مقالات ونصوص متنوعة

تلافيقُ الذّاكرة، بقلم : آية صلاح”خاطرة”

 

ماذا جنيتِ يا أُمّاه
كي أعيشُ ولا أعيشْ..
لأنام وسطَ الألغامِ
لأُجاهد في مستنقعات الذّلِّ
الرعب ينتشل أعضائي وشوقي يقتلني
لا فرار من الفرار كما تظن
حيث تعيش في غابة لم تعهد الإنسانية
والمخزي أن من يرفع شعارات حقوق الإنسان هو من يُهينُ الإنسان ..
ولا عصا تتكأ عليها
جائع تشتهي ضوء الشمس
حيث تكونُ ولا تكونْ
يذهلك سؤال
هل أنا حقَّاً إنسان من أنا إذا لم أكن
تناشد ذاكرتك بطفولتك
إذن إنسان في عشِّ الحيوانات المتوحشة
لقد عشتُ ذلك الطفل المُدلّل لأُمّي ، الشقي لأبي ، الورع لمعلمي
هل كانت أوهام أو أحلام تعتصرني
رَبّاه ساعدني فذاكرتي تصدأ وأنا في ريعان شبابي
أمي ما حال أمي ، تراها تستنبضُ الأخبار لتطعم غليل قلبها ولو بذرة عني، أو ربما تظن أني قد مت وتمسك قميصي الذي طرزته بأكناف يدها لتلبسني إياه يوم زفافي شاهقةً ، باكيةً داعيةً الله أن يرحمني حيًّا أو ميتاً ..
احتفظي بقميصي يا حبيبتي سأرتديه بعرس حرّيّتي
هي تعلم أني أُعاني فتراني قيداً في رؤياها
الأم هكذا قلبها دليلها تقيس دقات قلبك قبل أن تنظر في عيونك
لا تستطيع حتى أن تكذب عليها كيف لا وهي التي انتشلتك من أعضائها
أعدكِ يا مُهجةَ قلبي أنَّني سأقاوم لشمس الحرّيّة ما استطعت ستشاهدين أحفادك يركضون حولك
حينها سأبلع كل تلافيق ذاكرتي المُوحِشة
تسأليني هل كنت تتغذى جيداً
نعم يا وجعي كنت أتغذّى جيدا كان رئيسُ السّجنِ سخياً حتى أنه كان يدللنا ببعض المكسرات والحلويات نعم نسيت ويضع النعنع على الشاي حتى تعلمين أني أكذب .

إقرأ أيضا:علاج آثار الحبوب

 


 

من كان يغطيك عندما تمرض…

كانوا يحضروا لنا أطبّاءَ مُختصّين مدعمين بأغلى الأدوية حياة الإنسان عندهم ثمينة والموت موجع
عن أيِّ موتٍ أتكلّم وأنا الذي نجوت من الموت بأعجوبة اظن أن الله يريد إجابة دعائي ودعائك حين اجتمعا
عن السّلّ والكوليرا ومهرجانات العذاب أتحدّثُ وكتمت هذا في صدري وحرصت أن أُغطي جسدي خشية أن ترى الأسواط في أعضائي ..
حَدّقَتْ في وجهي الشاحب
هل كنت تعيش في الجنة يا بني
استعصى عليّ سؤالها بقدر معرفتها بظلام فؤادي
على هامشِ النّسيانِ الذي لن ولم ينسى
بل كنت أعيشُ في نار الدّنيا يا أمي

..

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
جميلةٌ أنتِ، بقلم : إسراء البرغثي”نص نثري”
التالي
مَن أكون، بقلم : هيا حسن الكرد”نص نثري”

اترك تعليقاً