مقالات ونصوص متنوعة

الأيام سرقت مني أختي ؛

#الأيام_سرقت_مني_أختي

الشيء الوحيد الذي أذكرهُ هو أننا كُنّا متوجهتينِ إلى (السوبر ماركت) وسط بعض الأحاديثِ والفكاهات،  بعد أن خططنا لتفاصيلِ هذا اليوم بدقة، ثم ذهبنا متحمستينِ لشراء مستلزماتِ يوم مولدها الذي باتت تنتظرهُ منذ السنة الماضية، كان الطريقُ طويلاً بعضَ الشيء، أحضرنا حاجياتنا واتجهنا نحو طريق العودة.

 وأذكُر أيضًا صوت الزُمور القويّ الذي جعلني ألتفتُ لأرى ما الخطب !!
ولكن بلحظةٍ واحدة قُذِفتُ عدةَ أمتارٍ أنا وما أحمل بيدي، لأستيقظَ على يدٍ تضغط على منطقةِ تحت اللسان بقوة فنهضتُ لأستعيدَ آخر ما حصل، أنا هنا بالمستشفى، تركني الطبيب وذهب، وأوّل ما تواردَ لذهني هو أختي، فوثبتُ لأبحثَ عن أختي بلا وعي، سرير تلو سرير، السرعة التي كنتُ فيها حتى أنا لم أدركها حتى وصلتُ إلى سريرٍ أسدلُ على وجهِ صاحبه الغطاء قلبي قد ارتعش، ودمعتي بدأت تدق الأبواب؛ شيء ما انتفضَ بداخلي تقدمتُ ببطىء، تثاقلتْ خُطواتي، خطوة للأمام ومئةَ خطوةٍ للوراء، الخوفُ بدأ يسيطرُ على أعصابي ويتملكني، يدايَ ترتجفان، ولساني يتلعثم، وأنا صامتة، ألفُ شعورٍ في الثانية، عقلي يقول لي بأنها أختي وقلبي يكفر بكل ما يقوله عقلي، مسكتْ يدي الغطاء، وسقطَ من شدةِ الارتجاف، وما إن رفعتهُ حتى أيقنتُ بأنَّ مخاوفي قد تحققت.
وجدتُ وجه أختي ملطخٌ بالدماء، عيناها مغلقتان، وجهها بارد، شعرها مغبر كأنها ملاكٌ نائم، توقف الزمن بي ، لا لا استيقظي، هو مقلب من مقالبكِ صحيح؟؟!…
 بدأتُ أضحكُ بشكلٍ هستيريٍ كالسكارى، حتى بدأ استيعابي يعود بالتدريج، وضعتُ يدي حول وجهها الناعم، وبدأتُ أخاطبها وكأنها حية ترزق: أرجوكِ خذي من عمري وعيشي به، خذي قلبي ولأمُتْ أنا عوضاً عنكِ، لقد جلبنا الأغراض وأصدقائكِ في المنزل ينتظرونكِ.
أمكِ تحضرُ لكِ قالب الحلوى، وأباكِ جلب لكِ الهاتف الذي لطالما أردتِ امتلاكه، وأنا قد جلبتُ لكِ قميصاً بصورتكِ كما قلتِ تلك الليلة، لن أدعكِ هنا، انهضي لنعود للمنزلِ سويًا، وأنظفُ البيتَ عوضًا عنكِ، ولنسهر كما خططنا، أرجوكِ، لا أنا أصبحتُ باللاوعي ..
 الذنبُ ذنبي، ليتَ الموتُ سرقني، وترككِ أنت تعيشين، ليتني مِتُّ قبل أن أراكِ على هذا الحال.
 بدأوا يشدونني وأنا متربصةٌ بمكاني من غير حراك، لم تقدر قوة  على أخذي من أمامها، بدأت دموعي تنهمرُ بسرعة، عانقتها، قبلتها، أخذتُ قسطاً يكفيني من رائحتها.

إقرأ أيضا:تسريع الفايروفكس بدون برامج

لماذا رحلتِ ؟؟
عودي وخذي ما شئتِ من ملابسي بل كلها لكِ، عودي لنتقاسمَ قطعةَ الحلوى شطرًا لي وشطرًا لكِ، عودي لنضحكَ على أتفهِ الأسباب، عودي لأنكِ نصفي الآخر، ولأنكِ أختي المفضلة، ولأنكِ الصديقةُ الأولى والأخيرة مهما تعددت الصديقات، أنتِ ولا أحد يأخذُ مكانكِ قط، عودي واجلسي بيني وبين صديقتي واستمعي إلى أحاديث الكبار التي لا تناسبُ عمركِ، عودي و اسرقي من محفظتي المال وتحايلي علي بكوبِ عصيرٍ  غداً، عودي لأنَّ فراقكِ صعب، ولأنني اكتشفتُ أنكِ أغلى ما في الوجود، عودي واضحكيني في حزني، عودي و اضحكيني وانا أردعكِ عن فعل معين، لا تسمعي الكلام ولله لن أنزعج.
عودي لأن القلب لا يحتملُ بعدكِ؛ ولأن الموتَ أخذكِ منّي مبكرًا يا ربيع عمري الذي غدا خريفًا، يا شغفَ القلب علَّ الله يجمعنا في الجنة يا كلَّ حبي….
#رغد_دبنك

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
لوحة فنية، بأنامل: راما محمد شريباتي “فن الرسم”
التالي
لوحة فنية، بأنامل: رشا محمود مدور “فن الرسم”

اترك تعليقاً