مقالات ونصوص متنوعة

أشلاء حربٌ بقلم:شهد محمد الدرسي “،قصة قصيرة”

ولكنها حربْ مسلوبة الراء، هُنا تبدأ حكايتي وقعتُ بِغرام شاب مُسن أهلكتهُ الحياة، شغوف بالحروب بشكل يفوق التوقعات!
دائمًا يحمل بندقيتهُ بيدهِ اليسرى حتى عندما يتوقف عن حمْلِها يُسراهُ تفتقدْ البُندقية 
 وأما عن قلبه؛ فهو حافظ للقرآن فهو يرددهُ عن ظهر قلب 
كلما اشتدت وطأة المعركة، ورغم ذَلك فهو تارك ركناً بقلبهِ يحفظني هناك كلما مر طيفاً لِي في خيالهُ تبسم وسعِّد ثِّغرهُ، عندما يزور منزلنا أي منزل أهلي يصبح يومي عيداً فارحة بِمجيئِه، كان الزمن الذي التقينا فيهِ مُختلف تمامًا عن جميع الأزمنة، حتى مُكالمتنا الهاتفية أثناء فترة الخطوبة كانت مُختلفة؛ لا نتشارك أطراف الحديث سوى عن الحرب ولا تندمج أرواحنا إلا عند إطراء مُحسنات الجيش وتقدماتهُ، تعلقتُ بهِ تعلق رصاصة بِسلاح، كان لارتباط أرواحنا شيئاً عظيماً، نكمل بعضنا البعض بمميزتنا وعيوبنا، لا نعرف للخيانة شكل فمن خان لايؤتمن كأنهُ خان الوطن وعقوبتهُ أن يُقتل شنقاً، يذهب حبيب قلبي مع الجيش وأحياناً لا أُحادثهُ بالأشهر ولكن كان وفائي الأعظم لهُ هو انتظارهُ، ومصارعة الوقتِ والزمنْ،على غيابه وتسديد الفراغ الذي يتركهُ كلما غاب، ونظرات الأهلِ والأحبة عندما يتأخر عن موعد رجوعه ما كانت سوى نظرات شفقة، على أنني عاثرة الحظ أحببتْ شخصاً مثلهُ ولكنهم لا يعلمون بأنهُ الوطن الذي لايكل ولا يمل المواطن عن حُبهِ، لاينبضْ قلبي ولا أُحيىٰ إلا بِّهِ، مُشافياً لِقلبِي عندْ تبعثرهِ، ومداوٍ لِروحي عند جرحِها، تتسابق أرواحنا على الاحتضان قبل السلام ورغم المسافات الشاسعة لكنهُ يصل إليّ بكل ما فيّ، شعوري ونبضات قلبي وعقيدتي وكياني وشوقي وأشتياقي وعِّتابي، فهو كمالي ومكملي وكلي 
تواريخ جديدة وجروح جديدة أيضاً..
_الثامن عشر من ديسمبر..
حُدِد موعد زفافي لفارس قلبي،
 عُقد قراني ومن أهم شروطي بأن حان أجلهُ فإن مهري هو استشهادهُ فأنا مؤمنة بالموتْ فهو طالباً للشهادة!
_الثلاثون من ديسمبر..
يوم زفافي أتجهز،
فارحة مُستبشرة،
أذهب هنا وهناك وبابتسامة مُشرقة دقتْ ساعة زفافي لِحبيب قلبي ولكنهُ لم يأتِ! الجميع في حالة هول ينتظرونهُ 
العرق يتصبب من جبينِ أمي وجميع الحاضرين لم يشعروني بأن هناك شيء !
أنتظر وأنتظر بفستاني وشعري ووجهي يملؤه مستحضرات التجميل،  دقت الساعة الحادية عشر، وجميع الحضور بدؤا يُغادرون المكان، ولم يأتِ فارسي المُنتظر؛
الجميع يبحث عنهُ، زاد قلقي!
سمعتُ طبولاً تُقرع، أصوات خيول وكأنها حفلة زفاف بالخارج، خرج الجميع مُستبشراً ليجدوهُ جثمان حبيب قلبي؛! 
بدلاً من الضحك والفرح أصبح المكان يعج بالبكاء والنواح، آمنتُ حينها بمقولة “فِي ديسمبر تنتهي كل الأحلام وفِي يناير يبتدئ حلماً جديداً”
انتهى حُلمي بأن أعيش بجانبك تحت سقفاً واحداً وأن يصبح لدينا أطفالاً يشبهونك، بأن نتشاجر معاً عن من ينتصر في المُباراة، سأفتقد بُندقيتك، سأصبح رصاصة مُهمشة دون بُندقية، 
سيفلح العدو في الانتصار لان الرصاصة والبُندقية لنْ يجتمعان لن أفلح مُجددًا في إختراق صدر العدو وقتلهِ وحسم المعركة والفوز فيها، سأصبح مُجرد شُتات دون لمامة، وسأصبح بقايا حربْ، ولن أحتل زاوية بِقلبكَ ولاخيالكَ،
سيطول انتظاري ..!
بدلاً من أشهر سيمتدُّ إلى سنوات ومن ثمَ إلى عُمر، سيبتدأ حلماً جديداً بأن أجتمع معك فِي جنات الخُلد حيث لاحروب ولادمار، سَيُسطر حُبنا في تاريخ هذهِ البلد.

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
موضوع عن التدريس الفعال
التالي
من هو جوش هولواي ( Josh Holloway)‏

اترك تعليقاً