الكبائر في الإسلام

صغائر وكبائر الذنوب

ليس هناك شك في أن الخطايا والتجاوزات لها تأثير سلبي على الفرد والمجتمع إنه سبب جلب غضب الله  عز وجل  وإنكار رحمته  سبحانه وتعالى  واستمرار الخطايا دليل على حدوث وشيك للمعاناة في هذا العالم قبل الآخرة

تعريف الذّنوب
الذّنوب هي ترك ما أمر الله -تعالى- به من أوامر، وفعل ما حذّر منه -سبحانه- ممّا جاء الأمر بفعله أو النّهي عن تركه في الأحكام الشرعيّة، سواءً كان قولاً أو فعلاً، ظاهراً كان أو باطناً،[٣] وتُقسَم الذّنوب في الإسلام إلى قسمين؛ صغائر وكبائر، ولكلٍّ منهما مفهوم خاصّ كالآتي:[٤]

كبائِر الذّنوب: كلّ ذنب مقترن بوَعيد شديد، أو بعذاب، أو غضب، أو لعنة، أو دخول نار جهنّم.
صغائِر الذّنوب: كلّ ذنب عدا الكبائر؛ بمعنى أنّه لم يقترن بوعيد شديد، أو عذاب، أو دخول النار، وتُعرَّف صغائر الذنوب أيضاً بأنّها ما دون الحدّين: حدّ الدنيا، وحدّ الآخرة.[٥]

كبائر الذّنوب
يظنّ كثير من النّاس أنّ الكبائر سبع؛ وذلك لاشتهار الحديث الوارد عن السبع الموبِقات، فقد جاء في الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اجتَنبوا السَّبعَ الموبِقاتِ، قالوا: يا رسولَ اللهِ: وما هنَّ؟ قال: الشِّركُ باللهِ، والسِّحرُ، وقتلُ النَّفسِ الَّتي حرَّم اللهُ إلَّا بالحقِّ، وأكلُ الرِّبا، وأكلُ مالِ اليتيمِ، والتَّولِّي يومَ الزَّحفِ، وقذفُ المحصَناتِ المؤمناتِ الغافلاتِ)[٦] واجتنِبوا؛ أي: ابتعدوا، والموبقات؛ أي: المُهلِكات؛ دلالةً على ما تفعله بصاحبها من العذاب وغضب الله تعالى، إلا أنّ الكبائر في الحقيقة لا تنحصر بهذا العدد، ولكنّ تخصيص الحديث الشريف بها جاء من باب التأكيد على خطورتها وعظيم فُحشها.[٧]

إقرأ أيضا:ما هو جزاء الظالم

الموبِقات السّبع
الموبقات السّبع تبدأ بالشِّرك بالله، وهو أن يجعل المرء مع الله إلهاً آخر، يعتقد أنّه يستحق العبادة مع الله سبحانه، وفعل السِّحر يقتضي أذيّة النّاس وإلحاق الضّرر بهم؛ ومنه التفريق بين الزوجين، وقتل النفس اعتداءٌ على كرامة الآدميّ وحقّه في الحياة؛ فالإنسان بناء الله تعالى، والقتل بغير حقّ يستحقّ فاعله القصاص، وأكل الرّبا أكلٌ لأموال النّاس بالباطل؛ لأنّ فيه زيادةً غير مبرّرة شرعاً على أصل المال، واليتيم أوصى به الإسلام واهتمّ به كثيراً؛ فالاعتداء على ماله اعتداء يُنافي رعاية الإسلام به، ويُناقض الحثّ على كفالته، والتّولي يوم الزّحف هو فِرار من وجه العدوّ، أمّا إذا كان من باب تغيير المواقع العسكريّة أو للتمويه على جيش العدو فلا يدخل ضمن الكبائر، وقذف المرأة المسلمة يعني اتّهامها بفعل الزِّنا وما قارب هذا الفعل، ممّا يؤذي سمعتها.[٨]

كبائر أخرى
يتبيّن من استقراء النّصوص الشرعيّة أنّ الكبائر لا تقف عند حدّ الكبائر السّبع، إذ يقول ابن عباس رضي الله عنهما: (هنَّ إلى السَّبعينَ أقربُ منها إلى السَّبعِ)،[٩] وقد أفرد الإمام محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي -المتوفى 748هـ- كتاباً سمّاه الكبائر، وقد ذكر فيه سبعين من كبائر الذّنوب، مُستشهداً بالأدلة الشرعيّة التي تؤكد ذلك، ومنها:[١٠]

