مقالات ونصوص متنوعة

قصة قصيرة، بقلم :غُفران عياد


لطالما كانت كلُّ خليّةٍ من خلايا عقلي تصرخُ بأنّني غريبةٌ بين البشر ، لا أنتمي إليهم ولا أشعر بأنني من سلالتهم ، منذُ انْ أنارت الطّفولةُ عمري كانت الظُلمة تعبقُ في حنايا روحي ، لطالما تعالى صوتَ الخوفِ داخلي كلما مررتُ بمجموعةٍ من الأطفالِ، لم أتمكّنُ قط من التأقلِم والتعامل معهم كما يتعاملوا مع بعضهم البعض ، رغم كل الدفءِ والحنانِ الذي شملـني من العائلة المُتبنية لي ، الا أن رهبتي مما يحصل حولي يطغى على كل حب ، كنت أشعرُ دائمًا أن جزء من النص مفقود، شي غير مكتمل ، حياتي ليست حياتي وجميع ماحولي كذبة مفبركة ، كانت روحي تشعر وكأنها ممتلئة بأشياءٍ لا تخصني، كنت لا أنتمي إليّ ، حتى كبرتُ ووصلتُ إلى مرحلة الإدراك ، و هنا باتت مسامعي تتلوثُ بألفاظٍ لم أعهدها من ذي قبل ، بات الجميعُ ينسحبُ وينفر من وجودي ، كان كل من ينظرُ لي يشعر بحقيقة كوني أفكر اكثر مما أتكلم ، وانعزل اكثرُ مما احتـك ، و أراقب أكثر مما أنغمس ، كانت الحيرة جزء ظاهر من ملامحي … إلى ان وصلت لتلك الليلة الصادعة بالحقيقة ، الحقيقة التي لطالما بحثت عنها طيلة سنين عمري ، الحقيقة التي زادت ظلمة حياتي ظلام .
” نعتذر ولكنّكِ لقيطة ! ”
صعقت تلك الكلمة شرايين و أوردة جسمي أجمع ، و أوقفت الدم في عروقي … لم أبكِ ليلتها ولَم أبدِ اَي ردة فعل ! و لكن من بعدها لم تمرُّ على روحي ليلةٍ دون انهيار و فيضان لإنهمار دموعي ، منذ تلك الليلة المشؤومة لم أعد املكُ اَي قدرةٍ على المقاومة ، لقد مر عليّ الكثير و عشتُ الكثيرَ و لكن تعب الدنيا أجمع لم يكن ليكسر ظهري بقدر هذا الخبر .
شكراً أمي ! شكراً على تلك المشاعر التي وهبيتها لروحي ، و وصمة العار المرافقة لأسمي مدى الحياة .
شكراً لسداجتكِ ! شكراً لأنكِ لم تتركِ لي سند أو حتى حائط اتكىء عليه عند حاجتي … أشكركِ على دفن و إعدام ماتبقى من عمري تحت سابع ارض ، أشكركِ على سجن و تكبيل أحلامي ، وتهميش و تشويه صورتي .
إنه لألم مريع ياسادة ، إنها الوحدة في حين أنّ الارضُ يعيش عليها سبعة مليار حضن ، انه الخراب الذي لا ترممه صداقة أو حب مزيف ، إنه انكسار لا جبر له ، انها نار جحيم مستعرة ، لا ملجأ تهرب من الدنيا إليه ، ولا صوت حنون يزيل همك ، ولا ابنتي ساعديني ، لا جنة تحت اقدامها ، لا طعام يتذوّقهُ قلبكِ قبل فمكِ، لا حياة يابشر !
لكِ مني السماح يا أمي … لكِ ما تبقى في قلبي من حب ، لك كل ما أحمل من حنان .
لكن رسالتي لـكل امرأة :
” لتتوقفِ عن صنـع الرذيلة ”
بالله عليكم ، ليضع أحدكم حداً لهذه المهزلة ، يوماً بعد يوم أطفال ترمى امام ابواب المساجد ، كله بسبب مايثيركن من شهوة ، مايغريكن من مالٍ، ما يجذبكنَّ من مظاهر ، إنها حياة إنسان و اللّعنة عليكنّ، ليست لعبة تحت مايسمى حب ، توقفن و فكرن بالموتِ الذي ستخلقنه من ولادة طفلٍ لن تربينه !! .

إقرأ أيضا:ماسك الدقيق والعسل لعلاج التجاعيد

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
سوريا، بقلم: ليال سليم”خاطرة”
التالي
موضوع عن فوائد الجزر

اترك تعليقاً