مقالات ونصوص متنوعة

عناق الملائكة، بقلم : رياض محمد أحمد

أقفز على الرصيف، فوق مفاتيح بيانو رسمتها وهماً و على ساق واحدة ، كأني طفلٌ صغير يأبى أن يكبر يوماً، لا لشيء إنما لأنك حين تكبر ستحصي أيامكَ على طريقة العد التنازلي، تك..توك قنبلة موقوتة ستنفجر في نهاية المطاف لا محالة
إذ ستُلوحُ لمن تحب للمرة الآخيرة يوماً ما، وقد لايتسنى لك فعلها ؛
يخيفني التفكير بنضج هكذا، خاصةً أني على أعتاب موعدٍ غرامي… ربما ؟

أجوب المدينة على صهوة خيل جنوني المحجل بماء العشق وأتحرش النوافذ بنظراتي ، أراقص الهواء داخل صدري وبين أضلعي و أعطر الأوركيد الغافي على جوانب الطريق بعبق غزل البنات الهارب من لفافة تبغي المشتعلة على حافة ثغري التائه بين دهاليز القصائد والأغاني
أجرُ في ذيلي ملامح وجهكِ وتقاطيعه المنسوجة من حرير الحُسنِ السماوي ، أنقلب على أثركِ تحت وجوه العابرين تحت تجاعيد الشيوخ ،ابتسامة الأطفال و تورد وجنات الحسنوات المخملية اللواتي يطفنَّ الشوارع..

أبتلع الشوارع وألعق الأرصفة .. أقبل الجدران وأشتم لافتات الطرق ، تتهشم المدينة بين طرقِ مطرقة شوقي وسندان الوقت
أتنهد نافثاً ما بقي لي من أملٍ رثٍ فتفنى المدينة كلها عدا تلك الحانة بواجهتها الزجاجية المكسورة منذ قمتُ بزيارتها آخر مرة

أدخلها متجهاً نحو الساقي مباشرةً دون تردد أو تفكير أصفع وجه الطاولة وأصرخ والشرار يتطاير مع أحرفي الصاخبة

إقرأ أيضا:طريقة عمل القهوة السادة

-قدح كبير مزدوج مع قطعتي ثلج وإياك وجعلها ثلاث سأكمل القدح فوق قبرك حينها …

أتناول القدح مداعباً بسبابي قطعتي الثلج جاعلاً منهما عشاقين يطوفان حول نفسيها ثم أتجرعه دفع واحدة
” يا ألهي كأن الشمس سقطت في حلقي و غدت تحرق جوفي”

اقتنص الكمان من على الجدار أتوسط الحانة وأبدأ بالعزف ناصباً أرجوحة بين بوين و وأمتسردام ناحراً النوتات الساقطة فوق الأرضية فيتناثر الغبار مشكلاً سحابةً كبيرة فوق رأسي المنتشي

صوت نعل من بعيد..خطواتٌ توافق المعزوفة..رقصةٌ عفوياً ، و رائحة التوليب المتفتح حديثاً مع نفحات” Dior J’Adore” تفوح في كل الأركان وفتاة عشرينية قصيرة القامة متناسقة القوام
ترتدي معطفاً قرمزي اللون وحذاءٍ بكعبٍ عالٍ تقترب مني
تبتسم بطريقةٍ تدفع قلبي للارتطام بقفصي الصدري

– مابكَ عزيزي تنظر هكذا، لا تقل إني قد تأخرتُ عن موعدنا مجدداً أنت من يأتي مبكراً دوماً ، أنظر حتى أنك لاترتدي ساعة في معصمك لتدركَ ذلك ، هيا بما أنكَ توقفت عن العزف ألن تدعوني للرقص عزيزي ..

-من قال لكِ ياصغيرتي إن سأفوت عليَّ عناق الملائكة

تنسل أصابعي وتداعب خصركِ النحيل وذراعيكِ تتشبث بعنقي خطوتين لليمين و واحدةً للخلف ثم أستدارة
..هاهي ذا المدينة تخلقُ من جديد. 

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
كيف اصلح علاقتي مع الله
التالي
هل الاستمناء ممنوع؟

اترك تعليقاً