذي كانَ لنا في سالفِ الأيّام حديقةَ الأحلام.. لا… ليسَ هذا الجسدُ المصلوبُ فوقَ حائطِ الأحزانِ كالمسيح لا… ليسَ هذا الوطنُ الممسوخُ كالصرصار، والضيّقُ كالضريح.. لا.. ليسَ هذا وطني الكبير لا… ليسَ هذا الأبلهُ المعاقُ.. والمرقّعُ الثيابِ، والمجذوبُ، والمغلوبُ.. والمشغولُ في النحوِ وفي الصرفِ.. وفي قراءةِ الفنجانِ والتبصيرِ.. لا… ليسَ هذا وطني الكبير لا… ليسَ هذا الوطنُ المنكَّسُ الأعلامِ.. والغارقُ في مستنقعِ الكلامِ، والحافي على سطحٍ من الكبريتِ والقصدير لا… ليسَ هذا الرجلُ المنقولُ في سيّارةِ الإسعافِ، والمحفوظُ في ثلّاجةِ الأمواتِ، والمعطّلُ الإحساسِ والضمير لا… ليسَ هذا وطني الكبير لا.. ليسَ هذا الرجلُ المقهورُ.. والمكسورُ.. والمذعورُ كالفأرةِ.. والباحثُ في زجاجةِ الكحولِ عن مصير لا… ليسَ هذا وطني الكبير.. يا وطني: يا أيّها الضائعُ في الزمانِ والمكانِ، والباحثُ في منازلِ العُربان.. عن سقفٍ، وعن سرير لقد كبرنا.. واكتشفنا لعبةَ التزوير فالوطنُ المن أجلهِ ماتَ صلاحُ الدين يأكلهُ الجائعُ في سهولة كعلبةِ السردين.. والوطنُ المن أجلهِ قد غنّت الخيولُ في حطّين يبلعهُ الإنسانُ في سهولةٍ.. كقُرص أسبرين.

إقرأ أيضا:قصيدة مقتبسة من الشاعرة “سارة رائف”

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
موضوع عن الفوبيا
التالي
اعرف أكثر عن التعامل الطفل العنيد

اترك تعليقاً