ترك الصّلاة.
منع الزّكاة.
إفطار يوم من رمضان من غير عُذر.
ترك الحجّ مع القدرة عليه.
عُقوق الوالدين.
هجر الأقارب.
الزِّنا.
اللواط.
الكذب على الله ورسوله.
غشّ الإمام للرعيّة وظلمهم.
الكِبر، والفخر، والخيلاء، والعجب.
شهادة الزّور.
شُرب الخمر.
القمار.
الغلول من الغنيمة.
السّرقة.
قطع الطريق.
اليمين الغموس.
قتلُ الإنسانِ نفسَه.
الكذب في أغلب الأقوال.
أخذ الرّشوة على الحكم.
تشبُّه النساء بالرجال، وتشبُّه الرجال بالنساء.
الدّيوث الذي لا يغارعلى أهله.
عدم التنزه من البول.
الخيانة.
التكذيب بالقدر.
التجسّس على أحوال الناس.
النميمة.
اللعن، وكثرة الفُحش في الكلام.
الغدر، وعدم الوفاء بالعهد.
تصديق الكاهن والمُنجِّم.
نشوز المرأة على زوجها.
اللطم، والنّياحة على الميّت.
أذيّة الجار.
نقص الكيل، والذّراع، والميزان.
سبّ أحد من الصّحابة رضوان الله عليهم.

إقرأ أيضا:حكم الربا في الإسلام

صغائر الذّنوب
كلّ ذنب دون الكبائر هو من الصغائر؛ لذا يصعُب حصرها في عدد، ومن الأمثلة عليها:[١١]

استقبال القِبلة ببولٍ أو غائطٍ.
إمامة من يكرهُه الناس.
خِطبة المسلم على خِطبة أخيه.
هجر المسلم، وكثرة الخصومة، واستماع الغيبة.
اقتناء الكلب لغير حاجة مُعتبَرة شرعاً.
ترك إعفاء اللحية؛ أي حلقُ اللحية دون الإصرار على ذلك، فإن أصرّ صاحبها على حلقها صارت إحدى الكبائر.[١٢]

مُكفّرات صغائر الذّنوب
من رحمة الله -تعالى- بعباده أنْ شرع لهم كثيراً من الأعمال الصّالحة التي تُكفّر صغائر الذّنوب، أهمّها:[١٣]

اجتناب الكبائر، قال تعالى: (إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا).[١٤]
التوبة الصادقة، قال صلى الله عليه وسلم: (التَّائبُ من الذَّنبِ كمن لا ذنبَ له).[١٥]
إسباغ الوضوء، والمشي إلى الصلاة، وانتظارها من مُكفّرات الذّنوب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أدلُّكم على ما يمحو اللهُ بهِ الخطايا ويرفعُ بهِ الدرجاتِ؟ قالوا: بلى يا رسولَ اللهِ، قال إسباغُ الوضوءِ على المكارهِ، وكثرةُ الخُطى إلى المساجِدِ، وانتظارُ الصّلاةِ بعدَ الصلاةِ، فذلكمْ الرّباطُ).[١٦]
المتابعة بين الحجّ والعمرة، جاء في الحديث الشريف: (تابِعوا بينَ الحجِّ والعُمرةِ، فإنَّهُما ينفيانِ الفقرَ والذُّنوبَ، كما ينفي الكيرُ خبثَ الحديدِ).[١٧]
صيام شهر رمضان المبارك، قال عليه الصّلاة والسّلام: (من صام رمضانَ إيماناً واحتساباً، غُفِرَ له ما تقدَّمَ من ذنبِه).[١٨]

إقرأ أيضا:الكبائر في الاسلام

الإصرار على الصّغيرة
إنّ التّهاون بفعل الصّغيرة، وتكرار فعلها، مع الإصرار عليها، والاستخفاف بسِتر الله -تعالى- للعبد، والمُجاهَرة بها بين النّاس، بل والفرح بها أحياناً، واستصغار شأنها، كلّ ذلك ينتقل بالمعصية من كونها صغيرةً إلى مصافِّ الكبائر بالقول الرّاجح عند العلماء، فالإصرار على المعصية وإنْ كانت صغيرةً ينقل صاحبها بسهولة إلى ارتكاب الكبائر.[١٩]

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
الكبائر في الاسلام
التالي
لماذا حرم الله الزنا

اترك تعليقاً